العودة إلى الأرض (5) .!!
.
.
.
وهكذا انطلق نسناس على ظهر المركب الخشبي من جديد بحثاً عن أمل جديد للحياة وعن أرض ربما يكون فيها شكل من أشكال الحياة التي يعرفها والتي عاشها في بلاد الإسلام ، ومضى المركب يشق عنان البحار ويخوض غمار المحيطات من مدينة إلى أخرى ولكن وللأسف كانت هذه المدن العربية والإسلامية قد فنيت وأبيدت فيها كل مظاهر الحياة ، وبدأ نسناس في الابتعاد عن دول العالم الإسلامي لربما يجد بعدها دولاً أخرى سليمة …
=== ==== بعد شهر من الرحلات المتواصلة ==== ===
وصل نسناس إلى بلد الإرهاب الأول في العالم ( أمريكا ) وهو لا يعرفها ونزل على أرضها وهناك وجد أن المجال للحياة كبير جداً فالأرض تكاد تكون خالية من الإشعاعات النووية مما يدل على ضعف الأسلحة التي أصابت هذه البلاد والتي سرعان ما زالت أثارها النووية ، كما أن الدمار الذي لحق بأمريكا ليس بالخطير بل إن اكثر المنشئات لا زالت بخير وسليمة ، وهناك في أمريكا طاب لنسناس وباقي القردة العيش فيها وقرروا استيطانها خاصة وبعد زوال البشر منها .
=== ======== بعد عدة سنوات ======== ===
مرت سنوات على تواجد القردة في أمريكا وبناء حضارة جديدة مأخوذة من حضارة الإسلام ويعود الفضل في ذلك إلى المعلم العربي الذي علم نسناس ومجموعته كيف يصنع لنفسه حضارة ، ولكن هناك مشكلة طرأت بعد هذه السنوات فنسناس لم يعد ذاك الشاب القوي ولم يعد القائد الذي يقود مجموعة صغيرة من القردة المتعلمة ، ولم تعد أمريكا تلك البلد الموحشة فالأمر تغير كثيراً وأصبحت أمريكا الآن بلد الحضارة الوحيدة في العالم الذي لم يعد فيه مكان للإنسان والإنسانية وباتت تسود فيه حضارة القرود وامتلأت أمريكا بالقردة صغاراً وكباراً وأصبح إسمها ( كوكب القردة ) لأجل كل هذا لم يكن بمقدور نسناس أن يحكم كل هؤلاء وأن يقودهم وان يطيعوه خاصة وان القردة لا عهد لها ولا ميثاق فهي لا تعرف هذه الفضائل وهذه الأخلاق .
وكثيراً ما كان يؤرقه هذا الأمر وكثيراً ما كان يتذكر معلمه العربي المسلم وكيف كانت الحياة في بلاد الإسلام ، وكثيراً ما كان يتمنى بل ويفكر جاداً في أن تعود هذه الحضارة الإسلامية للوجود ولكن دائما تبقى الأبواب مؤصدة أمام هذه التمنيات والأفكار فالسؤال صعب وصعبٌ جداً فكيف سيعيد الإنسان للوجود وكيف سيعيد معه حضارته الإسلامية ؟؟.
وإنه لمن العجيب أن يفكر هذا القرد ( الأمريكي ) في أن يعيد صياغة الإسلام والحضارة الإسلامية كما يمليه عليه عقله ، فالإسلام دين الله الذي أكمله وأتمه وختم الرسالة وأكملها على عباده بيد سيد الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا الأمر لا يدركه نسناس وشعبه حتى وإن كانت حضارتهم تسود العالم وتحكمه إلا أنها بالتأكيد حضارة بالية .
وهكذا بدأ التفكير يزيد ويزيد يوماً بعد يوم حتى بدأ نسناس ينزوي مع نفسه كثيراً ويتوحد مع الأفكار وذكريات الأمس التي لا يمكن أن ينساها ، وفي يوم من الأيام خطرت له فكرة لم تكن على باله مطلقاً … فكرة ستعيد الإنسان للوجود من جديد وتعيد معه حضارته وحياته ، فقد تذكر أن معلمه العربي علمه من ضمن ما علمه ( الإستنساخ ) وهذا العلم الرائد الذي كان يتفوق فيه العرب على سواهم كان نسناس قد تعلمه جيداً بل وإنه – في الماضي - قام بإستنساخ لبعض الكائنات الحية الصغيرة فما المانع إذاً من أن يستنسخ معلمه الإنسان ويعيده للحياة من جديد ؟؟.
نعم هي فكرة رائعة وجميلة ومقدور عليها ، لذلك أسرع نسناس وهو فرح ومسرور ليخبر أهل كوكب القردة ( أمريكا ) بفكرته وهو يتخيل مدى سعادتهم حين يسمعون منه هذا الخبر ولكن ردة فعلهم كانت بالنسبة له مفاجأة كبرى ……
.
.
.
|