![]() |
حكمة الفيل
يبدو لي "الفيل" مخلوقا عجائبيا وسط مخلوقات الغابة .
إنه ليس النمر في نزقه و غدره. و ليس الأسد في استعراض القوة و نزوات البطش. و هو بطبيعة الحال، ليس الثعلب في مكره أو الذئب في تطفله على فتات موائد الكبار. الفيل بارد هادئ واثق الخطو قادر على الألفة و التآلف، و قادر في نفس الوقت على أن يعرض هيبته و يوحي بالاحترام كما يوحي بالطمائنينة في غير عجز. غير أنني قرأت أخيرا ما أكد لي حكمة هذا الجسم الكبير الضخم. فللفيل ستة أضراس في كل فك، يتحكم في تشغيلها على مدار عمره، فهو لا يستعمل إلا ضرسين اثنين في مرحلة، وعندما يتلفان يستعمل ضرسين آخرين حتى يتلفا،فإذا وصل إلى آخر ضرسين، يعرف الفيل أن نهايته قريبة، ويبدأ الاستئناس إلى ما بعد الحياة، منتظرا بنفس الهدوء، والسكينة و الوقار موته. حين قرأت هذا الخبر القادم من بلاد الهند الحكيمة، رثيت للإنسان الذي لا يستطيع أن يدرك، حتى حين تتساقط كل أضراسه وكل أسنانه أنه يقبل على انتقالة كبرى،حيث لا ينفع المال ولا البنون ولا السلطة ولا الجاه. بعض الناس،ولعلني منهم،يتصورون أن أداء عمرة يكفي لإسقاط ذنوب أكل مال اليتيم والسطو على المال العام و الاثراء غير المشروع. وبعض الناس يتصورون أن الصلوات الخمس يمكن أن تسقط من رقابهم الإساءة التي تلحق عبتد الله منهم،أو أحكاما جائرة يتورطون في إصدارها على الآخرين، أو طاعة مخلوق في معصية الخالق. إنها المقايضة في صورتها المخادعة التي لا يمكن أن تخدع أحدا. اللباس لا يصنع الراهب،كذلك جلباب يوم الجمعة ويوم العيد وفي أيام رمضان. ولست واعظا ولا وصيا على أحد،لكنني أشاهد أحيانا التلفزة، يعجبني كلام الرجل فيها حتى اللحظة التي يبدأ في إجزاء الشكر للسيد الوالي والسيد العامل (المحافظ) وللسلطات المحلية،حينذاك أمد الرجلين معا وأقفل الجهاز مستعيذا بالله من درجة النفاق التي يوصلنا إليها،رغم سقوط كل أسناننا وأضراسنا،طمع في دنيا زائلة. عبد الجبار السحيمي – "بخط اليد" –جريدة العلم (1996 ) |
شكراً يا عبد ربه على هذا الاختيار الموفق ، فالفيل كائن له خصوصية فريدة بين كائنات الغابة ، الفيل رمز الحكمة والوقار كما تصوره لنا القصص . والحيوان الذي يتحمل جشع الإنسان وطمعه ، ويدفع حياته ثمناً لنابي عاج ، يستخدمان للمترفين من البشر !!!
أرجو أن تعرفنا بالكاتب الذي اخترت له أكثر من موضوع ( عبدالجبار السحيمي ) ، وماذا تعني بعبارة ( بخط اليد ) ؟ وجزاك الله تعالى خيراً . |
الأخت الكريمة ميموزا لك جزيل الشكر على اهتمامك بالموضوع.
عبد الجبار السحيمي كاتب و صحافي وهو الآن رئيس تحرير جريدة العلم اليومية المغربية لسان حزب الاستقلال أحد أعرق الأحزاب السياسة المغربية - لا أنتمي لذلك الحزب و لا أحب السياسة أرجوك ألا تظنني أقوم بحملة دعائية -. أما خط اليد فهو عنوان كتيب يضم مقالات للكاتب المذكور كان قد نشرها بالجريدة المذكورة في ركن ثابت عنوانه أيضا بخط اليد. أبقى رهن الإشارة لكل معلومة إضافية أخرى يرى أهنه من المفيد أو من الضروروي. دمت بألفي خير |
اطمئن يا عبدربه ، أنا لا أومن بالتعددية الحزبية في الوطن العربي ؛ لأتوهم أنك تروج لهذا الحزب .
شكراً على المعلومات ، وإن كنت أود معرفة المزيد عن اتجاهات الرجل الفكرية ، لا أدري إن كنت مغربياًّ أو لا ؟! ولكن إن كنت مغربياًّ فأرجو أن تحدثنا عن المشهد الثقافي المغربي ، وتعرفنا أبرز أدباء المغرب . |
سأحاول ذلك من حين لآخر لكن دون أن أركز على ذلك كثيرا تجنبا لأي توهم ممكن بأني عنصري أو إقليمي
اقرئي موضوع ما وراء الصورة لنفس الكاتب وهو في كتاباته يتطرق للاختلالات السياسية و الاجتماعية |
أنتظر وشكراً لك .
|
شكرا لك يا أخي على هذا المقال الرائع..ولو لم يكن من إنشائك
لكنه يدل على قمة ذوق منتقيه.. أخي الغالي/ إننا نعيش في زمن ..ما أحوجنا فيه إلى كثير من هذه الفيلة...بعد أن تكاثرت الثعالب والنمور.. شكرا مرة أخرى وإلى الأمام ..واسلم لمحبك /إعصار |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.