أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية

أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية (http://hewar.khayma.com/index.php)
-   خيمة الثقافة والأدب (http://hewar.khayma.com/forumdisplay.php?f=9)
-   -   التخلص (http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=9524)

سلاف 11-06-2000 02:07 AM

التخلص
 
سبق نشرما يلي في حواار آخر .

من وحي ما ذكره أخي مجدي أقترح أن يفرد كل نوع من أنواع الفنون الشعرية أو الطرائف اللغوية
بباب، وفيما يلي أمثلةٌ على باب جميل تبرز فيه قدرة الشاعر الفنية المسماة ( براعة التخلص ) وهي
الانتقال من موضوع لآخر، وغالبا ما يكون من استهلال قصائد المدح بالغزل والانتقال منه إلى المدح
وأحيا إلى الفخر. وأملي أن يساهم المشتركون بما يرونه في هذا الباب.
1- يقول محمد بن وُهَيْب
ما زالَ يُلْثِمُني مراشِفَـهُ --- ويَعُلُّني الإبريقُ والقدحُ
حتى استردَّ الليلُ خِلْعَتَهُ --- وبدا خلالَ سوادهِ وضَحُ
وبدا الصّباحُ كأَنَّ غُرَّتَهُ --- وجهُ الخليفةِ حينَ يُمْتَدَحُ
2- وللمتنبي في مدح أبي علي هرون الكاتب
أمِنَ ازديارك في الدُجى الرقباءُ --- إذْ حيث أنتِ من الظلامِ ضياءُ
قلَقُ المليحة وهي مسكٌ هتْكُها --- ومسيرُها في الليلِ وهي ذُكاءُ
أسفي على اسفي الذي دلّهْتِني --- عن علمهِ فبـهِ عليَّ خـفاءُ
وشَكِيَّتي فقْدُ السَّقامِ لأنَّــهُ --- قدْ كان لمّـا كان لي أعْضاءُ
مثَّلْتِ عينَكِ في حَشايَ جِراحةً --- فتشابـها كِلتاهـما نجلاءُ
نفذت عليَّ السّابرِيَّ وربّـما --- تنْدَقُّ فيه الصَّـعدَةُ السّمراءُ
أنا صخرةُ الوادي إذا ما زوحمتْ --- وإذا نطقتُ فإنني الجوزاءُ
3- وللمتنبي أيضاً في مدح المغيث بن عليٍّ من بني عجْل
من قصيدته التي مطلعها
دمعٌ جرى فقضى في الرّبْعِ ما وجبا --- من أهلهِ وشفى أنّى ولا كربا
وفيها يقول:
هامَ الفؤادُ بأعرابيَّةٍ سكنت ----- بيتا من القلبِ لمْ تمْدُدْ لهُ طُنُبا
بيضاءُ تُطمِعُ فيما تحتَ حُلَّتِها ----- وعزَّ ذلك مطلوباً إذا طُلِبا
كأنّها الشمسُ يعيي كفَّ قابضِهِ --- شُعاعُها ويراهُ الطّرْفُ مقترِبا
مرّتْ بنا بين تِرْبيها فقلتُ لها -- من أينَ جانسَ هذا الشادنُ العَربا
فاستضحكتْ ثُمَّ قالت كالمُغيثِ يُرى - ليْثَ الشّرى وهْوَ من عِجْلٍ إذا انتسبا
عمْرُ العدوِّ إذا لاقاهُ في هرَجٍ --- أَقَلُّ من عُمْرِ ما يحوي إذا وهبا

ميموزا 12-06-2000 08:37 AM

جزاك الله تعالى خيراً على إثارة هذا الموضوع الطريف ، والذي عده نقاد الأدب قديماً مما يدل على تمكن الشاعر وذكائه ، فمن العسير جعل المعاني تنساب انسياباً بين أغراض مختلفة ، وهو أمر لا يستطيعه إلا من أوتي ناصية البيان .
أتوقف عند أبي الطيب فمن بديع تخلصه من الغزل إلى المديح قوله ، وهو برأيي من عجائب المطالع الشعرية :
أتراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقة في المآقي
كيف ترثي التي ترى كل جفن ... راءها غير جفنها غير راقي
أنت منا فتنت نفسك لكنـ ... ك عوفيت من ضنى واشتياق
إلى أن يقول :
كاثرت نائل الأمير من الما ... ل بما نولت من الإيراق .

ولأبي الطيب أيضاً في الانتقال من الرثاء إلى الفخر ، يقول في رثاء جدته :
وما انسدت الدنيا عليّ لضيقها ... ولكن طرفاً لا أراك به أعمى
فواأسفا ألا أكب مقبلا ... لرأسك والصدر اللذي ملئا حزما
وألا ألاقي روحك الطيب الذي ... كأن ذكي المسك كان له جسما
إلى أن يقول :
ولو لم تكوني بنت أكرم والد ... لكان أباك الضخم كونك لي أما
لئن لذ يوم الشامتين بيومها ... لقد ولدت مني لأنفهم رغما

سلاف 13-06-2000 06:44 PM

وللبحتري من قصيدته التي مطلعها
كنتُ إلى وصلِ سُعدى جدّ محتاجِ
…………….لو أنّهُ كثَبٌ للآملِ الراجي

يقول بعد عدة أبيات من الغزل متخلصا إلى المديح:
أسقى ديارك - والسّقيا تقِلُّ لها -
…………..إغزارَ كلِّ مُلِثِّ الودقِ ثجّاجِ
يلقي على الأرضِ من حَلْيٍ ومن حُلَلٍ
………….ما يُمْتعُ العينَ من حسنٍ وإبهاجِ
فصاغَ ما صاغَ من تبرٍ ومن ورقٍ
………..وحاك ما حاك من وشيٍ وديباجِ
إلى عليِّ بني الفياضِ بلّغني
….….سُرايَ من حيثُ لا أسري وإدلاجي

سندبادالشعر 13-06-2000 08:48 PM

وفي القصيدة الزينبية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يخلص من المناجاة والشكوى إلى النصيحة والعظة.
يقول:
صرمت حبالك بعد وصلك زينب *** والدهر فيه تصرم وتقلب
نشرت ذوائبها التي تزهو بها *** سودا ورأسك كالنعامة أشيب
واستنفرت لما رأتك وطالما *** كانت تحن إلى لقاك وترهب
وكذاك وصل الغانيات فإنه *** آل ببلقعة وبرق خلب

ثم يبدأ عملية التخلص:
فدع الصبا فلقد عداك زمانه *** وازهد فعمرك منه ولى الأطيب
ذهب الشباب فما له من عودة *** وأتى المشيب فأين منه المهرب
ضيف ألم إليك لم تحفل به *** فترى له أسفا ودمعا يسكب

ويخلص إلى العظة والنصح:
دع عنك ما قد فات من زمن الصبا *** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
واخش مناقشة الحساب فإنه *** لا بد يحصى ما جنيت ويكتب


والقصيدة من أفضل القصائد التي عرفتها في التحذير من الإغراق في الدنيا والنصح بالعمل للآخرة...



Powered by vBulletin Version 3.5.1
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.