فاطمة بنت الحسين
أبوها الحسين بن علي ،سبط رسول الله صلى الله عليه وسلّم وريحانته من الدنيا ومحبوبه .
أمها :أم كلثوم بنت طلحة بن عبيد الله .
وهي إحدى راويات الحديث النبوي الشريف ،ومن النسوة التابعيّات ممن أكثرن الرواية عن الصحابة والتابعين
روت عن عبد الله بن عباس وعن أبيها الحسين وعن بلال وعن جدّتها فاطمة الزهراء وعن عائشة أم المؤمنين وعن أسماء بنت عميس وعمّتها زينب رضي الله عنهن .
أنعم الله عليها بالجمال الباهر ،وكساها أدبا وطهرا ،وخلقا وعفّة ،ومكانة متميّزة في نفوس معاصريها على اختلاف طبقاتهم .
ولعل نشأة فاطمة في بيئة علمية وأدبيّة جعلها تقول الشعر أو تتمثّل به في المواقف التي تحرّك المشاعر ،من ذلك أنها نظرت إلى جنازة زوجها الحسن بن الحسن ،فغطّت وجهها وقالت :
وكانوا رجاء ثم أمسوا رزيّة **** لقد عظمت تلك الرزايا وجلّت .
ويبدو أنها كانت تملك إحساسا غريبا يشعرها بالحدث وان طالت المسافات ، فلما ُقتل والدها جاء غراب فوقف على جدار فاطمة ونعب ،فرفعت رأسها إليه فنظرت إليه وبكت بكاء شديدا وقالت :
نعب الغراب فقلت من **** تنعاه ويلك يا غراب
قال الإمام فقلت من *** قال الموفّق للصواب
قلت الحسين فقال لي *** حقا لقد سكن التراب
إنّ الحسين بكربلا *** بين الأسنّة والضراب
ولقد كانت ذا قلب جريء ، لا تقهرها المواقف من قول الحق أمام أيّ مخلوق .
وكانت أرفع النساء حياء وبعدا عن زخارف الدنيا .ولفاطمة أقوال نفيسة تدل على وفرة عقلها ،وحسن خبرتها وكمال مروءتها ،وخوفها من الله عزّوجلّ .ومن بدائع أقوالها أنها جمعت أولادها وقالت لهم : يا بني ، إنه والله ما نال أحد من أهل السّفه بسفههم ،ولا أدركوا ما أدركوه من لذّاتهم إلا وقد أدركه المروءات بمروءاتهم ،فاستتروا بجميل ستر الله عزّ وجلّ.
ولقد عظمت في أعين الناس وخصوصا عند عمر بن عبد العزيز وكان لها معظّما ،يعرف قدرها وصلاحها ،فذكرت فاطمة يوما عنده فقيل : إنها لا تعرف الشر ! فقال عمر : عدم معرفتها بالشر جنّبها الشر .
هذه فاطمة إحدى النسوة القدوة ،ممن آثرن النعيم المقيم على المتاع الزائل .
ما أجمل أن ندعو الله بدعائها : اللهم افتح لنا أبواب رحمتك اللهم افتح لنا أبواب فضلك .
|