أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   الجانب الفكري عند الإباضية 1 (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=33360)

salim3344 19-07-2003 12:25 PM

الجانب الفكري عند الإباضية 1
 
الجانب الفكري عند الإباضية




إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟.





الجانب الفكري عند الإباضية

المقدمة :



إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟.


والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في الوقت ذاته، لا يطغى جانب من تلك الجوانب على آخر بل كلها وبمجموعها تشكل منظومة واحدة نطلق عليها اسم (المذهب الإباضي).


فعلى عكس الكثير من المذاهب والفرق الإسلامية الأخرى التي يطغى على بعضها الجانب الفقهي وعلى بعضها الجانب العقدي وعلى بعضها الجانب السياسي نجد أن المذهب الإباضي قد استطاع وبعبقرية فذة أن يوفق بين تلك الجوانب وأن يستوعبها كلها وأن يكون له موفقه المتميز فيها جميعا وبصمته الواضحة عليها كلها.


فإذا أتينا الى الجانب السياسي سنجد أن المذهب الإباضي حركة سياسية قائمة بذاتها لها أطروحاتها التي لا يستطيع المطلع إلا أن ينحني أمامها إعجاباً وإكباراً.


وإذا أتينا إلى الجانب العقدي سنجد أيضاً أن المذهب الإباضي له أحكامه العقدية القائمة على ركائز راسخة وأدلة قوية.


وإذا انتقلنا إلى الجانب الفقهي سنجد ثروة هائلة من الإسهام الفقهي في كل أبواب الفقه من العبادات والمعاملات وفقه الجنايات والأحوال الشخصية.


والشي نفسه نجده في علم أصول الفقه، فللمذهب الإباضي آراؤه وتحقيقاته في هذا العلم، ومؤلفاته التي أوسعت هذا العلم تحقيقا ودراسة.


إن كل ذلك هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (الفكر الإباضي).

الوسطية والإعتدال في الفكر الإباضي:



لعل أهم ميزة يمتاز بها الفكر الإباضي هي الوسطية والاعتدال في الطرح بين الإفراط والتفريط، وهذه الميزة يمكن أن تلمحها بسهولة في كل زاوية من زوايا المذهب الإباضي سواء في العقيدة أم الفقه أم الفكر السياسي ام غير ذلك، وهذا ليس شيئاً متكلفاً في الفكر الإباضي لأنه مأخوذ من نهج الإسلام نفسه "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"



والأمثلة على هذه الوسطية في الفكر الإباضي كثيرة يمكننا أن نذكر منها:


1- الوسطية بين الاستدلال بالنقل والاستدلال بالعقل: ففي حين يميل بعض الفرق في الاستدلال إلى الجانب النقلي واستبعاد العقل إلى حد كبير كما نجد ذلك عند المحدثين، تفرط فرق أخرى بالتعويل على الاستدلال العقلي إلى الحد الذي ذهبت إلى تحكيم العقل على الشرع كما نجد ذلك عند المعتزلة، غير أننا نجد الإباضية يمزجون بقدرة عجيبة في الاستدلال بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية دون تغليب جانب على آخر.


2- الوسطية بين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي: وهذا وإن كان قريباً من المثال الأول إلا أنه أقرب إلى الفقه بينما الأول أقرب إلى العقيدة، فالإباضية يقفون وسطاً بين مدرستي الحديث والرأي، ففي استدلالهم بالأحاديث لا يركنون إلى التمسك بالفهم الحرفي لمضمون الحديث كما هو شأن الظاهرية، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحاولون رد الحديث لمجرد أنهم لم يستطيعوا فهمه أو لأنه يتعارض مع قاعدة عامة، وإنما يحاولون قبول الحديث والعمل به ما وجدوا لذلك سبيلاً.

3- في الفكر السياسي فإنهم لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر مهما كانت الأحوال كما هو رأي الخوارج، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحرمون الخروج عليه حتى مع القدرة وإمكان تغييره كم هو رأي بعض الفرق، وإنما يرى الإباضية أن الخروج على الإمام الجائر جائز بصورة عامة، وهذا الجواز يميل إلى التحريم عند خوف الفتنة وتغليب احتمال الفشل في تغيير الوضع القائم، ويميل إلى الوجوب متى ما كان احتمال النجاح أقوى، لأن القيام بالعدل من أسس الشريعة الإسلامية.

4- في مصطلح الحديث فإن الإباضية لا يقولون بأن الحديث الآحادي لا يجوز الاحتجاج به مطلقاً كما هو رأي بعض الفرق الإسلامية، ولكنهم في الوقت ذاته لا يقولون إنه حجة في الأمور الاعتقادية، وإنما يذهبون إلى أن حديث الآحاد يوجب العمل ولا يفيد العلم‘ فهو حجة في الأمور العملية وليس حجة بذاته في المسائل الاعتقادية، وهذا هو مذهب المحققين من الأصوليين والمحدثين.




Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.