أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله : أما بعد
فإن موضوع تعريب الطب هو موضوع المصير لأمة، وأهميته ترجع إلى النظر إلى الاعتبارات التالية، وهي التبعية العلمية من أمة لأخرى، وهذه التبعية مرتبطة كل الارتباط بالتبعية الفكرية والثقافية بل والسياسية والاقتصادية. الفرق بيننا وبين اليابان هو فارق بسيط جدا. وهو أننا منذ أن تطلعنا إلى علوم الغرب الحديثة حرصنا على الأخذ منها دون شرط أو قيد أو نظر لأي مفسدة أخرى، فكانت النتيجة أن الغرب لا يعطينا شيئا إلا ومعه قيود فكرية وثقافية واقتصادية تجعلنا دائما في الذيل الذي كلما تحدث وترقى كلما وقع في السيطرة العلمية والفكرية والسياسية والاقتصادية للغرب. أما اليابان فأخذت من الغرب بلا تبعية بل ومع وعي دائم أن هؤلاء أعداء يجب التحرر منهم يوما ما. أي إن الفرق بيننا وبينهم يمكن تلخيصه في كلمة واحدة: التبعية…… وأخطر مظاهر ووسائل هذه التبعية هي اللغة. فإن كان لك نظر في السياسة علمت أن الأمم تتصارع على اللغة كما يحصل في أوروبا بين فرنسا وإنجلترا وألمانيا. لعلم السياسيين أن الانتصار السياسي والاقتصادي والفكري من أهم قواعده الانتصار اللغوي.
وإن كان لك نظر في التاريخ ونظريات انتقال الحضارات لعلمت أن أول خطوة في سبيل نقل العلوم الإغريقية والسريانية إلى بلاد المسلمين كانت هي التعريب، وهذه سهلت عملية التطوير في العلوم المختلفة حتى أصبحت المدن الإسلامية منارات علمية، وسهلت دخول كثير من العرب في هذا المجال والاكتشاف والاختراع. وكذلك حصل في انتقال العلوم من المسلمين العرب إلى أوروبا إيطاليا وألمانيا وفرنسا في مطلع النهضة الأوروبية الحديثة، أما الآن فنحن إذا لم نقم بالتعريب فإن النتيجة لن تكون التطور والتحديث بنفس سرعة الغرب، بل تكون اللغة عائقا دائما وتضيع معها جهود كبيرة حتى يستطيع أن يتقنها كل عالم، وهذه الجهود لو استهلكت في نفس العلم لحصلت استفادة كبيرة ولزادت سرعة عملية التطوير والتحديث. بل ولاستطعنا أن نأتي بما لم يأت به الآخرون.
وحتى نستطيع أن ننظر إلى الموضوع بحق فيجب علينا أن ننظر إليه من كل جوانبه، فهذه هي النظرة السياسية والنظرة الفكرية والنظرة التاريخية. وتبقى النظرة العملية والطبية للأطباء وأهل التخصص في العلوم المختلفة. وأدعوك إلى أن تطلعنا عن إمكانية حدوث التغيير وأشكاله وخططه.
وقبل ذلك كله يجب أن ننظر نظرة دينية قرآنية إلى المسألة في ضوء قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}. وهي أننا يجب أن نقتبس ما ينفعنا دون أن نسير على الطريق المخالف للصراط المستقيم.
وفي التفسير : المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى.