عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 17-01-2002, 07:00 AM
مخلص النوايا مخلص النوايا غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2001
المشاركات: 48
إفتراضي

الى من تكال له المدائح الى هذه الهمم العالية والى هذه الروح السامية الى الرائع / محمد ب ......اسعدك الله وانزلك منزلة الصالحين والحقك بهم من الاولين والآخرين ...

أقرأ هذا الموضوع بسعادة عميقة بكلماتها الزاهية وحروفها الانيقة فلا نملك لك إلا الشكر والدعاء في ظهر الغيب..

اتمنى ان لا يكون حديثي بعيدا عن صلب الموضوع وإنما هو تقرير الشواهد في هذا الموضوع......

في بدايا الموضوع اردد في نفسي لماذ لم تذكر تعريفا ولو مؤجزا عن (الموسيقى الكلاسيكية والكم في سياق الموضوع وجدتُ ردك الحاسم والقاطع (( ان العربي الذي يشعر بالأسف لكونه "لا يفهم"في الموسيقى الكلاسيكية إنما يلزم نفسه بما لا يلزم )) وهنا تذكرت قول عمر الفاروق رضي الله عنه يردد ( مال عمر ومال أبّ) بعدما اكثر السؤال عن معرفة الآية الكريمة ( وفاكهة وأبّ) ..في قصة مشهورة..

لقد ذكرتَ الرسام الذي كان يستمع الموسيقى وتعلله بأنه يطرب لها , أثر الموسيقى في الرسم عملية نفسية ابداعية ومن اشهرها الرسام التركي التي جلبته الدولة العثمانية من تركيا من اجل ان يخط على جدار المسجد النبوي الشريف جاء معه فرقة موسيقية ويخط على الجدار والفرقة تعزف فكان من روائع الخط واحسنها وهذا الاثر الموسيقى هو نتاج عملية نفسية ابداعية...

وذكرتَ (( و على بيئتها الموسيقية الأبسط : الموسيقى الشعبية و الأنواع الأخرى من الموسيقى التي كانت سائدة في مجتمع بتهوفن .إن علاقة هذه "البيئة" بهذا النوع الموسيقي الصعب هي في فرضيتي مثل علاقة اللغة المستخدمة يوميا بنوع أدبي خاص ما لقواعد بنائية صعبة )) علاقة الموسيقى بالبيئة اتاحت كثير من الدراسات الادبية والاساس ان الانسان يرتبط دائما بالبيئة والبيئة اصبحت دائرة ترتبط بها العلوم ويقوم الان استاذي بطباعة كتابه العلاقة بين البحور والمعاني مستندا على لأثر الموسيقي في البيئة ..

(( أبعد ،و قد قابلت عددا من نبهاء المستعربين الأوروبيين الذين تكلموا معي بالعربية فتعزز هذا الأعتقاد عندي إذ وجدتهم ينطقون بعربية صناعية بعيدة عن روح العربية التي لا يفهمها إلا من كانت العربية لغته الأم أو من تربى طفلا من غير العرب في المجتمع العربي و برأيي فإن هذا القانون ينطبق على جميع اللغات )) نعم صدقت وأخبرك عن ما قاله لي شيخي عندما كان في بلاده ( مالي) في افريقا ينشد الشعر بنشوة الفصحاح ورونق البلغاء فسمعه زائر مصري لهذه الدولة من اهل العلم فقال له انت عربي لان الشعر خاصية لا ينطق بها إلا العرب على ان شيخي يتكلم العربية واللغة الطارقة واجداده من مالي فقال له شيخي نعم انا عربي من الادارسة انتقل جدنا الاكبر الى المغرب في عهد هارون الرشيد وبعد ذلك استوطنا في مالي اكثر من ألف سنة وقصة الادارسة وهارون الرشيد ثابته في مقدمة ابن خلدون ...من هنا مقياس فطري لمعرفت العرب مهما تلوّنوا في الشعوب وتقلب في الامم وهو خاصية الشعر لا ينظمه بالغة العربية في العالم إلا العربي..

(( أنا لا أشك أن "عمر البطش" و" زكريا أحمد "ما كانوا قادرين على تأليف سمفونيات فهل يعني هذا أن هذين الموسيقيين العربيين الكبيرين يقلان في القيمة عن مؤلفي السمفونيات؟ إن من يرى هذا لا يختلف عمن يرى أن المتنبي يقل في القيمة عن أي شاعر إنكليزي لأنه لا يستطيع أن يقول شعرا إنكليزيا ! وإن رأينا أن عمر البطش ما كان "يفهم في "الموسيقى الكلاسيكية )) انا لا اختلف معك ان هناك علاقة بين الشعر والموسيقى ولكني تمنيت ان تشير بدلا من المتنبي الى عباقرة المغنين العرب امثال معْبد وابن سُريج ومالك و ابن محرز الذين لهم سابقة الابتكار في الاغناء وكتشاف روائع الالحان تماشيا مع مقتضى ظاهر الحال ...ربما الاشارة الى الغناء العربي يزيد نور هذا الموضوع نور..

(( إن الحضارة الغربية تميزت تميزا إيجابيا بأشياء محددة وليس بكل شئ و هذا ما يقوله عقلاء الغرب بالذات الذين لا يخطر على بالهم الدفاع عن كل شئ يميز الحضارة الغربية )) نعم هو تميز محدود ولكن هو الان في مسيره الى الانهيار وهذا تنبؤ القاص العالمي لآرمست همنقواي في قصة العجوز والبحر التي اخذ عليها جائزة نوبل وهي عباره عن عجوز داخل زورق في البحر وصاد حوت كبير ولا يستطيع ان يضعه على هذا الزورق الصغير واصبح يجر هذا الحوت بواسطة الزورق وعندما وصل الشاطي وجد ان الحوت هيكل من العظام لان الاسماك الصغيره تأكل في هذا الحوت مسافة رجوعه الى الشاطئ في هذه القصه البسيطه التي اخذت اكثر الجوائز نجد الكاتب يصور لنا الحضاره الامريكيه في هذا الحوت الذي تراه في البحر وعند الشاطي تجده هيكل عظمي اي ان الحضارة الغربية زائفه يشبه الحوت بالاحضارة الغربية ولقد انتحر الكاتب عندما علم هذه الحضاره الزائفه.

(( العجب عجزنا عن انتاج جديد في الفلسفة أو علم النفس؟ هل انتجت كليات الفلسفة أو علم النفس في الجامعات العربية الكثيرة شيئا غير الترجمات والتلخيصات للمنتجات الغربية في هذين الميدانين؟)) انتاج الفلسفات قامت عليه الكلاسيكية الغربية وقامت الكلاسيكية العربية على ترسبات هذه الفلسفات ..إذا لم يكن للعربي انتاج فلسفي جديد يرجع الى التراث العربي في تجديد الفسفات القديمة واستبدال مصطلحاتها القديمة بمصطلحات جديدة في تحقيق للمفهوم الفلسفي عند العرب الذي يقوم على اساسيات جمالية ونجد ابن تيمية في كتابه المنطق وهو يحارب المنطق وضع منهجا باهرا ونقي للمنطق او الرجوع الى السلم المنورق للاخضري او الدمهوري او الصبان او احمد الملوي اسماء لامعة وزاهية ومع التّثبت والدّقة في فلسفات ابن رشد وابن سبنا ..الله الله انه تراث اشبه بالسموات والارض في جمالها وحسن نورقها..

(( لقد كانت هناك دوما موسيقى سهلة وموسيقى صعبة كما كان هناك دوما أكل دسم وأكل خفيف . الأولى للعمل والأعراس والثانية للاستعمال المركز المتذوق. و"الخفيف" و"الثقيل" يجد المرء لهما ذكرا في كتاب "الأغاني" )) نعم يوجد هذا الذكر في كتاب الاغاني في سياقات وتأصيل الاصوات مثل ( خفيف ثقيل)( ثقيل أول السّبّابة) ولكن الاصوات عند ابو فرج اليوم تعتبر طلاسما وذكر مثل هذا الشئ محمد مندور في كتابه الادب ومذاهبه ..استاذي القدير هل يوجد اليوم من يفقه او يعرف رموز الاصوات وماذا تدل عليه في كتاب الاغاني بحثتُ وسألت كثير عن ماهية هذه الاصوات والجواب كان بأنها طلاسم..

(( ركزت عليه الاهتمام في مقالي هذا وهو الموسيقى لم يكن إلا مثالا على حالة أعم هي حالة الثقافة العربية المعاصرة كلها. ))

هذه نفس شيخ العربية محمود شاكر التي ارأها فيك ..فكلاكما له منهج وكلاكما في هدف واحد السمو بالثقافة العربية ...محمود شاكر في رسالته الى ثقافتنا العربية وضع منهج التذوق بالنهوض بالثقافة العربية وكان تطبيقه العملي باهرا في كتابه المتنبي رحمه الله ..ولو مرة في حياتي رأيته قبل مماته لغسلتُ قدميه بالماء والبرد..

اعتذر سيدي عن الاطالة وسوء قريحتي ...فليس لي شفيع هنا إلا كرمك ومحبٌ لك في الله..
الرد مع إقتباس