أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   فائض القوة عند بوش وفائض اليقين عند الطالبان (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=17926)

radi 02-12-2001 02:12 PM

فائض القوة عند بوش وفائض اليقين عند الطالبان
 
فائض القوة عند بوش وفائض اليقين عند الطالبان
قانصو وجيه




خلال حملته لتشكيل ائتلاف دولي، وضع جورج بوش العالم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما مع حكومته في حربها ضد الارهاب، وإما مع الارهاب نفسه، اي: <<من ليس معنا فهو إرهابي>>. وعندما أعلنت طالبان الجهاد ومعها أسامة بن لادن، قسمت العالم كله الى معسكرين: معسكر كفر ومعسكر إيمان، أي: <<من ليس معنا فهو كافر>>.
كان خلف موقف بوش يقين نابع من فائض القوة لديه، وخلف موقف طالبان قوة نابعة من فائض اليقين بالحقيقة التي لا وطن لها الا أرض الامارة الاسلامية في أفغانستان. الخلفيات مختلفة والنتيجة واحدة:
فائض القوة يضيق وجود الكائن البشري ويخنق الميل الطبيعي للحياة لأن تتنوع وتتعدد، وفائض اليقين يسلب الارادة وحق الاختيار أمام حقائق منجزة وجاهزة.
فائض القوة ينتج القيم ويصنع الحق ويفرض المشروعية، اي يحول الامر الواقع الى حقيقة ذات قيمة في الباطن، وفائض اليقين يستمد من الغيب قوة ويجعل من الاعتقاد مصدر سلطة وأمر، اي يحول قيم الباطن الى أمر واقع في الخارج. بهذا يسعى كل طرف منهما لأن يحصل من عند الآخر ما يفتقده هو. فالقوة تسعى الى يقين يحصنها من انفجار عناصرها في الداخل، واليقين يسعى الى قوة تحقق له مساحة وجود وانتشار في الخارج تجنبه العدم والنهاية.
فائض القوة لا يرى في الآخر سوى عبوديته، وفائض اليقين لا يرى في الآخر سوى ضياعه وتشرده. خوف القوي من امكانات قوة محتملة عند الآخر يدفعه لأن يستعبده دائما او يلغيه، وخوف المتيقن من وجود صور يقين اخرى مختلفة خارج داره، يجعله يرى بيوت الآخرين مظلمة وموحشة. فكل منهما أي القوي والمتيقن يرى نفسه مركز العالم وقطب وجوده وأساس تماسكه، اي ان كليهما مشروع سلطة مطلقة وإيديولوجيا شاملة لحركة التاريخ ونهايته.
فائض القوة يجعل من العقل أداة تفكيك وإزالة لسحر العالم ونظام تنميط مبرمج لحركة الحياة، وفائض اليقين يجعل من العقل بهلواناً يحترف لعبة إظهار الحقيقة كنتيجة منطقية ودائمة لكل المقدمات. اي ان عقل القوة يعبث بالطبيعة والانسان وينتج شبكة سلطة معقدة تسطح معنى الحياة وتلغي كل الأعماق، وعقل اليقين يقنن الايمان ويركد توترات الروح ويلغي دوافع اكتشاف المجهول. كلا العقلين يتشابهان في آليات الاشتغال، فهما ينتجان أشكالا منتظمة لا مضمون خلفها سوى شكلها فقط، ويبدعان نظم قوانين صارمة هدفها تعميم الانصياع والطاعة. بين القوة واليقين، أصبحت حرية الانسان شريدة.

radi 03-12-2001 01:22 PM

للرفع


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.