أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   مشاكل العراق الحاليه من وجهة نظر لبناني يفهم (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=35129)

شراب الهيل 16-09-2003 05:09 AM

مشاكل العراق الحاليه من وجهة نظر لبناني يفهم
 
كي لا اغرق في متاهة التعميم الجأ الى تحديد عدة اشكاليات عربية وعراقية هي بمثابة محك واختبار لعروبة العراق الجديد.
الاشكالية الاولى هي مجلس الحكم العراقي. يجب ان يكون واضحا للعرب ان التركيب الطائفي للمجلس لم يفرضه الاحتلال الاميركي، بقدر ما فرضته رغبة طوائف العراق واعراقه في ان يكون لها دور وصوت في حكم العراق، وفي تجنب تكرار استخدام العشيرة السنية او غيرها في المستقبل كأداة قمع جماعي. لقد اكد مجلس الحكم عروبته من خلال النداءات العاطفية التي وجهها للعرب جميعا للاعتراف بعروبته، وبدور عراقي فاعل، دور بلا عقد التهديد والاستفزاز والعدوان.
في معالجة الاشكالية الكردية، لا بد من التنويه بالموقف الكردي الجديد. كان وزير الخارجية الكردي هوشيار زيباري موفقا ورائعا في مخاطبة جامعة العرب «اللامبالية» بلسان وصوت العراق العربي. فعل هوشيار ذلك بتوجيه من مجلس الحكم. لكنه ايضا كان يعبر عن واقعية زعيمه مسعود البرزاني ونده المنافس جلال الطالباني. وكلاهما يتكلم بأفصح من «أعاجم» الاذاعات والتلفزيونات العربية.
برزاني وطالباني يبرهنان على استعداد كردي للتعايش مع عراق ذي غالبية عربية سنية وشيعية. وهما مندمجان بحرارة في اللعبة السياسية السلمية، من خلال عضويتهما في مجلس الحكم. واعتراف الاكراد بعروبة العراق لن يلغي الهوية والثقافة الكردية. ولا شك ان الدستور العراقي المنشود سينص صراحة على الحقوق الكردية.
ولعل اعتماد الديمقراطية اللامركزية هو الضامن لوحدة العراق الترابية اكثر من «فيدرالية الحكم الذاتي» التي يصر الاكراد عليها ويخشى العرب من ان تكون تمهيدا مرحليا لتقسيم العراق. لا بد لبرزاني وطالباني من اتخاذ قرار حاسم في ان يكون الانتماء الكردي لعراق موحد هو خيارا نهائيا وليس مؤقتا بانتظار الفرصة الاقليمية والدولية المؤاتية لاعلان الاستقلال. مع ذلك، فحكمة السنة والشيعة في الحرص على التعايش والوحدة الوطنية داخل مجلس الحكم وخارجه، سوف تقنع بامكانية بقاء العراق دولة موحدة لعربه واكراده.
الاشكالية الثالثة هي ضعف ثقافة الحرية في العالم العربي. ينعكس ذلك في غوغائية الاعلام التلفزيوني في «تجهيل» العرب بالحرية السياسية والاعلامية الجديدة في العراق، وفي الاصرار على تصوير ارهاب فلول صدام وتخريبها لشبكات المياه والكهرباء والنفط وكأنهما «مقاومة وطنية» للاحتلال! حرية الصحافة الحزبية المصرية والاردنية في قلب الحقائق العراقية والتهجم على مجلس الحكم وتصوير اعضائه كعملاء اميركيين، هذه الحرية اللامسؤولة واللاواعية قوميا تندرج ايضا في ثقافة العداء للحرية.
الاشكالية الرابعة هي رديف لاشكالية ضعف ثقافة الحرية. انها اشكالية رفض العقل العربي للتفاصيل. ما زالت النخب المثقفة غير مستعدة للتعرف على دقائق المواقف الدولية والاميركية تجاه العراق. وهي ما زالت في تنظيرها الصحافي والتلفزيوني مصرة على «سرقة» الاحتلال الاميركي للعراق، ونهب موارده النفطية. ليس دفاعا عن الاحتلال وعن اميركا القول ان دافع الضرائب الاميركي سيمول ميزانية الاعمال العراقية بعشرين مليار دولار في العام المقبل، وهي تعادل خمسة امثال الدعم المالي الذي تحصل عليه اسرائيل سنويا من اميركا.
لن يكون هناك تخصيص لنفط العراق وبيعه لشركات النفط الاميركية. لن يخرج العراق الجديد من الاوبك. لن يكون هناك اعتراف عراقي باسرائيل قبل السلام مع الفلسطينيين. الشركات الوطنية العراقية حصلت على 41 مشروعا من اصل 75 مشروعا تتولى شركة باكتل الاميركية تنفيذها في العراق. هناك مؤتمر في اكتوبر المقبل للدول المانحة التي ستساهم مع اميركا في تمويل اعمار العراق. هناك شركة اميركية تتولى اصلاح انابيب النفط التي تخربها «المقاومة الوطنية» حارمة «العراق من عشرين مليار دولار يحتاج الىها في السنة المقبلة من موارده الذاتية لتمويل اعماره».
اخيرا، هناك اشكالية الموقف العربي الرسمي. ففي تردده في الاعتراف بمجلس الحكم يساهم بلا وعي في تغريب العراق عن عروبته، وفي تجاهل عواطف العراقيين الرافضة لنظام صدام، لقد قبل العراقيون الاحتلال الاجنبي كسبيل كان الوحيد للتخلص من نظام لا اخلاقي ولا انساني في احكام الحفاظ على امنه، ورفضه المطلق لأي حوار سلمي مع شعبه كأساس للتطوير.

من مقال للأستاذ غسان الإمام في الشرق الأوسط


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.