أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   وداعاً يامَن كنتَ صديقي ... (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=50907)

الشــــامخه 16-02-2006 09:46 AM

وداعاً يامَن كنتَ صديقي ...
 


{{{ وداعاً يامَن كنتَ صديقي }}}



قال الرسول الكريم :" الأرواح جنودٌ مجنّدة ماتعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف "


لذا ... يمكن القَوْل ... إنَّ الصّداقة هي تعارفٌ وتآلف بين روْحين ... وتلاحُم إنساني بينَ اثنَيْن ...
وتماسك اجتماعي يبتدئ بين اثنينِ ثم ينداحُ ويتمدَّد ويتجذّر ليشمل مساحة المجتمع ...
الذي يُصبِح عَصِيّا بها على كلِّ غازٍ او طامعٍ أو محتلّ .

أمّا الصّداقة التي تقوم على أسس ماديّة ومنافع مالية بين أطرافها، فإنّها لاتدوم،
لأنها تتوقف بتوقف المصالح بين الأطرافِ فيها .

والصّداقة الحقّة التي تحضُّ عليها الشّرائع السّماويّة هي تلك التي تقوم على عقدٍ إنساني منزّهٍ
من الغرض الماديّ، إلاّ من سُننها الأخلاقية ، ومُثُلها العُليا التي أتى على ذِكرها الأنبياء والصالحون .


فقد عرَّف الرسول الكريم الصّديقَ بقوله:" صديقُكَ من صدَقَكَ وصدّقَك "

كما أشار إليها أحد الأدباء الروائيين الغربيين في معرِضِ روايته فقال :
الصّديق الصّدوق، من يلتمس لك المعاذيرَعند سقطتك !

وأخطرُ الصّداقات ، هي مصادقةُ المرءِ لِنفسِه وخضوعه لوساوسها ،
أومصادقةُ المرءِ لِنَفْسٍ أُخرى أمّارةٍ بالسوء.

والأغرارُ الذين ليس لهم خبرة في ارتكاب السيئات هم وحدهم الّذين يَسعَوْنَ إلى إقامة صداقات
مع أشخاص سبقوهم في ممارسة أفعال مُشينة وهَدْرِ أوقاتهم في ما يضرّ ولاينفع ،
ليسيروا على خطاهُم خاسِرينَ فاشِلين .

أمّا الأخيار، فهم وحدهم يدركون بأنّ الصّداقة هي عَقدُ عَوْنٍ وتعاونٍ’ وعهدُ تلاحُمٍ ووفاء ،
و قرينُ فِكْر وقلم ، ومورِدُ خَيرٍ وعطاء . ويَحضُرُني بَعضُ ما قيلَ في اختيار الصّديق ،
وهما بيتانِ من الشّعر القديم المجهولِ الهُويّة:

الشّمعُ يبكي وما أدري ألوعتُـــهُ *** من حرقةِ النّار أم من فرقةِ العَسَل

من لم تُجانِسُهُ إحذر تُجالسَــــــــهُ *** ما ضَرَّ بالشّمْ عِ إلاّ صُحبةُ الفُتُــــلِ

وقال أحدهُــــمْ :

اِحذر عدوّكَ مرّة ، واحذر صديقكَ ألف مرّة *** فلربّما انقَلَبَ الصّديقُ فكان أعلَمَ بالمَضَرّة

ومِسْكُ الختام ، حكمةٌ قالها عليُّ بنُ أبي طالب كرّم الله وجهه :

أحبِب حبيبكَ هوناً مـــا
عساهُ بغيضَكَ يوماً مــا

وابغض بغيضكَ هوناً ما
عساهُ حبيبكَ يوماً مـــا

ولعلّ الصديقَ الّذي عنَيتُ في القصيدة ، لم يكن صديقاً واحداً ،
بل ربّما كان جملةَ أصدقاء، وربّما لم يكونوا من الغرباءِ بل من الأقرباء ،
إذ لاتنعقد الصّداقة بين غريبيْنِ فحسْب ، بل بين قريبيْنِ أيضاً وربّما بين أخوين.

، وربما رمَزْتُ إليه بالذّكوريّة ، وواقع جنسهِ أُنثَى ، ربّما .... ربّما .

فنَظَمْتُ لهُ هذه القصيدة في أيامَ شبابي ،وفي خِضَمِّ أمواجِ خسارة تلاطمني وهُوجِ إعسارٍ يُحاصِرني،
فكانت قصيدةً استنكاريّة لنُكرانِ بعضِ أصدقائي لي عند عُسْري، وتنكّرِهِم لسوابقِ جميلي لهم .


{{{ القَصيــــدة}}}


آمنْـتُ أنَّ نوائــبَ الإنســـــــــانِ *** قَـدَرٌ، قضَتْـهُ مَشيئةُ الرّحْمـــــا نِ

فمنحْتُ صَدري للشّدائدِ باسِمــاً *** والظَّهْرُ يُطْعَـنُ غِيبةً ، ويُعانــــي

مِنْ صاحِبٍ قد خِلتُهُ لي جابِـــــراً *** عَثَـراتِ حَـظٍّ خانَني، فرَمانــــــي

أو راجياً لي في هُمومي فُرْجـةً *** بِدعاءِ قَلْـبٍ أو بِطِيْبِ لســــــــانِ

فهوَ العَزاءُ، ولستُ أبغي غيـــرَهُ *** وهوَ الدَّواءُ علَى جِراحِ زَمانـــــي

قد كان يَصْطَنِعُ الوِدادَ تزلُّفـــــــاً *** وجَوادُ حَظّي في الدُّنا بأمــــانِ

لكنّـهُ ما إنْ كَبـا وتقلَّبَــــــــــــتْ *** دُنيايَ ، لَمْ ألْـقَ الّذي يَلقانـــــي

فلَكَمْ أضأتُ من الوِدادِ ظلامَــــــهُ *** لكنّـهُ في الحالكـاتِ جَفانــــــي

ولَكمْ رَوَى دمْعي صَحارَى بُؤسِـهِ *** فاخْضَوْضَرَتْ في وجهِهِ شَفتـــانِ

وحضَنْتـُهُ في مُقلَتَـيَّ تَعَطُّفـــــــاً *** فغَدا قَذَىً تَعْشَى بها العَيْنـــانِ

ياخِـلُّ يامَنْ ضَلَّهُ سَهْمُ القضـــــــا *** ءِ،فصارَ سَهْماً في الحَشا يُدْميني

لاتَغْتَذي مِنْ ظَهـْرِ خِلِّكَ رُبّمــــــــا *** بِقَضاءِ ربِّـكَ في غَدٍ سَتَلينــــــي

ويَجئُ دورُكَ في احتياجِ صَداقةٍ *** في النائباتِ تَكونُ راحَ حَزيـنِ

فترَى مثيلَكَ مَن تَقلَّـبَ قلبُـــــــهُ *** يَرمي فؤادَكَ بالّـذي تَرْمينــــــي

وَهْماً تظُنُّ بأنَّ يَومَ مَذلّتـــــــــي *** آتٍ إليكَ ، لتَستَطيبَ أنينـــــــي

ساقي سأبتُرُها،ولنْ أمشي بِها *** ذُلاًّ إليـكَ ، لِتَستبيحَ جبينـــــــي

قَدَمايَ صَلْدٌ ،رُكْبَتايَ عَصيَّـــــــةٌ *** شَفَتايَ حَمْـدٌ ، والكتابُ معينـــي

إنّي عَزيزٌ ، لَنْ أُ ذَلَّ بمِحْنـــــــةٍ *** ما دام عِزّي بالإلهِ ضَمينـــــــي

فدَعِ الفَخارَ بما جَمَعْتَ فرحمـــــةٌ *** خيرٌ وأبقَى ،وهْيَ قصْدُ يَقينــي

فجميعُ ما ازَّيَّنْتَ فيهِ لزائــــــــفٌ *** مادمْتَ عارَ العَهْدِ غيرَ أميـــــــنِ

ولْنَفْتَرِقْ .. لاعَهْدَ باقٍ بيننـــــــا *** شتّانَ بّيْنَ مُعاهِـدٍ وخَـــــــؤونِ

ولْنَفْتَرِق .. كلٌّ إلى مَعبــــــودِهِ *** فالوَهْمُ دينُكَ .. والحقيقةُ دينــي


عبد المنعم ( محمد خير )
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميّة

تحية عطرة ،،

:)


محمد العاني 16-02-2006 10:47 AM

نوّرتِ خيمة الثقافة و الأدب أختنا الشامخة..
لا حرمنا الله مشاركاتك الجميلة و بارك الله فيك على هذا النقل الرائع..



أخوك
محمد

الشــــامخه 17-02-2006 09:23 AM


أخي الكريم محمد العاني ..
جزاك الله خير الجزاء على ترحيبك اللطيف وكرم اخلاقك ..

تقبل شكري وتقديري لك ..
رعـ المولى ـاك ..

:)


الوافـــــي 20-04-2006 05:17 PM

إقتباس:

المشاركة الأصلية بواسطة الشــــامخه


أمّا الأخيار، فهم وحدهم يدركون بأنّ الصّداقة هي عَقدُ عَوْنٍ وتعاونٍ’ وعهدُ تلاحُمٍ ووفاء ،
و قرينُ فِكْر وقلم ، ومورِدُ خَيرٍ وعطاء . ويَحضُرُني بَعضُ ما قيلَ في اختيار الصّديق ،
وهما بيتانِ من الشّعر القديم المجهولِ الهُويّة:

الشّمعُ يبكي وما أدري ألوعتُـــهُ *** من حرقةِ النّار أم من فرقةِ العَسَل
من لم تُجانِسُهُ إحذر تُجالسَــــــــهُ *** ما ضَرَّ بالشّمْعِ إلاّ صُحبةُ الفُتُــــلِ




أعدت قراءت البيتين أكثر من مرة
وفي كل مرة أجد فيهما بعدا آخر لمعنى لم أصل إليه بعد
وبالتحديد البيت الثاني ، لأن فيه أمر لا أشك للحظة أنه واقع فينا رضينا أم أبينا
فأين لنا أن نعرف أن من " نجالسه " .. " نجانسه " ؟؟
وما أروع تصوير الشاعر حين جعل مشكلة الشمع في ذلك الفتيل الذي في داخله

موضوع رائع يستحق القراءة أختي الكريمة
فجزاك الله خيرا على أن صاده لنا قلمك

تحياتي

:)

عبدالحميد المبروك 21-04-2006 03:58 AM

إقتباس
والصّداقة الحقّة التي تحضُّ عليها الشّرائع السّماويّة هي تلك التي تقوم على عقدٍ إنساني منزّهٍ
من الغرض الماديّ، إلاّ من سُننها الأخلاقية ، ومُثُلها العُليا التي أتى على ذِكرها الأنبياء والصالحون .والصّداقة الحقّة التي تحضُّ عليها الشّرائع السّماويّة هي تلك التي تقوم على عقدٍ إنساني منزّهٍ من الغرض الماديّ، إلاّ من سُننها الأخلاقية ، ومُثُلها العُليا التي أتى على ذِكرها الأنبياء والصالحون .
آمنْـتُ أنَّ نوائــبَ الإنســـــــــانِ *** قَـدَرٌ، قضَتْـهُ مَشيئةُ الرّحْمـــــا نِ
فمنحْتُ صَدري للشّدائدِ باسِمــاً *** والظَّهْرُ يُطْعَـنُ غِيبةً ، ويُعانــــي

إنّي عَزيزٌ ، لَنْ أُ ذَلَّ بمِحْنـــــــةٍ *** ما دام عِزّي بالإلهِ ضَمينـــــــي
لا حرم الله زوار الخيمة و روادها من تحليلاتك المفيدة الرائعة ايتها الشامخة.
و أود أن اضيف هذا القول المأثور الذي يقول " ما كان لله دام و إتصل ، و ما كان لغير الله إنقطع و إنفصل" . فيا سعد من بنى علاقة لأجله لا لغيره ووفقا للمنهج الذي أنزله.


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.