و الآن أقراء...مذكرات هتلر و فتاوى ابن تيمية
 

قبل عدة سنوات قامت ضجة كبيرة في العالم حين أعلن وقتها عن اكتشاف مذكرات الزعيم النازي هتلر،وقد قامت منافسة شديدة بين دور النشر حول شراء حقوق النشر بعد أن تأكدت من صحتها وفازت في النهاية (ديرشبيغل) الألمانية التي قامت بنشرها على حلقات، ولكن بعد مدة من النشر اكتشف أحد خبراء الوثائق أنها مزورة وافتضح أمر مزورها، ألان ما المغزى من موضوع المذكرات وربطها بفتاوى ابن تيمية .

تصور أن شخصا وهو صحفي ألماني محترف قام بتزوير مذكرات زعيم عالمي مثل هتلر
رحل عن دنيانا منذ 55عاما فقط وينجح في خداع كبار الخبراء في مجال الوثائق الذين استعانوا بأحدث تكنولوجيا متوفرة،رغم انه لينجح في ذلك مطلوب منه مراعاة العوامل الآتية:

1-الدقة الشديدة في سرد الأحداث لأننا أمام مذكرات أحداث يومية و أي غلط في ذكر أي معلومة مثل (استقبلت في اليوم ألفلاني فلان وحضر الاجتماع المسؤول ألفلاني) لو تناقضت هذه المعلومة مع ما ورد في الصحف أو السجلات الرسمية أو مذكرات أحد الأشخاص الواردة أسمائهم في سياق الموضوع فسيثير الشك في صحتها.
2- الدقة فاختيار نوع الورق والحبر والتجليد الخاص بالمذكرات ليتناسب مع ما هو مستخدم في تلك الفترة مع استخدام أساليب معينة لتعتيقها مراعاة للعوامل الزمنية.

نجح فخداع كل هؤلاء الخبراء والمؤرخين الذين تم حشدهم للتأكد من صحة مذكرات رحل عن عالمنا منذ نصف قرن ثم يطلب منا أن نصدق كتابات منقولة عن مخطوطات عن مخطوطات عن مخطوطات عن مرويات عن فلان عن فلان إلى آخر سلسلة العنعنة ثم من خلالها يتم التحكم في معتقدات وعبادات بل و أرواح مئات الملايين من البشر من دون أي دليل حقيقي قاطع بصحتها. فضلا عن شخص مثل ابن تيمية لا يتنزل علية الوحي
وبالنسبة للمسلم(الحقيقي) كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر(محمد صلى الله علية وسلم) كما روي عن ابن عباس (ر).

الأخ فوجي

وضح المقصود من مقالك هذا لأنني لا أرى فيه إلا محاولة للتشكيك في صحة هذا الدين الذي نقل إلينا -كما تعلم- بالعنعنة وهي من أوثق وسائل النقل التي عرفها تاريخ العلوم والحضارات قاطبة.

ولماذا اخترت شيخ الإسلام ابن تيمية؟ ألم تكن الأحاديث في البخاري ومسلم وصلتنا عن طريق العنعنة؟

فإن كنت ترمي إلى ما أظنك ترمي إليه فالرجاء توضيح الأمر لأنني أخشى أن يكون مرماك ما يرمي إليه كثير من المستشرقين في حربهم للإسلام وذويه.

أما إن كان انتقادك للمخطوطات فاعلم أن هناك علماء ثقات عدول يحققون كل المخطوطات التي وصلت إلينا من علوم الدين وليس للخبراء الألمان الذين تمكنوا من اكتشاف التزوير أي فضل على محققي المسلمين الأفاضل.

وبالنهاية فإن شيخ الإسلام بشر وكما قلت يؤخذ منه ويرد، وهو صاحب رأي واجتهاد، فإن رأيت في رأيه الدليل المناصر فخذ به وإلا فدعه، ولكننا لا نشكك بصحة ما وصلنا عنه كما تفعل -هداك الله.

وربما كان الأولى وضع موضوع كهذا في الإسلامية والله أعلم.

مراقب السياسية