أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   الخيمة السياسية (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   عصفورة قتلها اليهود (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=43650)

memo2002 31-03-2005 05:44 AM

عصفورة قتلها اليهود
 
قصة عصفورة قتلها اليهود


اختطفت والدة إيمان ردحاً من زمنٍ مغبّرٍ برياحٍ هستيرية تهب من الغرب لتطل على خان يونس، المدينة القابعة في حضن الجنوب الفلسطيني، لتزور عائلتها التي حرمها الاحتلال من الوصول اليهم طوال ثمانية شهور بسبب خنق الطرقات وتكبيل الأقدام، لعل الأقدار هي من ساقت إيمان ووالدتها إلى ذلك الطريق المظلم في وضح النهار..
ركبت الوالدة السيارة متجهة من مدينتها دير البلح إلى خان يونس ، تحمل في حضنها زهرة تتململ ذات اليمين وذات اليسار، تنظر إلى الأفق البعيد مبتسمة، متطلعة لغد مشرق آتٍ من وراء الشمس ، تغني للحلم الجميل، والأيام الوردية القادمة لا محالة..

تلك الزهرة كانت إيمان محمد حجو، آه ما أجملك من اسم ولد من رحم وطنٍ مسلوب، وكرامة أمةٍ هبت تنفض عن جسدها غبار الدنس ..

"إيه يا إيمان سنصل عمّا قريب بنيتي، لا تنزعجي فهناك دبابات الاحتلال على الطريق ، إن طلّ في وجهك أحد جنودهم لا تجزعي، لا تخافي ، فاسمك محفور من نور، ووجهك ملائكي يهابه الشياطين".

تغرغر في فم إيمان ضحكة ملائكية لا يفهمها إلا أمها، وكيف لا وإيمان لم تتجاوز الأربعة شهور..

" آه يا إيمان، سيفرح جديك بزيارتك الأولى لهم، سيشترون لك الهدايا والألعاب ولكن سنعدهم أنها لن تكون الزيارة الأخيرة أليس كذلك بنيتي؟؟ "

السيارة تطوي الأرض ، وإيمان تطوي المسافات ، تهرع للمصير المحتوم ، تستعجل القدر ..

تصل إيمان بيت جديها، تتلقفها الأحضان، ما أجمل هذا الرأس!!!! والعينين!!!! وذاك الثغر الصغير المحفور وسط هذا الوجه الملائكي!!!!!!!

تتعالى الضحكات، تتعالى لتصمتها قذائف تنهال لتغتصب فرحة ذلك النهار، تتسابق الأقدام في الهرع تنشد الأمان، وتستبق الزمن، وتلتجئ إيمان لصدرٍ حنون ظنت أن الرصاص لن يطاله، تهرول الأم تصارع الرصاص لتشعر بسخونة بين يديها، تطأطئ رأسها إلى صدرها لتجد أن زهرتها قد تفتتت أشلاء، وأن جسد إيمان الصغير قد اخترقته قذيفة ، وتتعثر الأم في سيرها بأحشاء ابنتها لتعرقلها وتقذف بها إلى ركن من الشارع !!

وينفجر ذاك القلب المسكون بالغد المشرق ، وتصمت إيمان عن الغناء ، وتقفل عيناها على وقع جلبةٍ في الحي .. تحمل إيمان الزهرة الصغيرة على أكتاف مودعيها في عرسٍ بهيج مزهوة بثوب فرحها الصغير الذي حلمت به .. تخرج من الدنيا بعد زيارة خاطفة لم تتعد الأربعة شهور .. وداعاً كلمة من القلب نقولها إلى شهيدة في عمر الزهور !!


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.