|
الوضوح والغموض في الكتابة
في مجموعة من الأعمال الأدبية والفكرية يصطدم القارئ ويفاجأ بانغلاق النص أمامه،انغلاق لا مبرر له ولا داعي إليه ،فهو لا يعبر عن ثقافة الكاتب بقدر ما يعبر عن افتقار وعوز في الثقافة والرصيد اللغوي لديه،وهي الأدوات التي تجعل من التعبيرعن فكرة أو قضية ما تعبيرا واضحا جليا.
الغموض إذا كان عن استيعاب للقضية المطروحة وقتل لكل جوانبها بحثا واستقصاء وتمحيصا فإنه يجعل من النص نصا مغلفا بغلاف (سحري)،لا تكاد النفس تشعر منه بالملل ،فكلما قرأه المرء إلا وحدثته نفسه بقراءته ثانية،وفي كل مرة يخرج من النص بشيء جديد،فالنص هنا مثل النهر الذي لا يكف عن التدفق بالماء العذب.هذه هي الحال بالنسبة للأعمال العظيمةالحاملة لبذرة البقاء و الخلود في أعماقها والبعيدة عن الضحالة والسطحية والإسفاف. أما الإبهام ،وهو غير الغموض ،فما كان له أن يخدم قضية من القضايا أدبيا،والكاتب الذي يريدأن ينخرط في سلك خدمة القضاياالإنسانية عليه أن يتجنب حمل سلاح الغموض والإبهام ليخوض به غمار الكتابة. إن أية قضية واضحة تريد أن يتم التعبير عنها بوضوح ,وإلا فهي تكتفي بتوضيح نفسها دونما حاجة إلى كاتب يجعلها غامضة ومبهمة ،فالغموض والإبهام يزيدانها تعقيدا واستعصاء على الفهم ، والذين يتخذون من الإبهام مطية لا تستريح ،خصوصا كتاب قصيدة النثر،يحاولون أن يعوضوا بذلك عن شعورهم بالنقص الذي يملك عليهم وجدانهم وإحساسهم،وأزعم أنهم يسعون في تعذيب القارئ بنصوصهم ،وهم في الأخير لا يحصلون على أي تقدير من القارئ،ولو تجنبوا الإبهام لأعفوه من شعوره بالإشمئزاز والنفور،ولوضعوا أنفسهم في الأماكن التي تستحقها داخل حظيرة الأدب. خدمة القضايا تتطلب الوضوح وتحتاج إليه،والكتابة المبهمة لاتساعد أبدا على أداء هذه الخدمة،فقد تقوم بخدمة معاكسة لقصد الكاتب منها ، وذلك بنسف بناء القضية وهدمه هدما ربما لا قيام بعده. وإذاً ،لنكتب بكل وضوح ،فبذلك نريح القارئ من البحث والتنقيب وراء المعميات ،ونخدم الأطروحة التي ندافع عنها / |
الأخ مصطفى..
أهلاً و سهلاً بك أولاً بين مضارب الخيام..و عسى أن يطيب مقامك بيننا فيطول.. و موضوعٌ جميل الذي كتبت و فيه نصائح جليلة للكتاب. نطالبك بالمزيد أخي الكريم.. أخوك محمد |
لأخ مصطفي
أود بداية أن أرحب بك و أن أشكرك على كلماتك المضيئة في موضوع الغموض و الوضوح في النصوص الإبداعية و أنا أيضا يشوقني هذا الموضوع و يهمني كثيرا و بما أنني عائد إلى كتابة الشعر بعد فترة انقطاع فإنني أتوقف عند كتاباتي متسائلا عما إذا كان الغموض في بعض قصائدي مسرفا مغلقا للنص أم كاشفا بما يخفي. و لذلك أرجو رأيك الصريح فيما يتعلق بمسألة الغموض في نص نشرته منذ أيام في هذا المنتدى بعنوان " أسئلة لم تقطفها يداها" يوم 4/6/2006 و لك مسبقا خالص الشكر. صلاح |
إقتباس:
أخي الكريم محمد: أشكرك على المرور الكريم ،وأكبر فيك أريحيتك بخصوص مديح نصي المتواضع. تسلم أخي الكريم. ------------------ سؤال:هل الشاعر يمكن أن يتقاعد عن قرض الشعرفي زمن هو أحوج فيه إليه؟ |
إقتباس:
أخي صلاح عليوة: شكرا لك على الترحيب وأقول: إن الغموض الذي أعنيه هنا ليس غموض الشعر،وإنما غموض النصوص التي تروم طرح فكرة أو قضية ، إنها- بالتحديد-النصوص النثرية الفكرية. أما الغموض في الشعر فهو من طبيعة هذا الجنس الأدبي، ولرب قصيدة غامضة كانت أبلغ في إيصال الرسالة أكثر من القصيدة الواضحة[لا أرى أن القصيدة تكون واضحة بالمعنى الحرفي للكلمة]،ولك أن ترى أيهما أكثر ثراء عند التأويل . تسلم أخي صلاح. |
إقتباس:
بدءاً أرحب بك لعودتك بعد طول الغياب.. و ثانياً أحب أن أجيب عن سؤالك.. إذا لم يجد الشاعر أذناً تُصغي و قلباً يشعر و عقلاً يستجيب لما يكتب..فالأولى له أن يستقيل..لا أن يتقاعد فقط.. لأنه واحد من اثنين.. إما لا يفقه في الشعر شيئاً ولا يستطيع الوصول للناس.. أو أنه يعيش في زمانٍ ليس بزمانه و يُغرّد خارج السرب.. و في الحالتين هوه مألومٌ مكلومٌ من شعر و لأجل شعره.. دُمت بخير أخي الحبيب.. و عسى أن لا تغيب عنّا مرة أخرى.. أخوك محمد |
إقتباس:
أخي الكريم محمد العاني: لا،لا ينبغي للشاعر أن يستقيل أو يتقاعد،وإلا لمن سيترك المواجهة،مواجهة زيف العالم ورداءته؟ثم إن الشاعر عليه أن يكتب ، ولا يبالي إذا لم يجد كل الناس يسمعونه مع العلم أن هناك من قد ،فالشعر أساسا لا تكتبه إلا القلة ،وكذلك لا تفهمه إلا القلة،فالعامة لا يعول عليهم في فهم الشعر واستجابتهم لما يقوله الشاعر،ولك أن تتأسى بقول الشاعر القديم: علي نحت القوافي من معادنها=وماعلي إذا لم تفهـم البـقر! أما أن الشاعر يغني خارج السرب فذلك من صفات الشاعر الأصيل الذي يريد أن ينحت اسمه كصوت متميز وسط الزعيق الباعث على الغثيان. أقول لك أخي محمد هذا عسى ان ترفض التقاعد ،وتعود للتغريد ،فالشعر ورطة جميلة،ولا أدري كيف أنك تخلصت منها بهذه السهولة. تسلم أخي الحبيب. أخوك:مصطفى |
الأخ العزيز مصطفى..
صدقت و الله أنه ورطة..فلا أنفّس عمّا في داخلي إلا بالكتابة..و إني أتغاضى عن تقاعدي في بعض الأحيان عندما يهزني الشوق و الحزن على بغداد الحبيبة فأسقط في بئر حبها ولا أخرج إن لم أتغزل بها و بأيامها الخوالي و أبكي على ما تبقى من الأطلال. دُمت بخير أخي الكريم. |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.