أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة المفتوحة (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=7)
-   -   د.الأهدل: سبب الجريمة (14) أثر الإيمان بعلم الله المحيط.. (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=36657)

المناصر 27-11-2003 01:17 AM

د.الأهدل: سبب الجريمة (14) أثر الإيمان بعلم الله المحيط..
 
سبب الجريمة.. الحلقة (14)

أثر الإيمان بعلم الله في فعل الطاعة وترك المعصية..

ونخصُّ هنا أثر إيمان العبد بعلم الله المحيط بكل شيء الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وما يحدثه هذا من خوف الله وخشيته التي تجعله يلتزم بالطاعة والخير، ويبتعد عن المعصية والشر في كل حال من أحواله.

إن من أول ما يدخل في الإيمان بالله سبحانه وتعالى:
الإيمان بأسمائه وصفاته التي تملأ قلب المؤمن عبودية لربه وحباً شديداً له، وتزيده تقرباً إلى مولاه، لما تحدثه من أثر عظيم في نفسه من حب لله رغبة في فضله ورحمته وجوده وإحسانه، وخوف منه وهرب من سخطه وغضبه وعقابه.

ومن صفات الله العظيمة التي تدفع المؤمن إلى طاعة الله والبعد عن معصيته، علمه بأن الله سبحانه وتعالى قد أحاط بكل شيء علماً، لأنه إذا علم ذلك حق العلم، أقدم على الطاعة وجدَّ في طلبها وابتعد عن المعصية وشمَّر في الهرب منها، طلباً لمرضاة الله وهرباً من سخطه؛ لأنه لا تخفي على الله منه خافيه.

ولهذا كثر في كتاب الله تعالى ذكر علمه المحيط بكل شيء في سياق أمره تعالى بطاعته ونهيه عن معصيته، ترغيباً في الطاعة وترهيباً من المعصية..

كما قال تعالى: (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) [قّ:16-18].

فخالق الإنسان لا يخفي عليه شيء من خلجات نفسه، ومع ذلك كلف الله ملائكته أن يسجلوا كل ما يأتي ويذر..

فإذا آمن الإنسان بذلك راقب مَن علمُه محيطٌ بكل حركاته وسكناته وما يكنه قلبه من خير أو شر.

وقال تعالى: (( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِح )) [البقرة:220].

في الآية دعوة إلى معاملة اليتيم في حقوقه معاملة الإصلاح، وتهديد بعلم الله المحيط بكل شيء، لمن أفسد حقوق اليتيم، كما أن فيه ترغيباً لمن أصلح حقوقه.

والذي يتيقن أن الله مطلع على ما يفعل، لا يجرؤ على التصرف في مال اليتيم إلا بما فيه صلاحه.

وقال تعالى: (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) [الأنعام:59-60].

ذكَّر سبحانه عباده بأنهم عائدون إليه، وأنه سيخبرهم بكل ما عملوا في الدنيا على أساس علمه المحيط بكل شيء، وليس المراد مجرد إخبارهم بذلك، وإنما المراد أنه تعالى سيجازيهم على عملهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر..

وفي ذلك تهديد شديد لمن أقدم على معصية الله تعالى، ولاشك أن المؤمن بعلمه المحيط يخاف أن ترك طاعة أو يقدم على معصية لعلمه بأن الله مطلع على كل أعماله يجازيه عليها..

ومثل هذه الآية قوله تعالى: (( وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ )) [الأنعام:3].

وعلم الله تعالى شامل لما يمكن للبشر العلم به وما لا يمكنهم ذلك وشمول علمه كشمول خلقه وملكه وقدرته سبحانه..

كما قال تعالى (( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ )) [الأنعام:73].

وقال تعالى: (( قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ )) [آل عمران:29-30].

وقال تعالى: (( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )) [الملك:13-14].

وقال تعالى: (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )) [الطلاق:12].

وإنه لفرق بعيد بين من يؤمن بالله وبعلمه المحيط بكل شيء، ومن لا يقدر الله حق قدره، فيظن أن الله لا يعلم ما يخفيه عن الناس..

فالأول يحرص على طاعته ورضاه ويبتعد عن معصيته وسخطه..

والثاني لا يبالي أطاع أم عصى، لعدم إيمانه برقيب لا يفارقه..

قال تعالى عن الصنف الأول، ممثلا في أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، مبيناً شدة تمسكه بطاعة الله وبعده عن معصيته وحرصه على خلوص ذريته من أدران الشرك والمعاصي، لعلمه عليه السلام بإحاطة علم الله بما ظهر وما بطن..

(( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفي عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ )) [إبراهيم:35-38].

وقال تعالى عن الصنف الثاني، وهم أعداؤه الذين أوغلوا في عصيانه لظنهم أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون..

((وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إذا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) [فصلت:19-23].

وإنما كان الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء قائداً إلى الطاعة مانعاً من المعصية؛ لأنه يثمر الطمع في رضا الله وثوابه، والخشية من سخطه وعقابه..

موقع الروضة الإسلامي..
http://216.7.163.121/r.php?show=home...enu&sub0=start


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.