إلى ولدي
 

ما أشبه اليوم بالبارحة .... وربما يأتي الغد كما الأمس ونحن نرى هذا الخذلان والذل العربي المشبوه ...

ما زال الحزن يخرسني ويشل لساني وقلمي ... وتذكرت ـ ونحن نعيش أحزان اقتلاع البراعم الغضة أمام أعيننا بهذه الوحشية التي لا يسكت عنها حتى الجماد ـ ... أقول تذكرت أنني لطالمابكيت بما رأيت من كثير صور وأذكر انني في الإنتفاضة الأولى رأيت أمَّاً تبكي بحرقة وحيدها ذي العشر أعوام عندما اغتالته يد الغدر وسمعت منها كلاما لم أتمالك نفسي لأكتب حينها بدموعي وبقلب أمٍّ ثكلى هذه الكلمات ... وأسوقها تذكيراً وتحذيراً من عواقب هذا التخاذل والصمت الذليل ... وما أشبه اليوم بالبارحة ..

يا عَينُ صُبِّي دَمْعَـكِ الغالِي الحزيـنْ

جُودِي بِمَــــا أخفيتِ فِي كلِّ الســنينْ

ثمَّ اطفِئي يا دَمْــعُ نورَهُمْـــا اللعيـنْ

كيف استطاعتْ أنْ ترى ولدي أمينْ

فِــــي جَـدْوَلٍ لدمائِــــهِ لا يَسْــــتَكينْ


يا أيُّهـا الناعي حبيبــــي مَنْ تكـــونْ

أوَلــمْ تفكِّــرُ أنَّنـــي أمٌّ حنــــونْ؟؟!!

ترجو وحيــداً كان للدربِ العيـــونْ

أوَلمْ تفكِّرُ في التشتُّتِ والجنـونْ؟؟!!

إنْ فارقتْ عيني وحيــــدي للمنونْ


فِي كلِّ إشـــراقٍ أقـــومُ لكــي أزورْ

وإليــكَ أمشــي حامـلاً تلك الزُهُـورْ

من كلِّ بُســــتانٍ قَطَفْتُ وكُلِّ نُــــورْ

لهْفَى ... وعيني للدمـوعِ ولمْ تحـورْ

حتَّى بكتْ مِن لهفتــي كلُّ الطيــــورْ


وإليــكَ يا ولــدي أتيتُ إلِى القُبـــورْ

ثكلى ونفســي لمْ يَعُـــدْ فيها حُضورْ

أَســـِقَيكَ يا وَلَـــدِي بدمـــعٍ لا يَغُـورْ

وأقبِّـــــلُ الجَدَثَ المُدرَّعَ بالصُخـورْ

كي يمنعوا عنِّي الزيـارةَ والمُـرورْ


يا ليتني ألقــــاكَ يا وَلَــــِدي الحبيبْ

يا ليتني أَلْقَـــى المنيَّــــةَ عَنْ قَـرِيبْ

ما كانَ في هذي الحيـاةِ سِوَاكَ طِيْبْ

والآنَ ما عَادَتْ سِــوى كَونٍ غَرِيبْ

قدْ غابَ عنــهُ النورَ ليتــــهُ لا يَغِيبْ


ما عادَ يُغرينـي الطعـــامُ ولا يطيبْ

ما عادَ في نفسي سـوى هذا النحيبْ

الحلـــوُ مُــــرٌّ يـا حبيبــــي أو لهيبْ

ما عادَ يَشْــفِيني الدواءُ ولا الطَبيبْ

ليتَ الهُـزَال يُرِيــحُ مِنْ قلبي الدَبِيْبْ


وإليـــكَ يا وَلَـِدي أَحِنُّ إلَى الرَحِيــلْ

عَنْ هذهِ الدُنيـــــا الكئيبـةِ للخليــــــلْ

قد كنتَ لي روحي وكنتَ بها السبيلْ

والآن بعدَ فِراقِــــكَ المُـــرَّ الطَوِيــلْ

يـا ليتني ألقـى المنيَّـــــةَ لا أُطيـــــلْ


أطوي قميصَكَ ياحبيبي فِي ذُهُــــولْ

وأُجَهِّزُ الإفْطَــــارَ والشـــايَ الثَقِيــلْ

وأُحَضِّرُ المصروفَ مِنْ مالي القليلْ

قمْ يا أميُن لموعــدِ الدرسِ الفضيــلْ

قمْ يا حبيبي ... أيُّها الطفلُ الجميـــلْ


وأضــمُّ ثوباً قانيــــاً مثـــــلَ الورودْ

وأعانــقُ اللِعَبَ التي تبكـي الشَـــهيدْ

فِي عَشْرِ أعْــوَامٍ جَعَلتَ العُمرَ عِيْــدْ

هذا صيــاحُكَ يا وحيـــدي كالنشيــدْ

فتعـــودُ للبيتِ الســـعادة من جديـــدْ


قتلوكَ يا وَلَـــدِي الوحيــد وفِي برودْ

قتلوكَ للحجــــرِ المُقَدَّسِ والصُمــودْ

قتلوكَ إرهابـاً ... وكَمْ قُتِــلَ الأُسُــوْدْ

قتلوكَ يا ولـــدي فلمْ يَفْنَ الوُجــــودْ

قتلوكَ للعمـــــرِ الجديــــدِ وللخِلُـــودْ


ســـأراكَ يا وَلَـــدِي بأزهـــارِ الربيــعْ

فِي صَرخَةِ الأبطالِ فِي الطفلِ الرَضِيعْ

في كلِّ طِفــــلٍ رَافِـضٍ ذُلَّ الخُضُــوعْ

مِنْ خَلْفِ قُضبانِ السُجُون وفي النُجُوعْ

فِي كلِّ أبطــــالِ الِحجَـــارةِ والنقيــــعْ


وعزائـي يا وَلَــدِي بأنَّكَ لا تَضِيـــــعْ

ما ضاعَ يوماً عِنـــدَهُ حُسْــنُ الصنيعْ

أدعوكَ يا مولايَ ... يا ربِّي السَــمِيعْ

سَدِّدْ خُطَي مَنْ أَدْمَنــوا العِــزَّ الرَفِيـعْ

فنسوا الوفاءَ وأَرْهَقُوا الطِفلَ الوَدِيـعْ

[ 15-05-2001: المشاركة عدلت بواسطة: سمير العمري ]

العزيز / سمير

بارك الله فيك يا أخي وكتَّر من أمثالك .. ليتني أستطيع أن أكتب فيما تكتبون فيه ..

أعدك أن أحاول ..

أخى سمير:
كل ما تكتبه جميل ويكفينا منه الأثر
الذى تتركه فى قلوبنا.
وأقول مثل ما قال اليتيم فأنا لا أمتلك
مقدرتك الشعرية وإن كان اليتيم يمتلكها
فقصائده تدل على مقدرته.
ولكن اسمح لى أن أساهم بما اختزنته الذاكرة
هذه الأبيات سجلتها من أحد أشرطة الأناشيد
ولا أعرف إسم الشاعر:
ضـجّ الأنين من الأنين ضاقت تباريح السنين
وأزورّ وجه الحق يخجل من نواح المسـلمين
فالشيخ ملّ الإنتظار على طوابير الطــحين
والأم تعصر ثديها خوفا على هذا الجــنين
والزوجة الثكلى ترقرق دمعها دمعا سـخين
قد حار فكر المصلحين وليس ثمـّة من معين
أموالهم يا أمتى ملأت لغير المــســلمين
ودماؤهم يا اخوتى سفكت بلا جرم مــــبين
جاء المنصـّر والمبشـّر لا يملّ ولا يليـــن
ويباع أطفال العقيدة فى المزاد بكل حين
ونظلّ ننظر لا نبالى أن نكون البائعـــين
والكافر المشؤوم يسعى أن يفوق المشترين
وتودّع الأم الرضيع إلى بلاد المــــلحدين
وتكفكف العبرات حرّى بين جمع الناظــرين
سأراك أو قد لا ترانى بعد موتى والأنيــن
فإذا رجعت إلى بلادك بعد كرات الســـنين
فاسأل ثرى قبرا ستعلم أنه قبر حــــزين
فاسكب عليه دموع برّ هاطلات بالحـــــنين
فالموعد الجنـّات ميعاد العبيد الصابرين.

مرحبا
ان ما كتبتة جميلا جدا
و اتمنى لك التوفيق
و في امانة الله
من خاتون :p :p :p

أخي الحبيب يتيم الشعر:

بل بارك الله في القلوب الأبية والسواعد الفتية القوية التي لا تهاب الموت ولا تقبل الذلة ...

ليصرخ كل منكم بما يستطيع ويجيد فلعل الله أن يتقبل ..

[ 16-05-2001: المشاركة عدلت بواسطة: سمير العمري ]

أخي الصمصام:

لا يجب أن نكون كلنا شعراء بل أن نكون كلنا إباء وفداء وكبرياء ...

وأخي يتيم الشعر إنما يتواضع في زمن يجب أن يقدم كل مرء نفسه وإمكاناته في سبيل قضية الأمة التي تخاذل عنها زعماؤها ....

أخي أو أختي خاتون:

ما كتيته ليس جميلاً ولا يبعث على الضحك ... ما كتبته يدمي العيون ويحرك الضمائر الحية لتقوم بواجبها تجاه شعب صامد يدافع عن شرف الأمة ومقدساتها ..

أشكر لك على أي حال وأرجو أن يكون الإهتمام بالمضمون وأن تنسوا الشاعر وشعره ...