![]() |
الوتر والعيد - جواب السيد طارق السعدي نفعنا الله به
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا تفضلت حضرة الشـيخ: ممكن تجاوبني على بعض الأسئلة وهي: 1. أنني بعد مـا اصلي التراويـح أسـتيقظ السـاعة الرابعة بعض الأحيـان وأصلي ركعتيـن قيـام الليـل وبعدهـا أصلي الشـفع والوتر، فهل ما أفعله صحيح أم لا؟ 2. كيفية صلات العيـد؟ ولكم جزيل الشكر. نور الهُدى ####### الجواب: عزيزتي نور الهُدى، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وطيباته. وبعد: فإن ( صلاة الوتر ) من قيـام الليل، ووقت القيام من دخول وقت العِشـاء إلى طلوع الفجر الصَّـادِق؛ قال الله تعـالى: { كانوا قليـلا من الليل مـا يهجعون } أي: ينامون { وبالأسـحار } أي: وقت السَّحَر، وهو: ثُلُثُ الليل الأخيـر { هم يسـتغفرون }[ الذاريات: 17 ـ 18 ]، وقالت أمُّنا السَّيِّدة عائشـة رضي الله تعـالى عنها:" كل الليل أوتر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وانتهى وتره إلى السحر "[ البخاري ]، بل إن أفضل الوقت آخر الليل؛ فقد قال سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسـلم: { اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً } [ البخاري ]، { من خـاف ألا يقوم من آخـر الليل فليوتر أوله، ومن طَمِـع أن يقوم آخـره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخـر الليل مشهودة }[ مسلم ]. تنبيه: فمن كان لا يتهجد ( أي: يقوم ثلثَ الليل الأخير )، أو خشي عدم القيامِ استُحِبَّ له أن يوتر في أول الليل، للخبر المُتَقَـدِّم. ففِعلك صواب، نسأل الله تعالى دوام توفيقك له ما حييت. وأما ( صلاة العِيد ): فإنها سُنَّة مؤكَّدة لكُلِّ مُكَلَّف، يدخُلُ وقتُها بطُلوع شمسِ يومِ العِيْـد، وينتهي عند الزَّوال، غير أنَّ أفضله: حين ترتفع الشَّمسُ قَدْرَ رُمح. وهي: ركعتان يُسَنُّ كونهما في جماعة، يُنادى لها ـ كما لغيرها مما لا أذان ولا إقامَة له من الصلوات ـ بـ( الصَّلاة جامعة )؛ قِيَاسَـاً على صلاة الكُسوفِ، إذْ قال سيِّدنا جابر رضي الله تعالى عنه:" صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين، بغير أذان ولا إقامة "[ مسلم ]. أكملها: 1. أن يُحْرِم المُصلّي بعد النِّيَّة المُعَيَّنَة. 2. ثم يدعو دعاء الافتتـاح. 3. ثم يكبِّـر سـبع تكبيـرات غيـر تكبيرة الإحرام والركوع، يجهر بِهِم ( ولو كان مأموماً أو مُنْفَرِداً )، ويرفع يديه حذو منكبيه في كـلِّ تكبيرة، ثم يضع يمناه على يسراه تحت صـدره بعد الانتهاء منها، ثمَّ يقرأ سِرَّاً بينها وبين التي تليهـا الباقيات الصَّالِحات: ( سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ). 4. ثم يقـرأ جهـراً سـورة ( الفاتحة ). 5. ثم يقـرأ جهـراً سـورة ( ق )، أو ( الأعلى )، أو ( الكافرون ) جهـراً. 6. ثم يُكَبِّر للرُّكوع، .. ويُتِـمّ الرَّكعة الأولى على صِفة الصَّلاة المُعْتادَة. 7. ثمَّ يُكَبِّـر في الرَّكعـة الثَّانيـة خمسـاً غيـر تكبيرة القِيَـام، على الوَصْفِ المُتقدِّم؛ قال سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليـه وسـلم: { التكبير في الفِطْـر: سـبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما }. 8. ثم يقرأ جهـراً سـورة ( الفاتحة ). 9. ثمَّ يقرأ جهـراً سـورة ( القمر ) إن قرأ في الأولى سـورة ( ق )، أو ( الغاشية ) إن قرأ في الأولى ( الأعلى )، أو ( الإخلاص ) إن قرأ في الأولى ( الكافرون ). 10. ثم يُكبِّر للرُّكوع، .. ويُتِـمّ الصلاة حتى التَّسليم على صِفة الصَّلاة المُعْتادَة. تنبيه: والتكبيرات كلها ليست فرضاً، فلو نسيها وشرع في القراءة فاتت، حتى ولو ذكرها بعد الشّروع في فرضٍ تلاهـا. 11. ثم يخطب الإمام بعدهما خطبتين؛ لخَبَر:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة "، وخبر:" كان النبي صلى الله عليه وسـلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شـيء يبـدأ به: الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظم ويوصيهم "[ البخاري ]. وهما كخطبتي الجمعة في الأركان والسُّنن، غير أن الأولى تُفْتَتَح بتسـع تكبيرات متوالية، وتُفْتَتَح الثانية بسبع كذلك. وأن يعلِّمَ الخطيبُ الناس أحكامَ الفِطرة في عيد الفطر وأحكامَ الأضحية في عيد الأضحى. ويُنْدَب له أن يجلس قبلَ الخطبة جلسة قصيرة قدر أذان. v ويُسَن في ليلتي العيدين ويوميهما: × ( إحياء ليلتي العيدين بالعبـادة )؛ لخبر: { من قام ليلتي العيدين محتسباً لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب }[ ابن ماجة ]. × ( الغُسْل )؛ لخبر:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى "[ ابن ماجة ]. ووقته: من منتصف ليلـة العيـد إلى آخـر نهار يوم العيد، وأفضل ذلك:بعد طلوع الفجر؛ قياساً على الجمعة، وفي الخبر:" أن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى "[ الموطأ ]. × ( التنظيف والتطيب والتزين للرِّجال والأولاد ). × ( الإفطار قبل الذهاب إلى صلاة الفطر )، ويسن كونه تمرات، وأن يكون عددها وتراً؛ فعن سيِّدنا أنس رضي الله تعالى عنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً "[ البخاري ]. × ( الإمسـاك عن الفطور قبـل صلاة الأضحى ) حتى الفراغ منها. × ( البكور بالخروج إلى الصلاة لغير الإمام؛ أما الإمام فيحضر مع دخول الوقت )؛ لخَبَر:" كان رسول الله صلى الله عليه وسـلم يخرج يوم الفطـر والأضحى إلى المصلى فأول شـيء يبدأ به الصلاة "[ البخاري ]. × ( الذهاب إلى الصلاة مشـياً من طريق، والعودة منها من طريق آخر)؛ قال سيدنا رسول الله محمـد صلى الله عليه وسلم: { إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسـعون، وأتوها تمشـون }[ البخاري ]. وفي الخَبر:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق "[ البخاري ]. × ( إقامة الصلاة في المسجد )، إلا إذا ضاق فيصح أن تصلى في صحراء. × ( تعجيل صلاة الأضحى، وتأخير صلاة الفطر )؛ لأن السُّنة أن تُخرج صدقة الفطر قبل الصلاة، بينما يضحَّي بعـد صلاة الأضحى، وفي الخبـر:" أن رسـول الله صلى الله عليه وسـلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران: { عجَّلَ الأضحى وأخر الفطر } "[ البيهقي ]. × ( التكبير في العيدين )؛ قال الله تعالى: { ولتكملوا العِدَّة } أي: عِدَّة شـهر رمضـان { ولتكبروا الله على ما هداكـم }[ البقرة: 185 ]، { واذكروا الله في أيام معـدودات } [ البقرة: 203 ]، قال سيدنا ابن عباس رضي الله تعـالى عنهما:" الأيام المعدودات أيام التشـريق "[ البخاري ]. والتكبيـر نوعـان: الأول: ( تكبير مُرْسَل ): وهو ما لم يُقَيَّد بالصلاة. ووقته من غروب شمس ليلتي العيدين إلى إحرام الإمام بصلاة العيد. ويندب لغير الحاج؛ فإنه مشغول بالتلبية. الثاني: ( تكبير مُقَيَّـد ): وهو التكبير عقب كـلِّ صلاة في عيـد الأضحى، فرضـاً كانت الصـلاة أو نفـلاً، أداء أو قضـاء. ووقته: من فجر يوم عرفة إلى عصر آخـر أيام التشريق، لغير الحاج؛ أما الحاج فيُكبر من بعد تحلُّلِه ظهر يوم الأضحى، إلى صبح آخر أيام التشريق. ويُسن كون التكبير المُقيَّد بعد أذكار الصلاة مباشرة، ولا يفوت بطول الفصل عن الصلاة. فائـدة: يُعتَبَـر التكبير الواقـع بين غروب شمس ليلة الأضحى إلى صلاة العيد تكبيراً مرسلاً مقيَّداً. وصِفَةُ التَّكبير: أنْ يُرْفع الصوت بالتكبير، إلا المرأة فتخفض صوتها في حال وجود أجانب بحيث تُسْمِع نفسها فقط. وصيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا اللهُ وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعَزَّ جُنْدَه،، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. اللهمَّ صلِّ على سيِّدنا مُحمَّد، وعلى آل سيِّدنا مُحمَّد، وعلى أصحاب سيِّدنا مُحمَّد، وعلى أنصار سيِّدنا مُحمَّد، وعلى أزواج سيِّدنا مُحمَّد، وعلى ذُرِّيَّة سيِّدنا مُحمَّدٍ وسَلِّم تسليماً كثيرا ))اهـ والوارِدُ: التكبيرات الثلاث نَسَقاً ( أي: على نظام واحد ) مع التَّهليل. ومـا زاد: فمُستحب، مندرج في عموم الطَّلَب المُوَسَّع، وله نظائر فيما ورد. ( التَّهْنِئة )، وهي: تهنئة الناس بعضهم البعض بقولهم: تقبَّل الله تعالى مِنَّا ومنكم، ومُصافَحَة: الرَّجلين، والمرأتين، والمحارم، لا مصافحة الرجل للمرأة من غير محارِمه؛ فإنها حرام، وأنْ تُقَبَّل اليَدُ لنحو صَّلاح كالعِلم؛ فعن سيدنا ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال:" فقَبَّلنا يـدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم "[ صحيح: أبو داود، والبخاري في الأدب المفرد ]، وقبَّل أبو لبابة، وكذا كعب بن مالك وصاحباه يـده الشَّريفة أيضـاً حين تاب الله تعالى عليهم [ البيهقي في الدلائل، وابن المقري ]، واسـتأذنه صلى الله عليه وسلم غيرُ واحـد لتقبيل يديه ورجليه فأذِنَ لهم بذلك [ الترمذي وغيره ]، وقبَّل سيدنا أبو عبيدة يد سيدنا عمر رضي الله تعالى عنهما حين قدِم [ سفيان في جامعه ]، وكذا قبَّل سيدنا زيد بن ثابت يد سيدنا ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه [ الطبري وابن المقري ] .. والأخبار في هذا الباب كثيرة. قال الحافِظ ابن حجر في الفتح:" وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقري جزءا في تقبيل اليد سمعناه، أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارا، فمن جيدها: حديث الزارع العبدي وكان في وقد عبد القيس قال:" فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله "[ أخرجه أبو داود ]، ومن حديث مزيدة العصري مثله، ومن حديث أسامة بن شريك قال:" قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده "[ وسنده قوي ]، ومن حديث جابر:" أن عمر قـام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده "، ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة فقال:" يا رسـول الله ائذن لي أن أقبل رأسـك ورجليك فأذن له "، وأخرج البخاري في [ الأدب المفرد ] من رواية عبد الرحمن بن رزين قال:" أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفاً له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها "، وعن ثابت أنه قبل يد أنَس. وأخرج أيضا: أن علياً قبل يد العباس ورجله، وأخرجه ابن المقري، وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي قال:" قلت لابن أبي أوفى ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فناولنيها فقبلتها ". "اهـ وكذا القيام لأهل الفضلِ إكراماً. هذا، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسَّداد، والدعوة إلى الحق بالحق بين العِباد، والثبات على سبيل الرَّشاد. خادم الحق طارق بن محمد السعدي |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.