(ردي في منتدى الشعر المعاصر)
الأخ الكريم تركي عامر،
السلام عليكم ورحمة الله
شكرا لك على فتح باب النقاش في هذا الموضوع، وهو باب كثر طارقوه، وقل المتفقون فيه.
وأتمنى أن يكون صدرك رحبا للمخالفة، وقد أسهب موافقوك في إبداء تأييدهم، فاسمح لي بذكر رأيي هنا.
1. إذا نظرت إلى الشعر المسمى بشعر النثر، من حيث المبنى -خصوصا- فإنك تجده امتدادا من نثر العرب، وليس فيه في هذا الباب تجديد، فما هو التجديد في أن تكتب نثرا؟ وقد يقول البعض أن الجديد فيه هو من حيث المعنى، فهو يتحدث عن معاصر أمتنا، وعن الواقع لا الماضي، ولكن حتى هذه لا نستطيع أن نقول أنها تجديد، حيث أن النثر كان دائما يتحدث عن معاصر الأمة، الذي قد نعتبره الآن ماضيا. وإذا لم تصدقني في كون (شعر النثر) قديما ليس بجديد، فما لك إلا أن تنظر في المقامات وفنون النثر العربي المختلفة، واسمح لي أن أعتبر التجديد الوحيد فيه هو كتابته على شكل سطور وليس متصلا كما كان يفعل العرب.
2. هل النثر إبداع؟ بالتأكيد، فإن من النثر ما يفوق ألف شعر، ولا أدري لماذا يشعر البعض من خلال تسمية النثر نثرا أنه انتقاص له؟ ولعل مثال أخي السلاف في الفرق بين الرجل والمرأة أجمل ما سمعت، فلكل منهما جمال يتناسب مع جنسه، ولا يمكن أن نحكم على جنس بمقاييس جمال جنس آخر، ولذلك فإننا -أهل الشعر العمودي إن شئت- إذا حكمنا على (قصيدة النثر) بمقاييس الشعر فإننا نراه دون المستوى، ولكنا إذا حكمنا عليه بمقاييس أهل النثر، فإننا نعتبره عندها إبداعا.
3. إذا كان النثر موجودا من قديم، فلماذا نصر على أن ننسب (قصيدة النثر) إلى غير والدها، ولماذا نصر على أن نزيل الحواجز بين الأجناس، ونوحـّد المختلفات التي لا تقبل التوحيد.
4. قد يقول البعض أن المشترك بين (قصيدة النثر) والشعر هو الروح (حيث أنهما لا يشتركان في التقيد بالوزن ولا القافية)، فيقول إن (القصيدة النثرية) مليئة بالصور والأخيلة، وفيها من الشعور المصاغ في الكلمات تماما كما هو الحال في الشعر العمودي، ألا ترى معي أن قائل هذه المقولة يبخس النثر العربي حقه، فكأنه يدعي هنا أن هذه الأمور كلها لم تكن موجودة في النثر العربي إلى أن أتت (قصيدة النثر)، وبذلك فإنه لا يمكن أن تكون هذه النثرية الإبداعية وليدة النثر العربي الخالي من الإبداع، وبذلك فإن علينا أن نضمها إلى الشعر العربي بطريقة أو بأخرى.
5. الأختلاف كما تفضلت هو اختلاف على المسميات، وهناك مجال للحرية، ولكن حتى الحرية لها حدود، فهل من الحرية أن يقول الرجل أن التفاح برتقال وأن البرتقال سفرجل؟
وفي النهاية فإني لن أنسى أن أشيد ببعض ما يكتبه الشعراء في المنتدى المعاصر، فأنا وإن كنت أخالفهم في تسميته شعرا، إلا أني أوافق في كونه أدبا راقيا.
تحياتي للجميع
عمر مطر