أخي عمر
شكراً على مجهودك في قراءة ما كتبت وسبع وثلاثون دقيقة أنت مشكور على إعطائها من وقتك على أنك كريم ونحن نستأهل أم ماذا! ولعلها ليست كثيرة على مقال كتب بما يزيد على سبع وثلاثين ساعة! وهو مقال يحاول أن يكون منهجياً وهو متابعة لمقالات سابقة في نفس الموضوع الذي اسمه العام عندي:نظرية الاستلاب.
يا سيدي هناك مصطلحات لها معنى خاص في كتابات أخيك في هذا الموضوع ومعك حق أن لا تأخذها بعين الاعتبار إذ الكتابات السابقة نشرت أولاً في كتاب ثم توبعت في مقالات متفرقة في المجلات والجرائد وجاء بعض ما في المقال يفترض أن القارئ قرأ ما سبق والسبب هو أن المقال جزء من كتاب المفروض أنه قيد الصدور.ولعلي الآن أعزلها نوعاً ما عن سياقها.
لم آخذ مفهومي عن نساء السلف من القصص أو الكتب بل من الملاحظة المباشرة بالعين المجردة لجيل أمهاتنا وجداتنا.
وهذا الجيل يا أخي لا أسميه "الجيل التأصيلي" بل أسميه "الجيل الأصل" وأديب وشاعر مثلك لا يفوته الفرق اللغوي بين "الأصل" و"التأصيل" فأنا أدعو بالتأصيل مرحلة من تطور الثقافة العربية المعاصرة يحاول فيها المثقف التأصيلي بوعي وقصد تجاوز حالة الاغتراب عن "الأصل" الذي هو المجتمع الأهلي. فكأنه الأطروحة الثالثة في ثلاثيات الجدل الهيغلي:أصل-اغتراب- تأصيل.
وأما الفكرة التي طرحتها عن موضوع تزين النساء لأزواجهن وما يرتدينه في حفلاتهن غير المختلطة فعددته برهاناً على اختراق المنطق الاستلابي لهن والسبب أنهن لم يخترن زياً وطنياً مثلاً والمرء يسأل نفسه: لماذا تركنا الزي الوطني الذي هو مناسب لبيئتنا ومناخنا ومنطقنا الديني والأخلاقي أيضاً لنتبنى زياً أوروبياً يناسبهم هم! والقضية لا تقارن بما كان يرتديه النبي عليه الصلاة والسلام لأنه لم يكن لما يرتديه معنى ثقافي أو اختيار حضاري ووضع الثياب في ذلك العصر كان مختلفاً فالآن أنا أناقش عقدة النقص التي تكمن وراء اختياراتنا للثياب و حتى للأسماء فلماذا اختفت من تداول أسماء الأطفال عائشة وفاطمة وخديجة لتظهر أسماء أجنبية لا معنى لها إلا أنها ينظر إليها على أنها "الأجمل"؟هل تعلم أن "فلورا" كاسم يعتبره بعضهم أنه أجمل من "زهرة"؟ والمعنى يا مولانا واحد ولكن من أين جاء اسم فلورا الجمال؟ من القاعدة إياها.
وباختصار:ما دامت المرأة المحجبة ترى أن زي المرأة الأوروبية "هو حقاً أجمل" فهذا عندي دليل على أنها بالداخل مقسورة على الحجاب وليكن قسراً دينياً وليس بالضرورة قسراً من الناس وحين نعتقد أن زينا الوطني هو الطبيعي لنا-كما في حالة الخليج والسودان وبعض أهل مصر والمغرب العربي الكبير عندها أقول إننا في نقطة اللباس موقفنا صحيح نفسياً.ومن هنا أعلق الأهمية على هذا الموضوع إذ اللباس يستعمل في مثل هذا السياق كمقياس للاستلاب الذي من تعريفاته عدم الرضى عن الذات والنظر إليها على أنها ناقصة نقصاً وجودياً أصلياً لا يمكن إصلاحه وهذا لا ينتج عن نقد ذاتي موضوعي بل عن عقدة نقص غير موضوعية ولا عقلية ويترافق مع النظر إلى الآخر على أنه كامل "في زيه ونحلته وسائر عوائده" والتعبير لابن خلدون في المقدمة
هذا هو الرد العفوي الذي خطر على بالي ولا أعرف كم استغرق من الوقت!
مع خالص التحية..
|