شمول الاسلام لكل نواحي الحياة
 

نعم هذه حقيقة جلية واضحة لكل ذي عقل ,وأدلتها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا .
قال تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)
وقال صلى الله عليه وسلم لقبيلة بني شيبان بن ثعلبة عندما كان يعرض ن

فسه على القبائل في مكة :(ماأسأتم الرد اذا أفصحتم بالصدق , انه لايقوم بهذا الدين الا من أحاطه من جميع جوانبه )
واذا نظرنا الى القرآن الكريم والسنة النبوية وجدنا كثيرا من الأيات والأحاديث تتحدث عن العقائد والعبادات والأخلاق ..... والحكم بما أنزل الله والقضاء والجهاد والمعاهدات ..... وشئون المال والتجارة ... وشتى مظاهر الحياة.
قال تعالى :(كتب عليكم القصاص في القتلى )
(كتب عليكم الصيام )
(كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموتى ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف )
(اذا تداينتم بدين الى أجل مسمى فاكتبوه)
واحل الله البيع وحرم الربا) )

(وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك )
وقد أنكر الله على من يأخذ جانبا ويترك آخر :
( افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب )

وكل من ينظر في سيرة السلف الصالح يرى أنهم كانوا يفهمون الاسلام بهذا الفهم الشامل وكانوا يعملون بهذا الفهم , ويتخذون من الوسائل ما يمكنهم لتحويل هذا الفهم الى واقع عملي ملموس له كيان محسوس وليس قاصرا على الرؤوس ولا قابعا في النفوس .
ولكن للأسف الشديد خالف معظم المسلمين في هذا العصر هذا الفهم الصحيح , فمنهم من لايرى السلام شيئا , غير حدود العبادة الظاهرة ,فان أداها ظن أنه وصل الى لب الاسلام .
ومنهم من ظن الاسلام هو الأنكباب على كتب الأحاديث والتفاسير والعلم الشرعي دون محاولة العمل بما قرأ وحفظ
ومنهم من يرى الاسلام نوع من التقاليد القديمة البالية ,وهذا المعنى نجده في نفوس الذين ثقفوا بثقافة غربية.
أما الاسلام كما فهمه السلف ,هو الاسلام الشامل الذي ينظم شؤن الناس في الدنيا والآخرة ,وأن الذين يظنون أن تعاليم الاسلام انما تتناول الناحية العبادية أو الروحية ,دون غيرها من النواحي ,مخطئون في هذا الظن , فالاسلام عقيدة وعبادة ودين ودولة ووطن وروحانية وعمل وجهاد ....
ونحن نقرأ في كتاب الله الأيات التي تدل على توحيد الله والاخلاص له سبحانه بجانب الايات التي تأمر بالصلاة والزكاة , والآيات التي تنظم الحكم والقضاء والسياسة , والآيات التي تناقش الدين والتجارة , والآيات التي تنظم الجهاد والقتال والغزو , والآيات التي تتناول الآداب العامة ,وشؤن الاجتماع .
وهكذا نرى أن الاسلام هو هذا المعنى الكلي الشامل, وأنه يجب أن يهيمن على كل شؤن الحياة, وأن تصطبغ جميعها به , وأن تنزل على حكمه ,وأن تساير قواعده وتعاليمه ,وتستمد منه , مادامت الأمة تريد أن تكون مسلمة اسلاما صحيحا .
أما اذا أسلمت في عبادتها , وقلدت غير المسلمين في بقية شؤنها , فهي أمة لم تفهم الاسلام كما فهمه السلف الصالح ويكون اسلامها ناقصا .