أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة الإسلامية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=8)
-   -   د/الأهدل: الجهاد في سبيل الله (80) إذن الأمير.. (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=39092)

المناصر 15-04-2004 02:06 AM

د/الأهدل: الجهاد في سبيل الله (80) إذن الأمير..
 
الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته (80)

عدم الخروج من معسكر المجاهدين بدون إذن الأمير.

وجوب طاعة المأمور لأميره، من الأمور البدهية في الإسلام، وسيأتي الكلام عن ذلك في موضعه إن شاء الله، في فصل: صفات المجاهدين، وفي فصل عوامل النصر وعوامل الهزيمة.

ومن طاعة الأمير عدم الخروج من معسكر المجاهدين بدون إذنه، لما في ذلك من عدمن الالتزام بطاعته من جهة، ولما فيه من المحاذير التي قد يلحق ضررها بالجنود الذين لم يستأذنوا، وبالجيش الإسلامي كذلك.

فقد يقع الجندي المسلم في كمين من مقاتلي العدو، فيقتلونه أو يأسرونه، وقد يعذبونه حتى يدلهم على مواقع الجيش الإسلامي، وعددهم، وما عندهم من قوة أو ضعف في العتاد، وفي ذلك ما فيه من ضرر على الحندي الذي خرج بدون استئذان وعلى أمته.

وليس الأمر كذلك إذا خرج بإذن من قائده، فإن القائد سينصحه بما يجب عليه عمله، وقد يأمر بأن يصحبه من يحميه من كمائن العدو، وغير ذلك من الأمور الاحتياطية التي لا تتوافر للفرد وحده.

ولهذا كان من أهم صفات المؤمن الدالة على قوة إيمانه، عدم ذهابه بدون إذن أميره، في الأحوال التي تستدعي ذلك..

كما قال سبحانه: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )). [النور62].

فقد حصر الله تعالى في هذه الآية الكريمة في مطلعها المؤمنين فيمن اتصفوا بالإيمان به وبرسوله، وبعدم الذهاب بدون إذنه إذا كانوا معه على أمر جامع..

كما جعل الاستئذان في وسط الآية من علامة الإيمان به وبرسوله، وجعل تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم مخيرا في آخر الآية في الإذن لمن شاء، مع الاستغفار لمن أذن له، لما في استئذانه من تركٍ للشأن العام الذي تعود مصلحته لعامة المسلمين، بخلاف شأنه الخاص، مهما كانت أهميته.

قال ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
" يقول تعالى ذكره: ما المؤمنون حق الإيمان إلا الذين صدقوا الله ورسوله (( وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ )) يقول: وإذا كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (( عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ )) يقول على أمر يجمعهم جميعاً، من حرب حضرت، أو صلاة اجتمع لها، أو تشاور في أمر نزل (( لَمْ يَذْهَبُوا )) يقول لم ينصرفوا عما اجتمعوا له من الأمر حتى يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال:
"وقوله: (( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ )) يقول تعالى ذكره: إن الذين لا ينصرفون يا محمد إذا كانوا معك في أمر جامع عنك إلا بإذنك لهم، طاعة منهم لله ولك، وتصديقاً بما أتيتهم به من عندي، أولئك الذين يصدقون الله ورسوله حقاً، لا من يخالف أمر الله ورسوله، فينصرف عنك بغير إذن منك له، بعد تقدمك إليه ألا ينصرف عنك إلا بإذنك". ا.هـ. [جامع البيان عن تأويل آي القرآن 18/175-176].

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (( فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ )):
"فكان النبي صلى الله عليه وسلم بالخيار، إن شاء أن يأذن، وإن شاء منع (( وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ )) أي لخروجهم عن الجماعة إن علمت لهم عذرا ". ا.هـ. [ الجامع لأحكام القرآن 12/321].

ويفهم مما مضى أن استئذان الجندي للانصراف لبعض شأنه في حال اجتماع المسلمين مع أميرهم لأمور مهمة مكروه، وإن أذن له الأمير، بدليل أمر الله لرسوله بالاستغفار لمن أذن له.

والأصل في المؤمن ألا يستأذن أميره في الذهاب في تلك الحال، إلا إذا كان له عذر يقتضي الاستئذان، وهو لا يستأذن إلا إذا كان صادقاً في حصول عذر له، بخلاف المنافق، فإنه ينتحل الأعذار ويكذب على قائده، من أجل أن يسوغ هربه من القيام بواجبه، بإذن أميره.

كما قال تعالى: (( ..وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَاراً )) [الأحزاب:13].

وفي مختصر الخرقي:
" وإذا غزا الأمير لم يجز أن يعتلف ولا يحتطب، ولا يبارز علجاً، ولا يخرج من المعسكر، ولا يحدث حدثا، إلا بإذنه".

وقال ابن قدامة – معلقا على هذه الجملة – :
"يعني لا يخرج من المعسكر... إلا بإذن الأمير، لقوله تعالى: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ ))..

ولأن الأمير أعرف بحال الناس، وحال العدو ومكامنهم ومواضعهم وقربهم وبعدهم، فإذا خرج خارج بغير إذنه، لم يأمن أن يصادف كميناً للعدو فيأخذه، أو طليعة لهم، أو يرحل الأمير بالمسلمين ويتركه فيهلك..

وإذا كان الأمير لم يأذن لهم إلا إلى مكان آمن، وربما يبعث معهم من الجيش من يحرسهم ويطلع لهم...". [المغني 9/216].

قلت:
وقد يعاقب الله تعالى من يخرج من جيش المسلمين، بدون إذن الأمير، بما لا يدور في ذهنه من أنواع العقاب العاجلة، مع الإثم الذي سيلقى جزاءه في الآخرة.

وتأمل هذه القصة الثابتة من حديث ابي حميد، رضي الله عنه، قال:
"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك – إلى أن قال – وانطلقنا حتى بلغنا تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم فيها أحد منكم، فمن كان له بعير فليشد عقاله ) فهبت ريح شديدة، فقام رجل، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيئ...". [صحيح مسلم 4/1785].

قال النووي رحمه الله:
"هذا الحديث فيه هذه المعجزة الظاهرة من إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيب وخوف الضرر من القيام وقت الريح، وفيه ماكان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والرحمة لهم، والاعتناء بمصالحهم، وتحذيرهم ما يضرهم في دين أو دنيا..

وقال :
وجبلا طيئ مشهوران، يقال لأحدهما: "أجاء" بفتح الهمزة والجيم وبالهمزة. والآخر "سلمى" بفتح السين، و"طيئ" بياء مشددة، بعدها همزة، على وزن سيد، وهو أبو قبيلة في اليمن. [شرح المووي على صحيح مسلم 15/42].

وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أصحابه، بالغيب الذي إذا فعلوه حصل عليهم منه ضرر، فإن الواجب على المسلم أن يحذر مخالفته لأميره، ولو الذي لا يعلم الغيب، ولا يخرج بدون إذنه، لأن ذلك معصية قد يعاقبه الله عليها بما يشاء، مما لا يعلمه الأمير ولا المأمور.

وقد كان جابر بن عبد الله رضي الله عنه، مع رسول الله عليه وسلم، قافلا إلى المدينة بعد إحدى الغزوات، وكانت نفسه تتوق إلى زوجه، وكان حديث عهد بزواج، فلم يلب نفسه رغبتها إلا بعد أن استأذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليسرع، فأذن له.

فقد قال:
"فقلت: يا رسول الله ! إني عروس، فاستأذنته فأذن لي، فتقدمت الناس إلى المدينة..". [صحيح البخاري، رقم الحديث 2967 – فتح الباري 6/121].

موقع الروضة الإسلامي..
http://216.7.163.121/r.php?show=home...enu&sub0=start


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.