![]() |
الثقة بالنفس :
الثقة بالنفس :
الثقة بالنفس هي نقطة البداية.. ولكن ما هي الثقة بالنفس؟ ونقطة البداية إلي أي شيء؟! والأمر قد يختلط.. من يثق بمن؟! وهل أنا شيء ونفسي شيء آخر؟.. وهل الأنا الأعلي التي يقول بها علم النفس تحل المعضلة؟! مهما يكن من أمر, فكلنا يقول أشياء تنبيء عن الإنسان ونفسه, من قبيل: لقد لمت نفسي علي أني فعلت كذا وكذا.. أو لقد رضيت عن نفسي أن فعلت كيت وكيت.. أو يقول أحدهما للآخر وهما يتشاجران: احترم نفسك! والنفس الأمارة بالسوء.. تأمر من؟ تأمر صاحبها (وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)( يوسف53) والنفس اللوامة.. تلوم من؟ تلوم صاحبها علي تهاونه أو تخاذله في أشياء كان يجب عليه أن يفعلها أو أشياء كان ينبغي عليه أن يمتنع عنها.. وقد أقسم الله بها( ولا أقسم بالنفس اللوامة)( القيامة2).. هاتان الآيتان قد يبدو منهما أن الإنسان ونفسه شيئان متمايزان.. وفي مواضع أخري يمتزجان فيصبحان شيئا واحدا كما هو الحال يوم القيامة0 (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها)( النحل111) وأيضا يخاطب رب العزة النفس يوم القيامة علي أنها وصاحبها شيء واحد( يا أيتها النفس المطمئنة.. ارجعي إلي ربك راضية مرضية.. فادخلي في عبادي.. وادخلي جنتي)( الفجر27 ـ30). ولكن الإنسان يستطيع أن يتحكم في نفسه في الدنيا (وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي.. فإن الجنة هي المأوي)( النازعات40).. لندع الآن تكييف العلاقة بين الإنسان ونفسه جانبا( إن كانا حقا اثنين) ونأتي إلي الجانب العملي من الموضوع.. فهو أمر مألوف أن نقول: إن فلانا عديم الثقة في نفسه.. ولا يستطيع أن يتخذ قرارا دون الرجوع إلي زوجته مثلا! أو نقول: فلان يثق في نفسه ويواجه المواقف الصعبة بلا تهيب, إذن هناك شيء اسمه ثقة أو عدم ثقة في النفس.. وهل الثقة في النفس مرادفة للاعتداد بالنفس؟! وهل هناك حد فاصل بين الاعتداد بالنفس وبين الغرور؟! وأقول إن الذي يثق في نفسه له أن يعتد بها, ولكن ينبغي ألا يصل الأمر إلي درجة الغرور.. فالغرور مرحلة متقدمة من الاعتداد بالنفس.. والناس قد يختلط عليهم الأمر بالنسبة لشخص ما.. فقد يقول أحد إنه معتد بنفسه.. في حين يقول آخر إنه مغرور(!) فأن نثق بأنفسنا فذلك مطلوب, وأن نعتد بها جائز.. ولكن أن نغتر بأنفسنا فهذا ما لا ينبغي أبدا أن يكون.. فالغرور له محاذير كثيرة جدا.. وإن لم يلجم الإنسان نفسه وسيطر عليه الغرور فقد يقع ـ بل بالتأكيد سيقع ـ في شر أعماله كما يقولون وسوف نتعرض لهذا بعد قليل.. نعود إلي الثقة بالنفس ـ وجودا وعدما.. أو شدة وضعفا ـ فنقول إن غياب الثقة بالنفس يؤذي الإنسان ويكاد يشل حركته في الحياة.. فهو يخشي أن يقدم علي أي شيء.. ويحتاج دائما إلي من يوجهه أو يأخذ بيده.. فهو بطيء الحركة وهو متردد.. ولا يكاد يبرم أمرا حتي ينقضه بعد ذلك.. وهذا شيء يمكن ـ بل ينبغي ـ علاجه.. بالتفكير والحوار المتأني بين الشخص ونفسه.. لماذا أنا فاقد الثقة أو هكذا ضعيف الثقة في نفسي؟! ليس هناك سبب يدعوني إلي ذلك.. والإيمان هنا من أقوي الأسلحة.. لأن الله يطلب منا أن نتوكل عليه.. فإذا توكلنا عليه فهو يكفينا أمرنا( ومن يتوكل علي الله فهو حسبه)( الطلاق3).. وفي الأمور المصيرية لا مانع ـ بعد أن نفكر في الأمر مليا ـ أن نستشير من نطمئن إليه, وبعدها نقلب الأمر علي وجوهه المختلفة, ثم نتخذ القرار بأنفسنا, وأن نعزم ونتوكل علي الله (فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين)( آل عمران159).. اللهم إلا إذا ظهرت لنا قبل المضي فيما نحن بصدده, أشياء من شأنها أن تحسم الأمر علي نحو مختلف.. فهنا لا بأس من تغيير القرار.. ليس عن تردد.. وإنما نتيجة لمعلومة مؤكدة وصلت لنا.. قلت إن الإيمان والتوكل علي الله ييسر علي الإنسان أن يثق في نفسه وألا يخشي شيئا, فكل شيء بقضاء, ولن يكون في النهاية إلا ما قدر الله لنا( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلي الله فليتوكل المؤمنون)( التوبة51) والذي يثبت الثقة بالنفس هو الممارسة.. وأضع خطوطا تحت كلمة الممارسة, فالثقة ـ كغيرها من أمور كثيرة ـ لا نكتسبها إلا بالممارسة.. فالممارسة تدعم الثقة وتؤكدها.. ولا غني عن اكتساب الثقة بالنفس لأنه بدونها تصبح حياة الإنسان نهبا للمخاوف والهواجس, والإقدام والإحجام, والاعتماد المفرط علي الآخرين في اتخاذ القرارات التي ينبغي علينا اتخاذها في أمور حياتنا, كما نصبح هدفا يمكن أن يستغله الآخرون في تنفيذ مآربهم, طالما نثق فيهم ولا نثق في أنفسنا.. فيزينون لنا أشياء قد تنفعهم وتضرنا.. أو يحولون بيننا وبين أشياء تنفعنا ولا تنفعهم. الاعتماد علي النفس ضروري.. وهو لا يتأتي إلا بأن نمارس الثقة في أنفسنا.. ونتعود ذلك حتي نتخذ قراراتنا في سهولة ويسر.. غير خائفين ولا وجلين.. متوكلين علي الله في كل ما نأتي وما ندع.. والاعتماد علي النفس يؤدي إلي الاعتداد بالنفس.. ولا شيء في هذا علي الإطلاق.. أما أن يتحول الاعتداد بالنفس إلي الغرور فهذا من أسوأ ما يكون.. فالإنسان المغرور لا يطيق الناس صحبته أو التعامل معه.. والإنسان المغرور هو إنسان مزهو بنفسه.. فتراه يمشي بين الناس مختالا فخورا( إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا)( النساء36) وهو يتكبر علي الناس لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر( حديث شريف).. وهو يؤذي نفسه حين يضخم من ثقته فيها.. فتراه يتورط في أمور لا يحسن تقديرها ولا يقدر عواقبها, ظنا منه بأنه فوق مستوي البشر!! وتكون هذه الثقة المتضخمة والزائدة عن الحد وبالا عليه.. الاعتدال في كل شيء مطلوب.. والوسطية هي الطريق الآمن.. لا تفريط ولا إفراط.. والإفراط في الثقة بالنفس مهلكة.. بقي أن الثقة هي البداية.. إلي أي شيء؟! إلي تحقيق ذواتنا.. بأن تكون لنا أهداف في الحياة نحققها بإذن الله, ونسعي إلي ما وراءها.. أي إلي تأمين حياتنا الأخري التي تبدأ بالبعث والنشور وتدوم إلي أبد الآبدين.. والتي نرجو أن تكون في جنات النعيم.. |
اوراق الخريف
احسنت على مشاركتك وجهدك في طرح هذا الجانب المفيد . |
وانا بشكرك كتتير احمد على تشجيعك
الي وللجميع في الخيمة الله يبارك فيك ويعود هالايام عليك |
Re: الثقة بالنفس :
إقتباس:
لعل هذه العبارة هي لب الموضوع وأساسه فمع أن الثقة بالنفس أمر مطلوب ولكن يبقى كل شيء مرتبط بمكان وزمان الحاجة لهذه الثقة وتبقى الوسطيةهي الطريق الآمن حيث لا تفريط ولا إفراط جزاك الله خيراً أختنا أوراق الخريف على هذا النقل الرائع تحياتي :) |
بارك الله فيك استازنا الكبير الوافي
على مرورك الطيب الاعتدال في كل شيء مطلوب.. والوسطية هي الطريق الآمن.. لا تفريط ولا إفراط.. والإفراط في الثقة بالنفس مهلكة وكل عام وانت بالف خير |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.