![]() |
كثرة الذكاء و قلة العقل
وتميزت المدينة ، بل والأرض كلها بالتناقض الأليم : كثرة الذكاء وقلة العقل وضمور الحكمة . و لا أضر ولا أسوأ من المزج بينهما لما تؤول إليه الأذهان من غرور الأذكياء إلى حد الشيطنة خلطا بين الذكاء والعقل .
فإن كان الذكاء مجملا هو القدرة على حل المشاكل البريئة ، فإنه بدون عقل ينقلب إلى شيطنة إلى حد المكر والخداع والماكيافيلية خصوصا في ميدان الاستبداد والاستغلال واستعباد الإنسان للإنسان والتفنن في طرق الغش والتزوير ، فيكون الذكاء في هذه الحالة بمثابة الغوص على الأباطيل . أما العقل ، فهو طريق الحكمة الرامية إلى الغوص على الحقائق ونيل الصواب في الأحكام العقلية والسلوك الخلقي . والعقل والذكاء لا يخفى أحدهما على الأنظار وشهادة الشاهدين وحكمهم على الناس ، فيقال فلان ذكي ولكنه شيطان وفلان عاقل يتبع طريق الحكمة والصواب. ورأى حي بن يقظان أن الآلات وليدة الذكاء ، والإيمان والعدل والإحسان من دلائل العقل والحكمة . وأن المدينة المتناقضة الرافضة للجمع بين العقل والذكاء ذاهبة إلى ضنك المعيشة ولو مع الترف والبذخ والقوة والحول والطول . فالسعادة حالة باطنية تنطلق من نور البصيرة ، وتأتي بالشعور بالاعتدال ، وتنتهي بمقام النفس المطمئنة راضية مرضية . والشقاء عكسها اضطراب داخلي في المزاج من زوبعة الهيجانات الغريزية والانفعالية ، متدحرجة إلى الأزمات والفتن والحروب ، والعدوان الانتحاري على النفس ، والعدوان الإجرامي على الغير وأهل المدينة الشقية ((صم بكم عمي فهم لا يعقلون)) ولا يرجعون. والذكاء متفاوت من البسيط إلى الثاقب على وجهين : - إما أن يفضي إلى الإدراك الصحيح علما وعملا ، فهو عقل نير بعيد عن الطيش. - وإما أن يفضي إلى التلاعب والتحايل الشرير ، فهو شيطاني النزعة . أما العقل ، فهو دائما وأبدا أساس العلم الثابت والمعرفة الصحيحة والسلوك العاقل والتدبير الحكيم المعقول الراشد. والأمم المرتبطة بنور العقل والعلم والأخلاق الحسنة ، فهي رشيدة . وإما مرتبطة بسياسة الغرور والكبر والظنون وسوء الأخلاق ،فهي فاسدة غاوية مضمحلة تدريجيا ، مهما كانت قوة صناعتها وإتقان تقنيتها وواسع نفوذها العالمي خارج حدودها. وكلما تقدمت الآلات تضاعف الغرور ، واستفحل تفكيك الأسرة ، وشاعت الفاحشة ، وضعف الإيمان ، وزاغت القلوب ، وتعمق الشعور المأساوي بالشقاء . وكان الذكاء بلا عقل وبالا على ((الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )). ومن وراء الستار جيش المفسدين في الأرض يمعنون في إفساد العقول والقلوب والأرواح ، فرادى وجماعات ، طمعا في بسط نفوذهم على سائر أركان المعمورة يبغونها عوجا لاهين مجرمين ومستهزئين بغيرهم ، محرضين الناس أو الأغبياء من الناس بعضهم على بعض على غرار أعداء البشر وأعداء الحق. يهدفون بهذه الحرب النفسية والفكرية والمذهبية إلى إضعاف القدرة على التفكير والقدرة على تقوية النفس والإرادة .كما يهدفون إلى تقويض أركان الأمم بزلزلة أسس الأسرة والأخلاق الحسنة .كل ذلك بوسائل شيطانية على رأسها:السمعية البصرية. واتضح لحي بن يقظان أن التأمل العميق والتفكر الحكيم كاد يصير في خبر كان،وأن الإنسان الذي يتحلى بالجمع بين العقل و النقل والعلم والمعرفة والرشد والإرادة لابد له من تذكر بعض المعادلات منها : الذكاء و العقل = حكمة و تدبير. الذكاء و الهوى = شيطنة و تدمير. ودليل ذلك أن سرعة الغوص على الحلول مصحوبة بمراقبة النفس وتجنب الأخطاء المنطقية وليدة الذكاء السليم في تعقل وتبصر واختبار واعتبار. وأن كثرة الأفكار مع فساد المعرفة وفساد القصد وليدة طغيان الهوى حبا في الجاه والملذات وإرادة القوة دون قوة الإرادة إلى حد الاستبداد والظلم. فتتغلب شهوة الحكم والسيطرة على رغبة العدل والشورى و الاعتدال عند كل من جعل إلهه هواه وأضله على علم. ورأى أن سلامة الجسم والنفس والعقل والدين والعرض والمال قائمة على رأس الحكمة،وهو مخافة الحق جلت أسماؤه وصفاته. عودة حي بن يقظان - د. المهدي بن عبود |
هل تتفقون مع التعريف الذي يعطيه الكاتب للذكاء؟؟
|
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله أخي عبد ربه: الموضوع خطير وحساس جدا ودقيق وليس من السهل الخوض في موضوع كهذا. أولا ما ذكره الدكتور هو بعيـنه تصوير لمجتمعات أمريكا وأوروبا وغايـتها من الدول الإسلامية بصراحة مطلقة. لكن هنا دقيقة لا بد من التـنبـيه عليها وهي أننا لا نستطيع أن نصف الشخص بالذكاء وهو يستخدم ما أوتي من قوة إدراك للوصول إلى هدفه الشرير. بل هذا الغباء بعينه, نعم السائد والمتعارف عليه عندنا أن من يستخدم قوة الإدراك والتصوير التي رزقه الله إياها للوصول إلى أغراض وأهداف قبيحة يوصف بـ: ذكي لا يضع ذكاءه في مكانه. هذا التعريف غير صائب, لأن من التعريفات المجملة الجامعة للظلم أنه: وضع الشىء في غير مكانه. والظالم غبي, الذي يظلم نفسه غبي والذي يظلم غيره غبي والذي يظلم أرضه وأمته وأهله غبي, فكيف يكون غبـيا ذكيا في آن واحد؟ هذا يلزم منه الجمع بين نقيضين. فالحق كما قال الدكتور أن الذكي هو العاقل الذي يستعمل ما ءاتاه الله من قوة للوصول إلى أي هدف صحيح نقي وأسماها وأعلاها كما قال الدكتور هو أن تكون النهاية في الجنة ءامين. ويؤيد ما قلته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكيـِّس ُ - الذكي الفطن - من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. رواه الترمذي إذن من لم يعمل لما بعد الموت إنما عمل لدنياه فقط, هذا غبي غبي غبي وإن كان على قدر من الثقافة والمعرفة حتى لو كان رئيس الإستخبارات عند روسيا وأمريكا وعلى قدر عال - كما يزعمون - من الذكاء, لكنه غبي جدا فقد يموت في يوم تخرجه أو يوم ترقيته ولم يعمل شيئا لآخرته فكيف يوصف بالذكاء من مأواه جهنم خالدا فيها؟؟؟ ما ذكره الدكتور من استخدامهم ذكاءهم لتدمير مجتمعات أخرى إلخ.... يرجع إلى التعريف الصحيح فهم يستخدمون دهاءهم ومكرهم وحيلهم الشريرة للوصول إلى عزهم وتقدمهم الهش فلا يسمون أذكياء عندها بل أغبياء لأنهم استخدموا قوة الإدراك عندهم في أمور الشر. أعجبني المقال جدا وأعجبني ذكاء الدكتور في تصويره الأشياء كما هي على ما هي عليه وهذا أساسه قبل العلم قدرته النافذة على تصور الأمور على حقيقـتها دون توهم. سلمت يدك يا عبد ربه وسلمت يد الدكتور على ما أتحفنا به من تحليل صحيح لمأساة أغلب الناس يرونها على غير صورتها الأصلية ولكن بوجود هذه العقول النيرة يكون ارتقاؤنا إلى أسمى المراتب. شكرا واسلم لأخيك مجدي |
عبد ربه جزاك الله تعالى خيراً على هذا المقال النافع .
أتفق مع د.المهدي فيما ذهب إليه ، فالذكاء قد يكون موجهاً للشر فقط ، عندما يتجرد صاحبه من النزعة الأخلاقية التي يؤصلها الدين في النفوس البشرية . حتى في هذه الحالة لا نستطيع أن نقول عن هذا الذكي إنه غبي - كما يرى مجدي - إلا إذا فكرنا في العاقبة التي سيؤول إليها ! فالذكاء إن لم يعد بالنفع والصلاح على صاحبه ومن حوله ، فهو نقمة عليه حينئذ . ولكن وللأسف الشديد أن معظم الأذكياء الآن يسيطر عليهم أباطرة الشر في العالم ، فالذكاء الإنساني وكما نرى يقود البشرية للهلاك ؛ لأن الحكمة منزوية في ركن قصي وناء لا يصله إلا القليل من البشر الذين لا يملكون سحر السلطة ! |
شكرا...شكرا
حقيقة ودون أية مجاملة أوجد بين أساتذة لهم نظر ثاقب يبينون ويحللون وقل نظيرهم في المنتديات الأخرى...ولست بين همج لا ينتظرون إلا مجيء رسالة موقعة باسم أنثى يغازلونها كما يقع ويا للأسف في عدة منتديات عربية. اللهم اهدنا لأحسن الأعمال و الأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت. |
قالوا: " الكافر لا عقل له. "
|
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.