أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   ليتني أستطيع (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=9019)

الوائلي 03-07-2001 09:27 AM

ليتني أستطيع
 
كنت أقوم بالمرور اليومي على المرضى في غرفة العناية المركزة في ذلك المستشفى الكندي الذي كنت أتابع فيه الدراسة الطبية العليا، لفت انتباهي اسم المريض على السرير رقم 3، إنه محمد... نظرت إليه ملياً أتفحص ملامحه التي كادت تتوارى تحت أنقاض الأنابيب وأجهزة الإنعاش، إنه شاب في الخامسة والعشرين من العمر، مصاب بمرض نقص المناعة "الإيدز" أُدخل إلى المستشفى قبل يومين مصاباً بالتهاب حاد في الرئة وحالته خطرة جداً وشبه ميؤوس منها، لم يكن هذا أول مريض مسلم أعالجه في بلاد الغرب، اقتربت منه حاولت أن أكلمه إنه يسمعني ولكن لا يستطيع أن يجيب إلا بكلمات غير مفهومة اتصلت ببيته، ردت أمه يبدو أنها من أصول عربية وأبوه تاجر كبير في المدينة شرحت للأم حالة ابنها وأثناء حديثي معها بدأت أجهزة الإنذار تتعالى بشكل مخيف مؤشرة على هبوط حاد في الدورة الدموية ارتبكبت في حديثي طلبت منها الحضور قالت: إنها مشغولة لأنها مرتبطة بالعمل، وقد تأتي مساء، قلت لها قد يكون الوقت متأخراً وأغلقت السماعة.
بعصد نصف ساعة أخبرتني الممرضة أن أحضر للقاء الأم، كانت في متوسط العمر لا تبدو عليها مظاهر الإسلام.. بدت مضطربة شرحت لها وضع ابنها الحرج انهارت باكية حاولت تهدئتها وأن تسأل الله له الشفاء، اندهشت: أنت مسلم، قلت: الحمد لله، قالت: نحن كذلك، طلبت منها أن تذهب عند رأسه وتقرأ شيئاً من القرآن لعل الله يخفف عنه.. انتفضت بارتباك وانخرطت بالبكاء وقالت: لا أعرف.. سألتها إذن كيف تصلين؟ أجابت: لا تصلي إلا بالعيد منذ أتينا إلى هذا البلد، ثم تكلمت عن ابنها كان طيب القلب يحب الحياة ولكنهانحرف في السنة الماضية مع تلك الفتاة التي استولت عليه، قلت: هل كان يصلي؟ قالت: لا ولكن كان ينوي الحج آخر عمره!.
اقتربتُ من الفتى، وهو يعالج سكرات الموت أجهزة المنبه تتعالى الأم تبكي بصوت مسموع، الممرضات ينظرن بدهشة، جاهداً حاولت أن ألقن الفتى الشهادتين، لكنه لا يستجيب، عاودت المحاولة مرات عدة بدأ الفتى يفيق شيئاً ما، قل لا إله إلا الله، الفتى يحاول بكل جوارحه الدموع تفر من أطراف عينيه وجهه يتغير لونه إلى السواد، قل لا إله إلا الله لقد بدأ يتكلم بصوت خافت مرتجف آه آه، ألم شديد أريد مسكناً للألم، قل لا إله إلا الله، الفتى يحاول شفتاه ترتجفان يا الله سينطقها الآن (I canصt I canصt) أريد صديقتي أريد صديقتي لا أستطيع، النبض يتناقص والتنفس يتلاشى، لم أتمالك نفسي أخذت أبكي بحرقة وأعاود المحاولة أرجوك قلها. لا أستطيع.. توقف النبض وأنا ممسك بيد الفتى، غطاه سواد كالح.. نسيت كل الأعراف الطبية انفجرت صارخاً في الأم: أنت المسؤولة أنت وأبوه ضيعتما الأمانة ضعيتكما الله.
الأم تبكي بذهول.

هذه الحكاية حقيقية كتبها دكتور في مجلة الأسرة، وهي جديرة بأن يقرأها كل من له قلب ينبض، وعينان تدمعان وعقل يفهم.

الأديب :

يا من بدنياه اشتغل ... وغره طول الأمل
الموت يأتي فجأة ... والقبر صندوق العمل

عمر مطر 04-07-2001 07:02 PM

أنا يا سيدي أعيش في مثل هذا المجتمع، وأرى من هذه الحالات الكثير، وطالما أبدى الآباء ندمهم، ولكن هل ينفع الندم بعد أن يكون قد انقضى وقت العمل؟

بارك الله فيك يا أديبنا، وزادك علما على علمك.

الوائلي 04-07-2001 07:38 PM

جزاك الله خيرا

وأنت أخي الحبيب على ثغر عظيم من ثغور الإسلام ، وصدقني أخي الحبيب أن الناس فيهم الخير ، لكن يحتاج إلى من يرعاه وينميه .

كم شخص اسلم بابتسامة ، وكم من شخص اسلم بكلمة ، وحسن معاملة .

الأمر لا يحتاج غلى أن يحيط الداعية بكتب الحديث الستة .

بلغوا عني ولو آية .

والله لو قمنا جميعا ـ وكلنا ذلك المقصر ـ بحق الدعوة غلى الله كما يجب لراينا ثمارا يانعة ، وقولبا للخير لاهثة ، ولأنقذ الله بنا من النار فئاما من الناس .

بقدر ما أقول أعانك الله على ما أنت فيه من مجتمع التفسخ والإنحلال ، بقدر ما اغبطك على أن تهيأت لك الفرصة العظيمة التي ربما حلم بها الكثير ولم تتهيالهم ، أن تواجدت بين ظهراني المشركين والملحدين ، ولئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم .

أعاننا الله وإياك على حمل الأمانة والدعوة إلى الله .

وفقك الله وسدد خطاك .


أخوك : الوائلي

لنجعل ما حسبناه سرابا ... ينابيعا تطل على ورود
إذا الإخلاص سافر في دمانا ... غدا تنمو أزاهير الورود

mojahid 09-07-2001 02:55 AM

جزاك الله خير يلوائلي على هذة القصة المؤثرة

وحمانا الله من الفتن ماضهر منها ومابطن

أخوك مجاهد


Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.