أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   العبث بالمكونات التاريخية للشعوب (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=40531)

بالعقل...بهدوء 05-08-2004 12:16 AM

العبث بالمكونات التاريخية للشعوب
 
العبث بالمكوّنات التاريخية للشعوب
الياس سحاب




لو استطاع أي مراقب الارتفاع فوق جزئيات مشهد الهجمة الاميركية على المنطقة العربية، في فلسطين والعراق والخليج والمشرق والمغرب، لبدا له المشهد بكليته وعموميته، أشبه ما يكون بفيل ضخم الجثة، يقتحم بحالة من الهياج الكامل مخزنا كبيرا للخزف الصيني.
تقتضي الموضوعية والدقة ألا ننسى، ان تدخلات الاستعمار الاوروبي السابقة في بلادنا، في القرنين الاخيرين، كانت تبدو من القماشة نفسها، حيث كانت هذه القوة الاستعمارية الاوروبية أو تلك، وهي تهيئ لتأسيس مواقع أقدام لمصالحها في المنطقة العربية، في زمن تبعيتها للامبراطورية العثمانية، لا تتورع عن اللعب بأي عنصر من عناصر المكونات التاريخية المعقدة والحساسة، لإحدى مناطق أقدم المجتمعات البشرية تشكلا على وجه الكرة الارضية، والعبث بهذه المكونات بأقصى مدى من اللاأخلاقية واللامسؤولية التي تدفع إليها مخططاتها الاستعمارية. وكانت دوائر الاستعمار الاوروبي، في غزواتها تلك، تسخر جهود أفضل علماء التاريخ والاجتماع والانتربولوجيا لديها، للغوص الى أعماق المكونات التاريخية لتلك الشعوب، تمهيدا للعبث بتلك المكونات في ألعاب سياسية جهنمية، تسمح لتلك القوى الاستعمارية بالذهاب بمخططاتها السياسية الى أقصى مدى ممكن من النجاح (في مرحلة معينة من علوم الاستشراق). وكانت البوصلة لتلك <<الالعاب التاريخية>> تحددها دائما شراهة المصالح الاستعمارية، وتكون بالضرورة في الاتجاه المعاكس لمصالح الشعوب، بل غالبا ما كانت تؤدي الى عبث قاتل بالنسيج التاريخي والثقافي والاجتماعي لتلك الشعوب. ولعل مشروع إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وعلى أنقاض شعبها، كان أعلى ذرى هذا المسلسل الاوروبي التاريخي الاستعماري في بلادنا.
غير ان الموضوعية تقتضينا ايضا الذهاب الى أبعد من ذلك في تحليل هذا المشهد التاريخي العام، والانتباه، الى ما يميزه (برغم كل ملامح التشابه) عن الغزوة الاستعمارية الاميركية الراهنة:
1 في المشهد العام للفوارق بين المجتمع الدولي في عصر الغزوات الاستعمارية الاوروبية، والعصر الاميركي الحالي، فإن العصر الراهن يبدو أشد خطورة نظرا لوحدانية القوة الغازية، وتربعها على العرش الامبراطوري في مدى يلف السياسة الدولية للكرة الارضية بكامل قاراتها وأقطارها. فيما كانت القوة الاستعمارية الغازية في عصر الاستعمار الاوروبي موزعة على دول متعددة، بحيث يتيح تطور الاحداث احتمالات التصادم بين مصالح تلك الدول وتحركاتها، بما يخفف وطأها على المنطقة العربية.
2 في موضوع فلسطين بالذات، الميراث الاكبر المتبقي من عصور الاستعمار الاوروبي، فإن الدول الاوروبية الاساسية لا تكف، منذ خروجها من إطارها الاستعماري القديم، لحساب الامبراطور الجديد الاميركي، لا تكف عن إعادة النظر في الآثار المدمرة لمشروعها الاستعماري القديم، ومحاولة كبح جماحه عند حدود معينة، ضمن مشاريع للتسوية، تكفل حداً معيناً من التوازن بين المشروع الدخيل (الكيان الصهيوني) والاصحاب الاصليين للبلد وللمنطقة برمتها.
فإذا قارنا هذين الملمحين الاوروبيين، بملامح الغزوة الاميركية الراهنة، فإننا نلاحظ اولا خطورة التفرد الاميركي، الذي يمنع تفاعلات سياسية كثيرة النبرة من أن تأخذ مجراها الطبيعي، وبين هذه التفاعلات المحرمة والممنوعة، الاتجاه الاوروبي نحو الحلول المتوازنة، فيرفع سيف اللاسامية، على كل دولة أوروبية تسير في هذا الاتجاه.
كما أننا نلاحظ ثانيا اتجاها أميركيا امبراطوريا تتضخم لديه عملية دعم اسرائيل، الى درجة التماهي الكامل، مع أقصى أجنحة التطرف في أحزاب العقيدة الصهيونية.
على هذه الطريق، ومع فتح الغزوة الاميركية لجبهة الاحتلال العسكري المباشر للعراق، وجبهات الإخضاع المباشر لكل الانظمة العربية للمخططات الامبراطورية الاميركية الخاصة بهذه المنطقة من العالم، فإن مراكز الابحاث الاميركية، ومراكز القوى السياسية في الادارة الاميركية، تذهب في مجال العبث بالمكونات التاريخية للشعوب الى ما يمكن ان نسميه <<أسلحة الدمار التاريخي الشامل>>، فلا تتورع عن نبش ورعاية أسوأ ما في التيارات السلفية، وأشدها ظلامية وانغلاقا وارتدادا الى الوراء، لغرض سياسي مباشر، هو ضرب المصالح السوفياتية في أفغانستان. ولا تتورع، في العراق، عن تحويل كل المكونات التاريخية لأحد أقدم المجتمعات البشرية وأكثرها غنى وتنوعا، من عناصر قوى وغنى وتنوع لهذا البلد، كما كانت حتى في أشد لحظات محنته الداخلية تحت الحكم الاستبدادي، الى ما يشبه <<الديناميت التاريخي>>، الذي يهدد بالتفجر بلداً بأكمله، بل منطقة عربية بكاملها، مع احتمال انتشار الشظايا القاتلة في مدى لا يمكن لأحد تحديده منذ الآن.
إن ما وصل إليه تطور التفاعلات في العراق، في ظل الوجود الاميركي المباشر، من خطة جهنمية لتفجير الكنائس بالجملة، في أكثر من موقع ومدينة، ما هو إلا مشهد في سلسلة مآسي وكوارث عملية العبث بالمكونات التاريخية للشعب العراقي، وسائر شعوب المنطقة، في خطط هي مزيج من الجبن والنذالة والخسة، الموضوعة كلها في خدمة مصالح آنية سريعة.
إن أسوأ ما يميز الغزو الاستعمارية الاميركية، عن سابقاتها الاوروبيات، ان القوى الاستعمارية الاوروبية القديمة كانت تلعب <<بمتفجرات>> المكونات التاريخية للمنطقة العربية، وهي على دراية كاملة بكل تفاصيل هذه المكونات، أما القوة الاميركية الامبراطورية، فقد دخلت في صميم حالة العبث بهذه المكونات، وهي على جهل كامل بتفاصيلها التاريخية والراهنة.
إنه مشهد مرعب فعلا، وأشد ما يثير الرعب فيه، صعوبة اكتشاف المخرج الأكثر سلامة من هذا الخطر الداهم الذي أدخل فيه <<العبقري الملهم>> بوش وإدارته الشديدة النهم الامبراطوري المنطقة بأسرها، بل العالم بأسره.
() كاتب لبناني

العنود النبطيه 05-08-2004 01:44 AM



عملية نهب اثار العراق العريق العظيم الضاربة جذوره في عمق التاريخ هي اكبر دليل حي على العبث الذي ذكرته يا اخي بالعقل بالهدوء...وهذا يؤيد مقولة الكثيرين ان الغرب الامريكي السطحي ذا الانشاء الحديث يحقد على الحضارة التي ولدت في منطقتنا فكانت منارة واساسا للحضارة ... ان حضارتهم العصرية ترغب في السيطرة على منطقة الحضارات لتجد لها متكئا على ارث قوي فتستجمع بعض الثقة بواسطة السيطرة على منبت الحضارات الانسانية جميعا


ينفون ان هذا صراع حضارات وتؤكد افعالهم ذلك وهم يقومون بمحو كل تاريخنا المجيد وحضاراتنا العريقة... فهل ستتغلب حضارة عمرها مئات السنين على حضارة عمرها الآف السنين؟؟؟

من سيحمي تاريخنا وارثنا الحضاري من العبث ومن سيحافظ عليه واعداؤنا بنا متربصين وبعضنا يساهم ويساعد العدو في محو الارث الحضاري لاجل حفنة دولارات او عن جهل وتبعية والبقية تلعب دور الاغلبية الصامتة المتفرجة!!!


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.