شخصية بثلاثة آلاف
 

يكثر الحديث هذه الأيام في مجتمعاتنا العربية عن مخاطر الأفلام الكرتونية المنتجة في دولا أجنبية كأمريكا واليابان على أطفالنا ، وتأثير الشخصيات الكرتونيه أمثال البوكيمون وتوم وجيري وطرزان وغيرها على تفكير الأطفال الذين أصبحوا أكثر ولعا وتعلقا بها منذ قبل بسبب الترويج التجاري لها كملصقات على بعض أنواع الحلوى والبطاطس المفضلة لدى غالبية الأطفال ، حتى أصبحت هذه الشخصيات محور اهتمام وإعجاب الأطفال ويتبادلون ملصقاتها مع قرنائهم في المدارس .
فخطر هذه الشخصيات لم يقتصر على تعلق الأطفال بها وقضاء الأوقات الطويلة أمام شاشات التلفاز لمتابعتها وما يتبع ذلك من انشغالهم عن دراستهم والمخاطر الصحية الناجمة عن ذلك ، بل تجاوز الأمر إلى التأثير على عقائد الأطفال والتشكيك في معتقداتهم بشكل صريح لم يسبق له مثيل ، لعل أبرزها ما تناقلته الصحف عن انتشار ملصقات للبوكيمون تتعرض للذات الإلهية تعالى الله عن ما يقولون علوا كبيرا.
وأمام هذا الخطر العظيم ومع الأخذ بالاعتبار وجهات النظر المتعددة حول أثر الجرعات التربوية مقابل هذا الحضور المكثف لهذه الشخصيات والزخم الإعلامي الذي تحظى به فإن السؤال المطروح هل يمكن لمؤسساتنا الإعلامية الحكومية والخاصة إنتاج شخصيات تضاهي تلك الشخصيات العالمية تستمد من بيئتنا العربية وتتوافق مع معتقداتنا الدينية وثقافتنا الاجتماعية؟؟؟؟؟
إن واقع مؤسساتنا الإعلامية العربية لا يوحي بتبني إنتاج مثل هذه الشخصيات بسبب التكلفة العالية التي يتطلبها إنتاجها والتي لن تكون بمتناول المؤسسات الإعلامية الحكومية يقابل ذلك الجفاء الاجتماعي والسعي وراء الربح السريع الذي يسيطر على أهداف المؤسسات الإعلامية الخاصة فالملاحظ أن المؤسسات الإعلامية الخاصة ذات توجهات مادية بحتة ولا تراع فيما تقدمه خصوصية مجتمعاتنا العربية وما قد يترتب عليها من أثار سلبية على البناء الاجتماعي والثقافي لهذه المجتمعات.
هذه النظرة ليست نظرة تشاؤمية بل هي واقعية ، كما أنها لا تلغ بعض الجهود الفردية المحدودة لبعض الموئسات الإعلامية والتعليمية وهي قليلة جدا لعل أبرزها ما أعلن عنه في إحدى الصحف من طرح مسابقة لابتكار شخصيات وأشكال فنية مبتكرة تكون مقبولة دينيا واجتماعيا كبديل لتلك الشخصيات التي كثر الحديث عن آثارها السلبية على أطفالنا عقائديا وفكريا ، إلا أن المحزن في الأمر أن المبلغ المرصود كجائزة لصاحب هذا الابتكار هو ثلاثة آلاف …فقط لا غير.
ومن هنا يتضح البون الشاسع بين مؤسساتنا بني يعرب والمؤسسات الغربية فهم يرصدون المبالغ الطائلة التي تقدر بملايين الدولارات من أجل ترسيخ مفهوم معين أو طرح فكرة محددة للأطفال ، أما نحن فتفكيرنا ينحصر في ربح وقتي نجنيه من وراء ترويج منتجاتهم وتحقيق أهدافهم دون النظر إلى ما تحمله من مساوئ لمجتمعاتنا.
فهل نرى تحركا من مؤسساتنا الإعلامية الخاصة التي هي أقدر ماديا في تحقيق ذلك والتي تزيد أتساعا وانتشارا يوما بعد يوم لانتاج مثل هذه الشحصيات لتحقق حضورا مميزا فعلا وعائدا ماديا واعدا وإن كان على المدى البعيد وتكفر عن بعض أخطاءها في حق مجتمعاتنا العربية عموما صغارا وكبارا ؟؟؟؟؟؟؟؟
هذه بعض جوانب هذا الموضوع وهو مطروح للنقاش لتغطية جوانبه الأخرى.