|
لوذوا بالفرار
إذا الليلُ جنّ وأنتم خروجٌ تسيرون في آخر المنحدَر
طريقٌ طويلٌ، ظلامٌ وصمتٌ يمصُّ الأحاسيسَ يمحو البصر بسهلٍ محيلٍ كثير الصّدوعِ سرى الموتُ في جوّه وانتشر تلاقون ما يشبه البيتَ شكلاً، يراودكم رعبه المستتر وكلّ الظلام وكلّ الذئاب تحذّركم، واكتمالُ القمر مزيج الرّطوبة والبرد والليل لا بدّ يحيي شعورَ الخطر ولكنّ شيئاً دفيناً لديكم سيأتي بكم رغم كلّ الفِكَر دخلتم تطلّون في حرص فأرٍ، تشمّون هل من صدى أو أثر ضيوفٌ لديّ! فيا ألف أهلاً، طويلاً جلسنا هنا ننتظر لماذا تخافون؟ هل من قروني ونابَيَّ أو من ردائي العَطِر؟ أضيئوا الشّموع! سنحيي الظّلام الطويل وننسابُ حتّى السّحَر وأحكي لكم قصّتي باختصارٍ، أنا رافضُ الفهمِ لا المعتبِر أتينا هنا مثلكم تبحثون عن المنزل الفاخر المعتبَر وإبليسُ قال: انتظر! ما تَرى أن تكونَ خليفتيَ المنتظَر؟ وأعطاني البيت والخُلد والمال ثمّ اختفى في غمار القدَر حسبتم بأنّي مليكٌ هنا؟ بل حبيسٌ هنا ليسَ ملكي السّفر فإن أخرُج الآنَ يظهر شهابٌ فيقتصّني، قادمٌ من سقر وإن يخرج الصّبحُ من جحره والشّعاعُ من الشّمس يُخفي القمر وأنتم هنا، فستنمو قرونٌ لكم والقلوبُ بكم تستعر! تصيرون ملكاً لإبليسَ طوعاً، تحبّونه وهو وغدٌ أشِر تلاشَوا بعيداً وفرّوا سريعاً فمن يبقَ منكم هنا منتحر أترجونَ خيراً بأصل الشّرورِ ونبع السّمومِ وشرّ الحُفر؟ ألستم ترَون احتباسي؟ ووجهي الجميلُ الزجاجيّ ها قد كُسر ألا إنّني قد نقلتُ النّصيحةَ كي تستجيبوا لها والنّذُر ولكن - ويا للمصيبة - أنتم تناسيتم الموعدَ المنتظر بقيتم هنا واستحلتم شياطين محبوسةً تصطلي بالشّرر تنازعتم المُلكَ ملك الخرابةِ ملك المكان المخيف القذر وما زالت الحرب تزكي لظاها وتحكي لنا من خفايا العبَر بأنّا جميعاً نحبّ الظّلام ونهوى المريب لأنّا بشَر فإن حلّ ليلٌ وأنتم خروجٌ فلا تقربوا آخر المنحدَر |
فإن حلّ ليلٌ وأنتم خروجٌ فلا تقربوا آخر المنحدَر
لا فض فوك يا ( قرابتنا ) وكأنني أشتم رائحة صاحب الطير بعبقها ورقة نسماتها ... زدنا زادكم الله من فضلة |
السلام عليكم
جزاك الله خيراً على كلامك الطيّب. في الواقع تلك كانت قصيدتي العموديّة الوحيدة! أمضيتُ أسبوعاً كاملاً في كتابتها. فإن أردت المزيد فأرجو أن يتّسع صدرك لقصيدة تفعيلة.. جزاك الله خيراً مرّةً أخرى.. والسلام |
أخي هانئ
شعر جميل، بناءا ومعنى، وفقك الله. وهنا فائدة تتعلق بالروي المقيد (الساكن) فحسب كتب العروض يلزم في ما يسبقه التقيد بحركة واحدة، ويسمى خلاف ذلك بسناد التوجيه، والتوجيه حركة ما قبل الروي المقيد،والسناد اختلافه أو اختلافها، كما في كلمتي (المنحدَرْ،تستعِرْ) وشاهده في كتاب أهدى سبيل إلى علمي الخليل قول رؤبة من مشطور الرجز وقائم الأعماقِ خاوي المختَرَقْ ألّف شتّى ليس بالراعي الحَمِقْ شذّابة عنها شذى الّبع السّحُقْ ومنه قول المتنبي : فهمت الكتابَ أبرّ الكتُبْ ................فسمعاً لأمرِ أمير العرَبْ وما عاقني غير خوف الوشاةِ ...........وإنّ الوشاياتِ طُرْقُ الكَذِبْ وجاء في كتاب (العيون الغامزة) ما يفيد التخفيف من إلحاق العيب بهذا السناد :" والأخفش يرى أن اختلاف الإشباع أفحش، مستنِدا مستندا إلى كثرة تعاقب الحركات قبل الروي المقيد في أشعار العرب كول امرئ القيس: فلا وأبيكِ ابنةَ العامريّ .............. لا يدّعي القومُ أني أفِرّْ إذا ركبوا الخيلَ واستلأموا ........... تحرّقت الأرضُ واليومُ قَرْ ومن ذلك وقد ذكرتني به قصيدتك قول أبي القاسم الشّابي إذا الشعب يوما أراد الحياةَ ..............فلا بد أن يستجيب القدَرْ ولا بدّ لليل أن ينجلي ..............ولا بدّ للقيدِ أن ينكسِرْ وأكرر أني ما سقت ذلك إلا للفائدة، وحسبك أن تكون في هذا مع المتنبي وامرئ القيس. وألاحظ كثرة هذا السناد في المتقارب خاصة، ولعله فيه يسلس أكثر مما يسلس في سواه. ولعلّ لأخي عمر مطر مقالا هنا. |
أشكرك جدّا على هذه الفائدة وأحمد الله أنّ شعري نال إعجابك. لكنّي أكرّر إنّ هذا ليس أسلوبي، فأنا مختصّ في قصيدة "التفعيلة" والّتي هي من أشكال الشّعر الحرّ.
والسّلام |
Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.