![]() |
التلوث البيئي
وكان يرى –حي بن يقظان- ان التلوث نابع من أعماق ذات الإنسان الظلوم الجاهل العاصي العنيد، فانتشر رجسه إلى أنواع البيئة المحيطة بظاهره وباطنه على السواء.
البيئة الطبيعية المسخرة للإنسان قصد أداء الأمانة وتبليغ الرسالة. البيئة الجسمية المعرضة للسموم والخمور والأوبئة والتخمة والفقر ومعاصي الجوارح المسؤولة في العاجل و الآجل. البيئة النفسية المعرضة لاضطراب المزاج و احتلال التفكير و غسل الأدمغة. البيئة الفكرية الغارقة في الظنون، و الثقافات المستهترة، و الفنون المشوهة، و الآداب الخرافية،ورحى الكلام المجنون. البيئة العقلية بالغلو في العقلانية إلى حد تأليه العقل، و فساد المنطق، و الأزمات المعرفية و الاختلافات البرهانية و تضاربها. البيئة المعرفية في العلوم بفساد أشباه العلوم الإنسانية. البيئة القلبية " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " و يفسدون في الأرض، بفساد المعرفة و فساد القصد و سوء النوايا. البيئة الذوقية بتشويه الفنون الجميلة و السلوك الجميل و القول الجميل و النية الحسنة، كما يرى في رسوم الأطفال و رسوم المجانين و أهلاس المدمنين و خيالات الحميات و صور الأمم البدائية في الحفريات. تلوث البيئة الأخلاقية و هي الطامة الكبرى و أم المصائب و الدواهي و الرزايا بقلب الفضائل رذائل و الرذائل فضائل عند إنسانية أصبح تفكيرها أحول و قلبها أعمى و بصيرتها مطموسة و عقلها مختلا. البيئة الدينية بالتعصب و الإكراه و الإغواء و الاضطهاد و الإبادة و الاغتصاب، مع أوج نفاق المنافقين، أدعياء التسامح و حرية الرأي، و هم يحاربون الله و رسوله غدرا أو مخاتلة أو إثما و عدوانا و تضاربا بين الأقوال و الأفعال و دموع التماسيح. البيئة الاجتماعية بمجاورة التخمة والفقر و الخوف و الجوع و المخدرات و المسكرات و الفسق و الفجور و الفتن و التهميش و التسول و جنوح الأحداث و الإجرام و السرقة، و قطع الطريق و الوحدة والغربة و الاغتراب، و أنواع الحمق و الاضطراب و الاحتلال، و نهك القوة العصبية و النفسية و الإرهاق و الهم والغم و التكاثر إلى حد المقابر و الاستلاب و ضياع الكرامة و الشرف و الميوعة و الانحلال و التمرد و الشدة والحدة و الاعتداء و انهيار القوة المعنوية و الروحية و البطالة و الاضطهاد و المعارضة الصامتة و المكممة. البيئة العائلية بتفكك الأسرة تدريجيا في أنحاء العالم وضياع الشرف و الألفة والوفاء وانتشار الخيانة والديوثية وضياع كرامة الحجاب وكشف العورة في المسابح والشوارع،كما يلاحظ الأطباء عند بعض المرضى في ظاهرة الاستعراء وتبرج الكاسيات العاريات،وذلة الرجال بضياع الحياء والحشمة والوقار، مع اضطهاد الجنس اللطيف و ظلمه في أنحاء المعمورة، بجانب ظلم النساء لأنفسهن وكثرة سوء التفاهم بين الطرفين، ونسيان الرسالة العظمى الملقاة على كاهل الطرفين، لحمل الأمانة،وأداء الرسالة، وتجاوز الفاقة والتبذير، ونسيان الجار، والأنانية الجنسية مكان الوفاء بين الزوجين في عالم أصبح أقرب ما يكون من القفص و الإصطبل. د. المهدي بن عبود – عودة حي بن يقظان |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.