![]() |
النظر في أدلّة القائلين بالغسل وهم اخواننا السنة والجماعة
ننتقل الآن إلى دليل القائلين بالغسل من أهل السنّة .
أمّا من الكتاب، فليس عندهم دليل . قالوا : نستدلّ بالسنّة، فما هو دليلهم ؟ إنّ المتتبع لكتب القوم لا يجد دليلاً على القول بالغسل إلاّ دليلين : الأوّل : ما اشتمل من ألفاظ الحديث عندهم على جملة : « ويل للأعقاب من النار »، وسأقرأ نصّ الحديث، فهم يستدلّون بهذا الحديث على وجوب الغسل دون المسح . الثاني : ما يروونه في بيان كيفيّة وضوء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسأقرأ لكم بعض تلك الأحاديث . إذن، لا يدلّ على وجوب الغسل إلاّ ما ذكرت من الأحاديث : أوّلاً : ما اشتمل على « ويل للأعقاب من النار » . وثانياً : ما يحكي لنا كيفيّة وضوء رسول الله . ----------------------------------------------------------------------------- ( 38 ) لاحظوا كتبهم التي يستدلّون فيها بهذين القسمين من الأحاديث على وجوب الغسل، كلّهم يستدلّون، أحكام القرآن لابن العربي، فتح الباري، تفسير القرطبي، المبسوط، معالم التنزيل للبغوي، الكواكب الدراري في شرح البخاري، وغير هذه الكتب، تجدونهم يستدلّون بهذين القسمين من الحديث فقط على وجوب الغسل دون المسح، وعلينا حينئذ أنْ نحقق في هذين الخبرين . الاستدلال بحديث « ويل للأعقاب من النار » : والعمدة هي رواية : « ويل للأعقاب من النار »، وهي رواية عبدالله بن عمرو بن العاص، هذه الرواية موجودة في البخاري، وموجودة عند مسلم، فهي في الصحيحين، أقرأ لكم الحديث بالسند، ولاحظوا الفوارق في السند والمتن : قال البخاري : حدّثنا موسى، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف ابن ماهك، عن عبدالله بن عمرو قال : تخلّف النبي (صلى الله عليه وسلم)عنّا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا العصر ـ أي صلاة العصر ـ فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته : « ويل للأعقاب من النار، ويل للأعقاب من النار، ويل للأعقاب من النار » . مرّتين أو ثلاثاً كرّر هذه العبارة . -------------------------------------------------------------------------------- ( 39 ) هذا الحديث في البخاري بشرح ابن حجر العسقلاني(1). وأمّا مسلم فلاحظوا : حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا جرير وحدّثنا إسحاق أخبرنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبدالله بن عمرو قال : رجعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)من مكّة إلى المدينة ـ هذه السفرة كانت من مكّة إلى المدينة ـ حتّى إذا كنّا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر، فتوضّؤوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء [ وهذه القطعة من الحديث غير موجودة عند البخاري، وهي المهم ومحل الشاهد هذه القطعة ]فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء، فقال رسول الله : « ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء »(2) . مناقشة الاستدلال بحديث « ويل للأعقاب من النار » : نقول : عندما نريد أن نحقّق في هذا الموضوع ـ ولنا الحقّ أنْ نحقق ـ فأوّلاً نبحث عن حال هذين السندين وفيهما من تكلّم فيه، ____________ (1) فتح الباري في شرح البخاري 1 / 213 . (2) شرح النووي على صحيح مسلم 2 / 128، هامش ارشاد الساري . -------------------------------------------------------------------------------- ( 40 ) لكنّا نغضّ النظر عن البحث السندي، لأنّ أكثر القوم على صحّة الكتابين . إذن، ننتقل إلى البحث عن فقه هذا الحديث : لاحظوا في صحيح البخاري : فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته « ويل للأعقاب من النار، ويل للأعقاب من النار » لكنْ لابدّ وأنْ يكون الكلام متعلّقاً بأمر متقدّم، رسول الله يقول : « ويل للأعقاب من النار » وليس قبل هذه الجملة ذكر للأعقاب، هذا غير صحيح . أمّا في لفظ مسلم : فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء فقال : « ويل للأعقاب من النار » وهذا هو اللفظ الصحيح . إذن، من هذا الحديث يظهر أنّ أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يغسلوا أرجلهم في الوضوء، وإنّما مسحوا، لكنّهم لمّا مسحوا لم يمسحوا كلّ ظهر القدم وبقيت الأعقاب لم يمسّها الماء، فاعترض عليهم رسول الله، لماذا لم تمسحوا كلّ ظهر القدم، ولم يقل رسول الله لماذا لم تغسلوا، قال : لماذا لم تمسحوا كلّ ظهر القدم . لابد وأنّكم تشكّون فيما أقول، ولا تصدّقون، ولا توافقوني في دلالة الحديث على المعنى الذي ذكرته، وتريدون أن آتي لكم بشواهد من القوم أنفسهم، فيكون هذا الحديث دالاًّ على المسح -------------------------------------------------------------------------------- ( 41 ) دون الغسل !! مع إنّهم يستدلون بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص على وجوب الغسل دون المسح !! لاحظوا : يقول ابن حجر العسقلاني بعد أن يبحث عن هذا الحديث ويشرحه، ينتهي إلى هذه الجملة ويقول : فتمسّك بهذا الحديث من يقول بإجزاء المسح . ويقول ابن رشد ـ لاحظوا عبارته ـ : هذا الأثر وإنْ كانت العادة قد جرت بالإحتجاج به في منع المسح ، فهو أدلّ على جوازه منه على منعه، وجواز المسح أيضاً مروي عن بعض الصحابة والتابعين(1) . رسول الله لم يقل لماذا لم تغسلوا أرجلكم، قال : لماذا لم تمسحوا على أعقابكم، يعني : بقيت أعقابكم غير ممسوحة، وقد كان عليكم أن تمسحوا على ظهور أرجلكم وحتّى الأعقاب أيضاً يجب أنْ تمسحوا عليها، ويل للأعقاب من النار . يقول صاحب المنار : هذا أصحّ الأحاديث في المسألة، وقد يتجاذب الاستدلال به الطرفان . ____________ (1) بداية المجتهد 1 / 16 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 42 ) أي القائلون بالمسح والقائلون بالغسل(1) . ولاحظوا بقيّة عباراتهم، فهم ينصّون على هذا . والحاصل : إنّ رسول الله لم يعترض على القوم في نوع ما فعلوا ، أي لم يقل لهم لماذا لم تغسلوا، وإنّما قال لهم : لماذا لم تمسحوا أعقابكم « ويل للأعقاب من النار » وهذا نصّ حديث مسلم، إلاّ أنّ البخاري لم يأت بهذه القطعة، فأُريد الاستدلال بلفظه على الغسل . ولا أدري هل لم يأت بالقطعة من الحديث عمداً أو سهواً، وهل أنّه هو الساهي أو المتعمّد، أو الرواة هم الساهون أو المتعمّدون ؟ ولمّا كان هذا الحديث الذي يريدون أن يستدلّوا به للغسل، كان دالاً على المسح، اضطرّوا إلى أن يحرّفوه، لاحظوا التحريفات، تعمّدت أن أذكرها بدقّة : فالحديث بنفس السند الذي في صحيح مسلم الدالّ على المسح لا الغسل، بنفس السند، يرويه أبو داود في سننه ويحذف ____________ (1) تفسير المنار 6 / 228 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 43 ) منه ما يدلّ على المسح(1) . وهكذا صنع الترمذي في صحيحه، والنسائي في صحيحه، وابن ماجة في صحيحه، كلّهم يروون الحديث عن منصور عن هلال بن يسار عن يحيى عن عبدالله بن عمرو، نفس السند الذي في صحيح مسلم، لكنّه محرّف، قارنوا بين الألفاظ، وهذا غريب جدّاً . أمّا النسفي، فلو تراجعون تفسيره في ذيل الآية المباركة يقول هكذا : قد صحّ أنّ النبي رأى قوماً يمسحون على أرجلهم فقال : « ويل للأعقاب من النار »(2) وكم فرق بين هذا اللفظ ولفظ مسلم . أمّا في مسند أحمد وتبعه الزمخشري في الكشّاف، فجعلوا كلمة الوضوء بدل المسح . ففي صحيح مسلم يقول : فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم تمسّها الماء . ____________ (1) سنن ابي داود 1 / 15 . (2) تفسير النسفي ( هامش الخازن ) 2 / 441 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 44 ) يقول أحمد في المسند وفي الكشّاف ينقل : وعن ابن عمرو بن العاص كنّا مع رسول الله فتوضّأ قوم وأعقابهم بيض تلوح فقال : « ويل للأعقاب من النار »(1) . قارنوا بين اللفظين لتروا كيف يحرّفون الكلم عن مواضعها متى ما كانت تضرّهم . الاستدلال بحديث كيفية وضوء رسول الله ومناقشته : وأمّا الحديث الثاني، الحديث الذي يروونه في كيفية وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، استدلّوا به على الغسل دون المسح، وهو الحديث الذي يرويه حمران عن عثمان بن عفّان . فظهر أنّ الحديث الذي يروونه عن حمران عن عثمان بن عفّان يروونه على شكلين : تارة يدلّ على المسح، وتارة يدلّ على الغسل ، والسند نفس السند والراوي حمران نفسه . لاحظوا في البخاري : حدّثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي، حدّثني إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب ـ هذا الزهري ـ أنّ عطاء بن يزيد أخبره : أنّ حمران مولى عثمان أخبره : أنّه رأى عثمان بن ____________ (1) مسند أحمد 2 / 193، الكشاف 1 / 611 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 45 ) |
تكملة
عفّان دعا بإناء فأفرغ على كفّه ثلاث مرّات فغسلهما، ثمّ أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثمّ غسّل وجهه ثلاثاً ويديه إلى المرافق ثلاث مرّات، ثمّ مسح برأسه ثمّ غسل رجليه [ والحال قرأنا : مسح رجليه ] ثمّ غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثمّ قال : قال رسول الله : « من توضّأ نحو وضوئي هذا ثمّ صلّى ركعتين لا يحدّث فيهما نفسه، غفر الله ما تقدّم من ذنبه » .
هذا الحديث في البخاري بشرح ابن حجر(1) وفي مسلم أيضاً بنفس السند عن الزهري، عن عطاء، عن حمران، عن عثمان بن عفّان . وإذا لاحظتم الإسناد، عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي : مذكور في المغني في الضعفاء للذهبي(2)، وقال أبو داود : ضعيف، وذكره ابن حجر العسقلاني في مقدّمة فتح الباري فيمن تكلّم فيه(3) . ____________ (1) فتح الباري 1 / 208 . (2) المغني في الضعفاء، ميزان الاعتدال 2 / 630 . (3) هدي الساري ـ مقدمة فتح الباري : 419 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 46 ) ثمّ إبراهيم بن سعد : ذكره ابن حجر فيمن تكلّم فيه(1)، وأورده ابن عدي في الكامل في الضعفاء(2)، وعن أحمد كأنّه يضعّفه، وقال صالح جزرة : ليس حديثه عن الزهري بذاك . وأمّا ابن شهاب الزهري : ففيه ما فيه . وأمّا حمران نفس الراوي عن عثمان ـ مولى عثمان هذا ـ : قال ابن سعد صاحب الطبقات : لم أرهم يحتجّون بحديثه، غضب عليه عثمان فنفاه(3)، وأورده البخاري في الضعفاء . وكذا الكلام في سند حديث مسلم وهو ينتهي إلى حمران أيضاً . وبعد التنزّل عن المناقشة السنديّة في هذا الحديث المخرّج في الصحيحين، والتسليم بصحة هذا السند، تكون رواية حمران الدالّة على الغسل معارضة لرواية حمران الدالّة على المسح، ويكون الخبران متعارضين، حينئذ يعرضان على الكتاب، وقد رأينا ____________ (1) هدي الساري ـ مقدمة فتح الباري : 385 . (2) الكامل في الضعفاء 1 / 399 . (3) انظر : ميزان الاعتدال 1 / 604، تهذيب التهذيب 3 / 21 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 47 ) الكتاب دالاًّ على المسح دون الغسل، فالكتاب إذن يكذّب ما يدلّ على الغسل . -------------------------------------------------------------------------------- ( 48 ) خاتمة البحث إذن، أصبحوا صفر اليدين من الكتاب والسنّة . وحينئذ، تصل النوبة إلى السبّ والشتم، تصل النوبة إلى ما لا يتفوّه به عالم، لا يتفوّه به فاضل، فكيف وهو يدّعي أنّه من كبار العلماء ! لاحظوا ابن العربي المالكي(1) يقول : إتفقت العلماء على وجوب غسلهما ـ أي الرجلين ـ وما علمت من ردّ ذلك، سوى الطبري من فقهاء المسلمين والرافضة من غيرهم . فما معنى هذا الكلام ؟ ويقول شهاب الدين الخفاجي في حاشيته على تفسير البضاوي : ومن أهل البدع من جوّز المسح على الرجل(2). ____________ (1) أحكام القرآن 2 / 72 . (2) الشهاب على البيضاوي 3 / 220 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 49 ) ويقول الآلوسي ـ الكلام الذي وعدتكم بقراءته : لا يخفى أنّ بحث الغسل والمسح ممّا كثر فيه الخصام، وطالما زلّت فيه الأقدام، وما ذكره الإمام [ الرازي ] يدلّ على أنّه راجل في هذا الميدان [ ذكرت لكم أنّ الرازي يوضّح كيفيّة دلالة الآية على المسح بالقراءتين ]فلنبسط الكلام في تحقيق ذلك رغماً لأُنوف الشيعة السالكين من السبل كلّ سبيل حالك، ما يزعمه الإماميّة من نسبة المسح إلى ابن عبّاس وأنس بن مالك وغيرهما كذب مفترى عليهم ، ونسبة جواز المسح إلى أبي العالية وعكرمة والشعبي زور وبهتان، وكذلك نسبة الجمع بين الغسل والمسح أو التخيير بينهما إلى الحسن البصري عليه الرحمة، ومثله نسبة التخيير إلى محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير والتفسير الشهير . وقد نشر رواة الشيعة هذه الأكاذيب المختلقة ورواها بعض أهل السنّة ممّن لم يميّز الصحيح والسقيم من الأخبار، بلا تحقّق ولا سند، واتسع الخرق على الراقع، ولعلّ محمّد بن جرير القائل بالتخيير هو محمّد بن جرير رستم الشيعي صاحب المسترشد في الإمامة أبو جعفر، لا -------------------------------------------------------------------------------- ( 50 ) أبو جعفر محمّد بن جرير بن غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام السنّة، والمذكور في تفسير هذا هو الغسل فقط، لا المسح ولا الجمع ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه(1) . يكفي هذا المقدار من السبّ ؟ أو تريدون أكثر ؟ يكفيكم هذا المقدار ! لكن نرى بعضهم لا يتحمّل هذا السبّ على الشيعة وهو ليس من الشيعة . يقول صاحب المنار(2) : إنّ في كلامه عفا الله عنه تحاملاً على الشيعة وتكذيباً لهم في نقل وجد مثله في كتب أهل السنّة كما تقدّم، وظاهره أنّه لم يطّلع على تفسير ابن جرير الطبري . فالآلوسي إذن أصبح جاهلاً لم يطّلع على تفسير ابن جرير الطبري، وهو صاحب التفسير روح المعاني على كبره ! هذا دفاع أو توجيه وتبرير لسبّ جناب الآلوسي، هذا السيّد الذي يدّعي أنّه من ذريّة رسول الله . ____________ (1) روح المعاني 6 / 77 . (2) المنار في تفسير القرآن 6 / 229 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 51 ) قد ظهر إلى الآن : أنّ الصحيح بالكتاب والسنّة هو المسح دون الغسل، وعليه الإماميّة كلّهم، وعليه من صحابة رسول الله كثيرون، على رأسهم أميرالمؤمنين (عليه السلام) وابن عبّاس وأنس بن مالك وجماعة آخرون . أمّا أهل السنّة، فالمشهور بينهم الغسل، وقد عرفنا أنّهم لا دليل لهم على هذه الفتوى، ولذا اضطرّ بعضهم إلى أن يقول بالجمع بين الغسل والمسح، وبعضهم خيّر بين الأمرين . لاحظوا في المرقاة في شرح المشكاة للقاري يقول بأنّ أحمد والأوزاعي والثوري وابن جبير يقولون بالتخيير بين المسح والغسل(1) . هذه مرحلة من الحقّ، التخيير مرحلة من الحقّ، الحقّ هو المسح على التعيين، لكن نفي تعيين الغسل والتخيير بينه وبين المسح مرحلة على كلّ حال، فهو يدلّ على أنّهم لا دليل لهم على تعيّن الغسل . نعم السبّ فوق كلّ دليل، الشتم أعظم من كلّ دليل . نعم، إن كان الشتم دليلاً فهو من أعظم الأدلّة . ____________ (1) المرقاة في شرح المشكاة 1/315 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 52 ) وأمّا الحسن البصري، فقد اختلفوا في رأيه ماذا كان رأيه ؟ وأيضاً الطبري صاحب التفسير والتاريخ، خلطوا لئلاّ يتبيّن واقع أمره، لاحظوا عباراتهم في حقّ الطبري . فأبو حيّان أخرج الطبري من أهل السنّة وجعله من علماء الشيعة أصلاً، لاحظوا لسان الميزان لابن حجر العسقلاني(1)، والسليماني ـ وهو من كبار علمائهم في الجرح والتعديل ـ لم ينكر كون الطبري من أهل السنّة وإنّما قال : كان يضع للروافض . أي يكذب على رسول الله لصالح الشيعة، وهذا تجدونه في ميزان الاعتدال(2) . والذهبي هنا له نوع من الإنصاف، نزّه الطبري من كونه وضّاعاً للشيعة، وعن كونه من الروافض قال : هذا من كبار علماء السنّة وما هذا الكلام في حقّه، نعم له رأي في مسألة المسح على الرجلين(3). ____________ (1) لسان الميزان 5 / 100 . (2) ميزان الاعتدال 3 / 499 . (3) سير اعلام النبلاء 14 / 277 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 53 ) الرازي وجماعة ينسبون إلى الطبري القول بالتخيير، آخرون ينسبون إليه القول بالجمع، لاحظوا كتاب المنار(1)، وابن حجر العسقلاني إحتمل أن يكون هذا الطبري المذكور في الكتب هو الطبري الشيعي، واختلط الأمر عليهم والطبري الشيعي أيضاً قائل بالمسح فتصوّر الكتّاب والمؤلّفون والمطالعون أنّ هذا الطبري صاحب التفسير والتاريخ، وهل يصدّق بهذا ؟! إذن، لماذا رماه ذاك بالرفض، ولماذا رماه ذاك بالوضع، ولماذا قال الآخر قولاً آخر في حقّه، ولماذا كلّ هذا ؟ عرفتم أنّ القول بالمسح رأي كثير من الصحابة والتابعين، وقول الحسن البصري أيضاً كذلك، وقول الطبري صاحب التفسير والتاريخ أيضاً كذلك، وهناك علماء آخرون أيضاً يقولون بهذا القول . أذكر لكم قضيّة، لاحظوا، ذكروا(2) بترجمة أبي بكر محمّد بن عمر بن الجعابي ـ هذا الإمام الحافظ الكبير، والمحدّث الشهير ـ ____________ (1) تفسير المنار 6 / 228 . (2) سير أعلام النبلاء 16 / 90 . -------------------------------------------------------------------------------- ( 54 ) ذكروا بترجمته أنّهم قد وضعوا علامة على رجله حينما كان نائماً، وبعد أن راجعوا تلك العلامة بعد ثلاثة أيّام وجدوها باقية موجودة ! خطّوا على رجله بقلم أو بشيء آخر وهو نائم لا يشعر، وبعد ثلاثة أيّام رأوا الخطّ موجوداً على رجله، فقالوا بأنّ هذا الشخص لم يصلّ، لأنّه إنْ كان قد صلّى فقد توضّأ، وإن كان قد توضّأ فقد غسل رجله، وحينئذ تزول العلامة عن رجله، ولمّا كانت باقيةً فهو إذنْ لم يصلّ هذه المدّة . أقول : إن كان أبوبكر الجعابي تاركاً للصلاة حقيقةً، فهذا ليس غريباً، فكم له من نظير في كبار علمائهم، ولي مذكّرات من كبار علمائهم الأعلام ينصّون بتراجمهم أنّه كان يترك الصلاة، من جملتهم زاهر بن طاهر الشحّامي النيسابوري، يصرّحون بأنّ هذا المحدّث كان يترك الصلاة مع أنّهم يعتبرونه من كبار الحفّاظ، يعتمدون على روايته بل يجعلونه من جملة الشهود عند الحكّام، والشاهد يجب أن يكون عادلاً، وكأنّ ترك الصلاة لا يضرّ بالعدالة فإن كان الجعابي تاركاً للصلاة فكم له من نظير . أمّا إذا كان يمسح على رجله كالشيعة ولا يغسل رجله، فتبقى العلامة على رجله لا ثلاثة أيّام ولربّما خمسين يوماً إذا لم يذهب إلى الحمام ليغسل، فيبقى الخطّ على رجله، فيدور أمر الجعابي، -------------------------------------------------------------------------------- ( 55 ) إمّا أنّه كان تاركاً للصلاة فكم له من نظير، وإمّا أنّه من أصحابنا الإماميّة أو موافق لأصحابنا الإماميّة في هذه المسألة . وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين . |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بما انك يا حلم اثني عشري قلت في موضوع اخر عندما بانك لاتاخذ بالبخاري ساورد لك حديث من كتبكم ولعلك ايضا لاتاخذ بكتبكم وهذه طامة!!!!! جاء في الاستبصار 1/65/66 عن زيد بن علي عن جده علي بن ابي طالب قال : جلست أتوضأ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ابتدأت الوضوء _الى ان قال وغسلت قدمي ,فقال لي :ياعلي خلل بين الاصابع لاتخلل بالنار . قاتل الله الجهل لايعلمون مافي كتبهم _________________________________________ سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم http://www.albrhan.com/arabic/video/mot.asf |
بسم الله الرحمن الرحيم
الى سلوى اقول: اذا كنتي اتيتي بحديث احاد ضعيف مبتور من كتب الامامية فهناك المئات من الاحاديث المتواترة عند الشيعة تخالف هذا الحديث. فبايهما ناخذ بحديث احاد ضعيف ومخالف للقران ام ناخذ بما اتفق عليه علمائنا وتواترت فيه مئات الاحاديث من كتبنا هذا اولا. اما قولك باني لا اخذ من البخاري فانك كاذبه فانا قلت لا اخذ بكل ما جاء في البخاري بخلافكم انتم الذين تقولون بان صحيح البخاري هو اصح الكتب بعد القران وتاخذون بكل ما جاء فيه وللاسف الشديد عندما نلقي عليكم الحجة من صحيحيكم تبداون بالتملص والتهرب. ولتعلمي ان منهج الشيعة في اخذ الاحاديث ليس مثلكم بل ان الشيعة لا يقولون بصحة اي كتاب بعد القران مطلقا وانما ياخذون الصحيح منه ويردون السقيم. |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.