أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   صراع من أجل التسليم للإيمان .. جفرى لانج .. ( 20 ) .. يتبع (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=54910)

أبو إيهاب 13-06-2006 01:01 PM

صراع من أجل التسليم للإيمان .. جفرى لانج .. ( 20 ) .. يتبع
 
( 20 )
صراع من أجل التسليم للإيمان
Struggling to Surrender Dedication
بقلم جفرى لانج
الفصل الثالث
رسول الله


بالنسبة "لعلم الحديث الشريف" ، فنحن نمتلك معلومات وافرة ومفصلة بخصوص تطور هذا العلم ، خصوصا عن الأسباب وطرق إختيار المعلومات التى تشكل الشريعة . وكما هو منصوص فى "أكسوفورد الجديد" ، كتذييل للعهد القديم بأنه قد "حرف" ، أما العهد الجديد "الإنجيل" فله وضع آخر سنبينه :::
لماذا ، كيف ، ومتى ... جمعت الكتب الحالية للأناجيل فى مجموعة واحدة ؟؟؟ هذه أسئلة يصعب الإجابة عليها وذلك لقلة المعلومات الصحيحة . هذا يبرز اختلاف أساسى بين الشريعتين ، فشريعة الأحاديث النبوية ، فى القرن الثالث الهجرى كانت نتيجة تحقيق علمى منظم ودقيق ، بينما الفحص المقارن للأناجيل لم يبدأ إلا بعد 150 عاما بعد جمعه .
ومع هذا ، فقد بحث المستشرقين فى مدى صحة هذه الأحاديث ، وهذا ما سنفصله قريبا . كذلك ، فمحتويات وشكل هذين الجمعين مختلفين تماما .
يمكن أن نقسم الإنجيل إلى قسمين متمايزين : الإنجيل والرسائل . الرسائل الإنجيلية قد كتبت بواسطة معلمين من الكنيسة النصرانية المبكرة ، للتزويد بالمعلومات والحض على تنشئة المجتمعات ، وفى بعض الأحيان تكون موجهة لأفراد . كما أن الرسائل هى الأخرى تنقسم إلى قسمين رئيسيين : الرسائل المنسوبة إلى بولس والرسائل المنسوبة إلى آخرين . و من المعلوم الآن أن الرسائل المنسوبة لبولس ليست كلها من تحريره بل الغالبية منها ، وهناك البعض الذى حدث بها التعديل من كتبة أخر . رسائل بولس من المحتمل أنها هى من أوائل الرسائل الديانة النصرانية أو ما يسمى بالعهد الجديد ، حيث أن رسائله ورسائل أخرى كانت قد سبقت الأناجيل . الرسائل تحتوى بشكل عام على حفنة من أقوال منسوبة للسيد المسيح ، والنذر اليسير عن حياته . على كل ، فالنقاط الهامة فى العقيدة النصرانية ، كالصلب ، وبعثه بعد الصلب ، وتفويضه للتكفير ، والشريعة الجديدة التى حلت مكان الشريعة الإبراهيمية فهى كذلك موجودة فيها .
الأناجيل الأربعة من العهد الجديد ، كتبت فى الثلث الأخير من القرن الأول الميلادى ، فقد نسبت إلى أسماء مستعارة "متى ، مرقس ، لوقا ، يوحنا" ، وأسماء مؤلفيهم الحقيقيين غير معروفة . إنجيل مرقس حرر تقريبا عام 70 بعد الميلاد ، ويعتبر أقدم الأناجيل ، ويعتقد أن انجيلى منى ولوقا يعتمدان فى الغالب على هذا الإنجيل . وليس هناك مصدرا لأقوال السيد المسيح يمكن أن يطلق عليه مثلا "المصدر - ك Q - Source" . الأناجيل الثلاثة الآول ، نظرا لوجود تشابه بينها فلذلك يطلق عليها الأناجيل "Synoptic" ، أى متشابهة النظرة "من الكلمة الإغريقية Synopsis" .
أما الإنجيل "الباطنى" ليوحنا ، فهو يضع تأكيدات ورموز وألغاز عميقة تختلف عن الأناجيل الأخرى ، ومن الممكن القول ، بأن هذا الإنجيل هو الأكثر شعبية عند النصارى عن البقية . الناحية الأدبية للأناجيل تعتبر متعلقة بالسيرة وتركز على فترة قصيرة فى أواخر حياة السيد المسيح ووصاياه لأتباعه . كتب العهد الجديد ، حررت باللغة الإغريقية المعروفة فى ذلك الوقت ، والتى كانت متداولة بواسطة شعوب الإمبراطورية الرومانية وهم الذين كانوا مجال التبشير للنصارى .
الشريعة المستمدة من كتب الأحاديث النبوية ، مبوبة حسب الموضوعات ، ولهذا فهى تشبه كثيرا ، "إنجيل توماس" الذى أكتشف حديثا والذى يحتوى على أقوال سيدنا عيسى عليه السلام مع أقل القليل من المقدمات .
لم ترتب الأحاديث زمنيا ، ولا تحتوى على تعليقات من مؤلفى كتب الأحاديث موجهة للمسلمين ، بالرغم من أن هناك بعض التوجيهات تستشف من العنونة والإختيار والترتيب للأحاديث . الكتب الستة للأحاديث فيها كثير من العقائد المشتركة بينها ، ولهذا قوبلت بالقبول من السلف نتيجة المقاييس الدقيقة فى قبولها .
وهناك اختلاف جوهرى فى كتابة النصوص ، فلغة الأحاديث النبوية هى اللغة العربية ، وهى لغة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، بينما بالنسبة للأناجيل ، فكل المتخصصين يجمعون أنها كتبت باللغة ... الإغريقية ... وهى لغة لم يتكلم بها سيدنا عيسى ، فقد كانت لغته هى الآرامية ، وتعاليمه كانت بالآرامية ، لغة أهل فلسطين فى ذلك الوقت . هذا الإختلاف بين لغة الكلام ولغة التحرير تقتضى ترجمة الأناجيل والرسائل من ثقافة إلى ثقافة أخرى .
الخلاصة ، أن أدب الحديث بالنسبة للكتب الستة ، يختلف جذريا عن أدب الأناجيل ، من ناحية الكتابة ، والتجميع ، والدراسة ، والإستخدام . هذا هو الوضع ، ومن العبث أن يمتد شكنا للسنة بناء على شكنا فى الأناجيل . على كل حال ، هذا مايحدث بالنسبة للمسلمين الجدد خصوصا هؤلاء الذين أتوا بإرث دينى سابق غير إسلامى من الشك من النصارى ، وهو يعتقد فى صحة هذا وعدم صحة ذلك بناء على هذا الإرث ويطبقه على ما يسمعه من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم وعلى أدب السيرة .
التوقعات :
بالنسبة لجيلى ، فى أواخر الستينات وأوائل السبعينات "من القرن المنصرم" كانت هذه الأيام تعتبر أيام السلام والحب . كان الشباب يطيلون شعورهم ويلبسون الثياب الرثة وكانوا شعثى اللحى ويمشون حفاة . فى اعتقادى أن هذه لم تكن مجرد صدفة بسيطة أن نتشبه بالمسيح بالصورة التى نشأنا عليها - الصورة التى نراها فى كتب الصلاة ، وفى الرسومات ، والأيقونات ، والنوافذ الزجاجية الملونة وفى الأفلام . ولو كنت ممن يتعاطون المخدرات فقد تصل إلى هذه الصورة الكليلة . هؤلاء الذين يمثلون هذه الصورة كانوا يعرفوا "بشواذ عيسى Jesus Freaks" ، بالرغم من أن هؤلاء لا يهتمون بالدين .
ومع ذلك ، فأنا أشعر بأن شيئا من هالة المسيح كانت هناك تؤثر حتى على غير المتدينين ، ليس فقط فيما يظهر به الشباب ، بل فى النداء إلى السلام والحب والدعوة إلى عالم جديد . كان عيسى بالنسبة لهم إيجابا وسلبا : المدافع عن الضعفاء والمظلومين (خصوصا النساء) ، يُدين نفاق المؤسسة ، متحاملا على ما تقوم به من اضطهاد ، وفى النهاية رافضا الإنتقام .
هناك هذه الأيام إعتراض على أن هذا كان هو المفهوم تاريخيا ، ولكن لمدة ألفى سنة كان كذلك فى نظر النصارى . وفى العيون الغربية ، على الأقل ، كانت تعاليمه هى الأكثر جاذبية والصورة الأكثر تعاطفا فى التاريخ - ليس فقط لأنه كان قائدا كبيرا ، وسياسيا محنكا ، وخطيبا ، ولكن لأنه أحب وعفى كما لم يحدث من الأشخاص الآخرون .
صورته من الصعب أن تقارن ، وبالنسبة للمسلمين ، ليس هناك حاجة للمحاولة فالقرآن يطلب من المؤمنين أن يقولوا :
............ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ .......... {285} سورة البقرة
فجوهر القرآن الكريم ليس بين الرسل ، ولكن بين حاجة الرجل ليسلم نفسه لله وحده .
إذا كان هذا هو نهاية المطاف ، فالمتحولون للإسلام المتوقعون يجدون أن هذه نقطة إيجابية فى جانب الإسلام . ولكن هذا ليس هذا هو النهاية . أعنى من هذا أن المرء يجب عليه أن يصحح مفاهيمه السابقة عن السيرة الذاتية والتقاليد التى دفعت النبى عليه الصلاة والسلام ليأمر بقتل الشعراء الذين هجوه ، وسماحه بقتل الرجال من بنى قريظة ، واستعباد الأحياء منهم ، زاوجه من بنت رئيس القبيلة التى حاربها وانتصر عليها ، الضغط على النساء بالتصدق بمجوهراتهن وتذكيرهن بأنهن أكثر أهل النار .
وغنى عن القول بأن هناك الكثير من هذه السير موجودة فى المصادر الغربية . وكمثال فتقييم "وات Watt" فى نهاية كتابه "محمد : النبى ورجل الدولة" يتضمن التصورات التالية التى تتقارب مع مشاعر المسلمين :
(ومن ضمن القصص العديدة وبعضها على الأقل يستحق التصديق ، فأرملة ابن عمه جعفر ابن أبى طالب ، روت لحفيدتها ، كيف عليه السلام استقبل نبأ وفاة جعفر . قالت لها : لقد كنت مشغولة بأعمال البيت فى صباح يوم ، وأنا أقوم بدبغ أرعين جلدا وأعجن العجين ، فإذا بالرسول ينادى . جمعت أولادى الثلاث ، وغسلت وجوههم ودهنتهم ، وعندما دخل رسول الله سأل عنهم . فأحضرتهم له ، فاحتضنهم وشمهم كما تفعل الأم برضيعها ، وإذا بعينيه تفيض من الدموع وانفجر باكيا . سألته ، "هل سمعت شيئا عن جعفر ؟" ، فقال لها لقد قتل . وأمر بعض المسلمين بإعداد طعام لنا قائلا "إنهم مشغولون ليفكروا فى أنفسهم" ... وهذا يدل على حبه للأطفال وعلى رفقه بهم . ربما كان هذا الحنان لفقده أطفاله وهم صغار ! ويؤكد عاطفة الأبوة هذه تبنيه لزيد بن حارثة . كذلك كان مرتبطا بابن عمه الصغير على ، عمه أبو طالب الذى رعاه فى صغره ، وكان على علم بأن على لن يكون سياسيا ناجحا . وكانت له عليه السلام حفيدة اسمها أمامة ، كان يحملها فى صلاته ، ويضعها أثناء الركوع أو السجود ، ثم يحملها من جديد بعد الإنتهاء منها . وفى إحدى المرات عرض أمام زوجاته عقدا قائلا أنه سيعطيه لأقرب واحدة منه ، فتتطلعن كلهن لتأخذ العقد ، ولكنه أعطاه لأمامة .
وكان يحب أن يشارك الأطفال ألعابهم ، وكان له أصدقاء منهم . وكان يمازح بعض الأطفال الذين عادوا حديثا من الحبشة ويتكلمون الحبشية . وفى أحد المنازل بالمدينة كان هناك طفل يحب أن يمازحه ، وفى يوم وجده حزينا ، فسأله عن السبب . فقال له أن العندليب قد مات ، فأخذ يروح عنه . وقد امتدت رحمته حتى للحيوانات ، وهذه صفة مميزة بالنسبة لعصره ، تدل على تفاعله مع الكائنات التى هى جزء من العالم . وحينما خرج الجيش لفتح مكة ، مروا على مكان به كلبة وجراء صغيرة ، فأمر عليه السلام بألا يثيروهم ، ولم يكتف بهذا الأمر بل خصص جنديا لمراقبة التنفيذ . هذه لمحات مهمة عن شخصيته عليه السلام ، وتلقى الضوء على تصرفاته مع المسلمين فى الأمور العامة . لقد اكتسب احترام وحب أتباعه ليس فقط من الناحية الدينية ، بل من الخصائص من الشجاعة والتصميم والنزاهة والحزم المغلف بالكرم . بالإضافة إلى ذلك ، فقد كان سحر أسلوبه سببا فى ولاء تابعيه وحبهم له) .
ولكن يصعب القول بأن الصورة لرسول الله المستقاة من الأحاديث وكتب السيرة ، هى أكثر إغراء من صورة سيدنا عيسى التى فى الإنجيل . وبالتأكيد فإن البحث عن الله سبحانه وتعالى يحتاج إلى أكثر من المنافسة بين الشخصيات ، فقد تكون هذه الصفات غير مجسدة من الناحية التاريخية .
دفاع الكتاب من المسلمين المقنع عبر السنين عن كثير من الأحداث ، جعل الكتاب الغربيين يعيدون تقييم ما ذكره المستشرقون القدامى عن حياة النبى . وقد أوضح الكتاب المسلمون بأن هؤلاء المستشرقين قد على أقاويل باطلة لا يعتمد عليها ، وتركوا الأحداث الموثقة التى لا تتفق مع هواهم . وكمثال مما ذكر أعلاه وسنقوم بمناقشته فيما بعد معتمدين سياقا مخالفا لما ذكر ، هو عن أمره عليه الصلاة والسلام بقتل ستة شعراء كانوا يهجونه . يقول "على" بأن أربعة من هذه الحالات تعتمد على التقاليد بأن الثقافة الإسلامية تعتبر إما ضعيفة أو موضوعة ، أما الحالتين الأخريين ، فقد كانتا تمثل خيانة عظمى لأنهما أرتكبتا أثناء حرب مشتعلة بالمدينة .
بهذه الأمثلة فقد استطاع المسلمين المدافعين أن يناقشوا المستشرقين القدماء بأنهم استغلوا مصادر إسلامية ضعيفة حينما كانت تؤيد غرضهم ، وأهملوا مصادر أخرى يعتبرها المسلمون موثقة ، حينما كانت ضد أغراضهم الخبيثة . هذه المواقف والسلوكيات ، جعلت المسلمين ينظرون إلى هؤلاء المستشرقين بأنهم أعداء للإسلام . ثقافة الإستشراق الحديثة ، أصبحت أكثر موضوعية ، بالرغم من أن المسلمين ما زالوا ينظرون إليها بالشك والريبة .




يتبع
الحلقة التالية رقم ( 21 ) قد تتأخر بعض الوقت لظروف خاصة لن تطول بإذن الله

أبو إيهاب 07-07-2006 10:26 AM

لمزيد من القراء


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.