طاقات المسلم المذخورة متى تظهر ـ د. توفيق الواعي.
طاقات المسلم المذخورة متى تظهر ـ د. توفيق الواعي.
http://www.almujtamaa-mag.com/detail...SectionI D=75 بقلم: د. توفيق الواعي. ـ مجلة المجتمع الإسلامية. في الإنسان طاقات مذخورة، وقوى مدخرة، تستطيع اكتشاف الكثير من الأشياء وعمل العديد من الأعاجيب، ولا يرى معظم الباحثين كيف تخلفت هذه الطاقات وتلك القوى عن الإنسان ولم تهب لمساعدته في الحقب السحيقة حتى ينهض من كبوته، ويرتفع من وهدته، كما لم ينتبه هو لذلك أو يعمل أحد على توجيهه إليها التوجيه الصحيح، حتى جاء الإسلام، ونزل الوحي بالتعاليم التي تشير إلى ذلك وتلفت الإنسان إلى ما فيه من ملكات وأسرار وطاقات، قال تعالى: { وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21) } [الذاريات]. ونسج هذا المعنى أحد المؤمنين العارفين من وحي دينه ورسالته فقال: دواؤك فيك وما تشعرُ ***** وداؤك منك وما تبصرُ. وتزعم أنك جِرم صغير ***** وفيك انطوى العالم الأكبرُ. وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى أن بعث الطاقات الذي يهم في التغيير الحقيقي للأفضل، ويساعد الإنسان على اكتشاف الكثير الكثير، يأتي بعد عون الله من ذات الإنسان نفسه ومن عمله هو، قال تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى" يغيروا ما بأنفسهم (الرعد:11) وقال سبحانه: { ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على" قوم حتى" يغيروا ما بأنفسهم }[الأنفال:52]. هذا هو القانون الإلهي لإرشاد الإنسان إلى ذاته والقانون الإنساني الذي يربطه بواقع الناموس الحياتي للكون الذي يعيش فيه، إذن فقد ربط الحق سبحانه فضله وإرادته في تغيير هذا الإنسان ومساعدته له، بعمله على تغيير ذاته، فما كان رب العزة يعطي الكسالى نصراً، أو يمنح العابثين فلاحاً { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين [86] }[آل عمران]. أما من أحسن عملاً وفتح للجد والعقل باباً، وللكفاح والكد والصبر قلباً، فإنه لابد أن يبلغ الآمال ويحقق الأماني. قال تعالى: { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا }[السجدة:24] وحث الحق سبحانه طلاب الفلاح على الصبر حتى يبلغوه، والتقوى والاستقامة حتى يرتقوا إليه، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا \صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون [200] } [آل عمران]. ورحم الله شوقي حين قال: وما استعصى على قوم منالٌ ***** إذا الإقدام كان لهم ركابا. وما نيل المطالب بالتمني ***** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. ثم قال: وليس الخلدُ مرتبةً تُلَقَّى ***** وتؤخذ من شفاهِ الجاهلينا. ولكن منتهى هممٍ كبارٍ ***** إذا ذهبت مصادرها بقينا. إذن فالعمل والكفاح وشحذ العزائم هي الخطوة الأولى في النجاح على الطريق الطويل، الذي ينبغي للناجحين أن يقطعوه، وهو السفينة التي يخاض بها عباب بحار ومحيطات الحوادث، لمن يريد تحقيق الآمال العراض، ولله در القائل: لأستسهلن الصعب أو إدرك المنى ***** فما انقادت الآمال إلا لصابر. نعم: فلا بلوغ لِلآمال إلا بالجهد والعرق والكفاح والكد، ومن قال بغير ذلك فهو واهم ومغيب عن فهم الحقائق. قال الشافعي رضي الله عنه: بقدر الكد تكتسب المعالي ***** ومن طلب العلا سهر الليالي. ومن رام العلا من غير كدٍّ ***** أضاع العمر في طلب المحال. وصدق الله العظيم: { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين [69] }[العنكبوت] فجاءت الهداية بعد الجهاد الطيب، والتضحية بالنفس والمال والوقت، لأن هذا الصنف المؤمن، لا يستحق أن يتصف بأخوة الإيمان والعقيدة إلا بعد إثبات جدارته، وقوة عزيمته، تبين ذلك آيات الكتاب العزيز وتؤصله فتقول: { إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض } [الأنفال:72] ؛ { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا}[الأنفال:74]. وأفضل ما يبعث الهمم ويبني الآمال ويزرع الغايات الكبار هو الإيمان الذي يعطي الإنسان القوة المذخورة، ويدفعه إلى الريادة المطلوبة، بتعاليم ووسائل، وخطوات ومناهج تستطيع بعث الموات فيه، وإحياء الهامد في أعماقه، وصدق الله: { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم }[الأنفال:24] ؛ { أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }[الأنعام:122]. إحياءه لِلعزائم الميتة والآمال المدفونة، والقوى الخامدة، إحياءه لِلعقول والأفهام، حتى تستطيع أن تقارع الهوان، وتجالد الباطل، وتغير من أدران الجاهلية وعاداتها، وتقدر على قيادة البشرية بالمنهج الصحيح، والأساليب العظيمة، والوسائل القيمة، وتفتح عقول البشرية على كل جهد بشري لتستفيد منه حتى يعطي المسلم ويأخذ من الخير، وتتعاون البشرية في الخير وعليه، و" الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها "، وشرع الله الحق هو الحكمة بأسمى معانيها، وصدق الله: { وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما [113] } [النساء]. فهذه هي تعاليم الإسلام التي أنقذت العالم من الجهالة، وانتشلته من الضلالة، فاستفادت البشرية منها في حضارتها الآنية، فهل سينقذ الإسلام المسلمين من وهدتهم؟، ما أظنه سيفعل ألا بسننه التي علمهم إياها وتعاليمه التي تلاها عليهم، فهل هم آخذون بها حتى تخرج طاقتهم المذخورة من مكمنها؟ نسأل الله ذلك .. آمين آمين. =============== انتهى النص. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نقلهُ راجي عفو ربهِ. أخوكم المُحب في الله تعالى / أبو محمد ؛ عساس بن عبد الله العساس. :) :) :) :) :) |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.