الثِّفَال – في اللغة والأدب .
الثِّفَال :
الثِّفَال بالكسر هو الجلد الذي يُبسط تحت رحى اليد ليقي الطحين من التراب ، هكذا ورد اسمه في معاجم اللغة العربية ، ولكن العامة يلفظونه بالذال وليس بالثاء فيقولون ذِفَال ، ولم أسمع أبداً مَنْ يلفظه من العامة بالثاء ، وقد ورد ذكره كثيراً في الشعر الجاهلي وفي الشعر العربي القديم فنرى زهير بن أبي سلمى في معلقته يصف الحرب ويقول : فَتَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الرِّحَى بِثِفَالِهَا .................. وَتَلْقَحْ كِشَافَاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ أما عمرو بن كلثوم فيذكره في معلقته أيضاً ويقول : يَكُونُ ثِفَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْدٍ .................. وَلُهْوَتُهَا قُضَاعَةَ أَجْمَعِينَا أما الفرزدق فيذكره في قصيدة يمدح بها سليمان بن عبد الملك ويهجو الحجاج بن يوسف : فَبُدّلْتُمُُ جَودَ الرّبيعِ وحُوِّلَتْ .................. رَحىً عَنْكُمُ كانتْ مُلِحَّاً ثِفَالُهَا وكذلك في قصيدة أخرى يمدح بها الوليد بن يزيد بن عبد الملك : إذَا مَا رَحَىً زَالَتْ بقَوْمٍ ضَرَبْتَهَا .................. على الدينِ حتى يستَقِيمَ ثِفَالُهَا أما ذو الرمّة فيقول : إذَا شَاءَ بعضَ الليلِ حَفَّتْ لِصَوْتِهِ .................. حفيفَ الرَّحَى من جِلْدِ عَوْدٍ ثِفَالُهَا أما الشاعر الأندلسي أبو اسحاق الألبيري فيقول : مَا فوقَ ظهرِكِ قَاطِنٌ أو ظَاعِنٌ .................. إلاّ سَيُهْشَمُ في ثِفَالِ رَحَاكِ ويقول ابن زيدون : فُجِعَتْ رَحَى الإسلامِ منكَ بقُطْبِهَا .................. ليتَ الحَسُودَ فِدَاكَ فهو ثِفَالُ ويقول أبو العلاء المعري : يا أبا القاسمِ الوزيرَ تَرَحَّلْتَ .................. وخَلَّفْتَنِي ثِفَالَ رَحَايَه أما في لسان العرب فنجد في مادة " ركا " : إلى أَيِّمَا الحَيَّيْنِ تَرْكُوا فَإنَّكُمْ .................. ثِفَالُ الرَّحَى مَنْ تَحْتَهَا لا يَرِيمُهَا وفي مادة " قرن " ، ومادة " عرزل " : تَحْكِي لَهُ القَرْنَاءُ في عِرْزَالِهَا .................. أُمَّ الرَّحَى تَجْرِي على ثِفَالِهَا ومن هنا نرى اقتران اسم الثفال بالرحى في معظم المواقع التي ذُكر فيها ، ويبدو أن الشعراء الذين ذكروا الثفال استقوا جميعهم معلوماتهم من معين واحد هو بيت زهير بن أبي سلمى المذكور ، وقد جاء ذكر الثفال وكأنه الشيء المظلوم الذي تعركه الرحى ، فيتعرض للضغط الشديد لثقل الرحى وعركها له لدى دورانها . وإن كان له دور آخر لا يقل أهمية عن سابقه يأخذه بمجرد الإنتهاء من عملية الطحن ورفع الرحى إلى مكانها حيث يستعمل لوقاية قطع العجين من التراب ، وتغطية الخبز الطازج للمحافظة عليه من لفح الريح وحمايته من الجفاف السريع حتى يظل طازجاً وطرياً . وبعد أن ظهرت الطواحين ( المطاحن ) الآلية الكبيرة قلّ دور الرحى وأصبحت وظيفته تقتصر على جرش كميات قليلة من القمح أو العدس للاستعمال المنزلي البسيط ، أما الثفال فقد تحرر من عرك الرحى ولكنه ظل كما هو عصوراً طويلة وما زال يستعمل حتى الآن ، وإن كان دوره قد أخذ في الانحسار حتى كاد ينسى تماماً . ومن المفارقات العجيبة انني طلبت من ابنتي (10 سنوات ) أن تضع ما تبقى من الخبز بعد الأكل في الثفال ، فحملت الخبز وبدأت تدور وتلتفت يمنة ويسرة ثم عادت إليّ مستفسرة متسائلة : ما هو الثفال يا أبي ؟ وأين هو ؟ فأرشدتها إلى معنى الكلمة ، وقلت لها : إنني قلت لك ذلك حتى تعرفي هذه الكلمة فيما لو سمعتِها مرة أخرى . |
بارك الله فيك أخي العزيز، هكذا نعلم أطفالنا المحافظة على هذه اللغة، ونحمي مفرداتها من الانقراض.
|
بارك الله فيك أخي عمر ، وأشكرك على التشجيع ، ودمت ذخراً للخيمة وروادها .
|
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.