![]() |
د.الأهدل: سبب الجريمة (1) المقدمة والمحتويات..
سبب الجريمة.. الحلقة ( 1 )
المقدمة والمحتويات.. بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) [آل عمران:102]. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) [النساء:1]. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) [الأحزاب:70-71]. [هذه الخطبه تسمى خطبة الحاجة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه، وكانوا يفتتحون بها كلامهم. راجع رسالة خطبة الحاجة لشيخنا العلامة المحدث الشيخ ناصر الألباني]. أما بعد.. فإن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق لطاعته وعبادته.. كما قال سبحانه وتعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ )) [الذريات:56]. وبعث رسله للدعوة إلى تلك العبادة والطاعة والنهى عن الشرك به ومعصيته.. كما قال تعالى: (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)) [النحل:36]. وفصل سبحانه وتعالى لعباده ما تتحقق به عبادته فى كتبه التى أنزلها على أنبيائه ورسله هداية لخلقه، وكان آخرها كتابه العزيز المهيمن على كل كتاب نزل قبله.. كما قال تعالى: (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )) [المائدة:48]. وجعل سبحانه طاعته واتباع هداه، أساس سعادة الخلق فى الدنيا والآخرة، كما جعل معصيته باتباع عدوه إبليس، أساس شقائهم فى الدنيا والآخرة.. كما قال تعالى: (( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى )) [طـه:123-127]. وقد دل الواقع التاريخى على ما دل عليه كتاب الله.. بأن العزة والسعادة والطمأنينة، لا ينالها إلا أهل طاعته ومتبعي هداه.. وأن الذل والشقاء والقلق وضنك العيش لا تنزل إلا بمن أعرض عن ذكره وطاعته وهداه، باتباع الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى. وقد تصدر من بعض أولياء الله معصيته سبحانه، ولكنهم يتوبون إليه ويذكرونه، وإذا نزل بهم بلاء بحثوا عن أسبابه فى هدي ربهم وأخذوا منه الوقاية من البلاء، أو القضاء عليه وطرده.. أما من لم يؤمن بهدي الله وابتعد عنه، فإنهم فى غيهم سادرون كفراً وفسوقاً وعصياناً، وإذا نزلت بهم المصائب والمحن والشقاء أخذوا يبحثون عن أسبابها رغبة فى طرد ما نزل، ودفع مايتوقع نزوله.. ولكنهم يسلكون لمعرفة تلك الأسباب كل سبيل، إلا السبيل الموصلة إليها، ويلجون لكشفها كل باب، إلا الباب المؤدى إلى كشفها، فيسألون عنها غير الخبير بها.. ويكلفون البحث عنها من لاطاقة له بها.. وهو العقل البشرى البعيد عن هدي الله، فتراهم بسبب ذلك يخبطون خبط عشواء فى كل شؤون حياتهم. ومن هذا القبيل صنيعهم فى أسباب الجريمة التى أقلقت العالم وأقضت مضجعه من قديم الزمان، فى شرق الدنيا وغربها.. فقد بدأ الباحثون عن أسبابها بالخرافات والسحر والأساطير، وانتهوا بالعلوم التجريبية التى نجحت أيما نجاح فى عالم المادة، ولكنها فشلت أيما فشل فى عالم الإنسان.. وعلى رغم فشلهم فى الوصول إلى مبتغاهم واعترافهم هم بذلك الفشل فى كل نظرياتهم فى هذا الباب، فإنهم مازالوا متجلدين جادين ظناً منهم أن سفينة بحثهم سترسو يوماً من الأيام، فى آخر ميناء للحقيقة المطلوبة فى هذا الباب، كما رست فى آخر ميناء للحقيقة فى أبواب المادة. ولو أنهم علموا فساد قياسهم أصلاً وفرعاً وعلةً وحكماً‘ لأراحوا أنفسهم من عناء هذا البحث المضني الذى لا جدوى من ورائه إلا تعارض النتائج وتصادمها، كما يعلم ذلك من اطلع على مؤلفات القوم الكثيرة فى هذا الباب.. وإن أقرب مايقال عن هؤلاء القوم وجهودهم: إن مثلهم كمثل ذباب فى غرفة مقفلة مظلمة، لها نافذة مسدودة بزجاج يُرى منه قليل من الضوء، وظن الذباب أنه منفذه الوحيد، فأخذ يرتطم به مرة بعد أخرى ليخرج منه حتى أتاه الأجل وهو على ذلك.. وهذا هو السبب الذى دفع كاتب هذه الرسالة المختصرة، إلى اختيار موضوعها، وهو: "قاعدة فى أسباب الجريمة".. وقد قسمت الرسالة إلى فصلين وخاتمة.. الفصل الأول: أسباب الجريمة عند علماء الإجرام.. وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: أسباب الجريمة فى كتب علماء الإجرام. المبحث الثانى: اختلاف علماء الإجرام في تلك الأ سباب. المبحث الثالث: الواقع يدل على بطلان تلك الدعاوى. الفصل الثانى : أساب الجريمة فى الكتاب والسنة. وفيه ثلاثه مباحث: المبحث الأول: خالق النفس أعلم بها من غيره. المبحث الثانى: الإيمان هو أساس الطاعة والخير. المبحث الثالث: منبع الإجرام فقد الإيمان أو ضعفه. خاتمة: في نتائج البحث. المدينة النبوية: 23/12/1404هـ |
جزاك الله خيرا
|
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.