أخي سلاف
بل متعتي بالحوار مع أخ كريم وشاعر مجيد مثلك لا تعدلها متعة
حددت شعراء العمود المعتمدين عندي مرجعاً أقبل ما يقبلون بين جرير وأبي ريشة لأنني أعلم من في الجاهلية خرج على ما اعتمده الشعراء بعد ذلك، فأنت تعلم أن كثيراً مما يقبله الخليل لم يستعمل. منه مثلاً استعمال مستعلن بدلاً من مستفعلن في أي مكان في البسيط ولم يستعمل فيما رأيت في الفترة المرجعية التي ذكرتها أو لم يكد.. واستعمال متفعلن بدلاً من مستفعلن الثانية في أي من الشطرين هكذا :مستفعلن فاعلن متفعلن فعلن.. ومنها استعمال مخلع البسيط على طريقة امرئ القيس:عيناك دمعاهما سجال..كأن شأنيهما أوشال..والمستعمل الرائع الموسيقى هو استعمال المحدثين أي بعد العصر الجاهلي:مستفعلن فاعلن فعولن..
ولعلك ترى أنني لم آخذ بما تقره الكتب بل بما أقره الاستعمال فهو في اعتقادي سلطة مرجعية محترمة إذ هي ما استقر عليه ذوق الشعر العربي وما استقر على هذا عبثاً وقد رأيت أن أبا الطيب العالم ما كانت تخفى عليه إجازة أهل العروض لبسيط فيه مستعلن وثاني تفعيلتي مستفعلن فيه متفعلن ولكنه ما استعمل هذا أبداً..
ولم أر بأساً في أوزان لم تأت بها كتب القدماء ما دامت استعملت وقبلها الذوق كالدوبيت الذي دعوت إخواني مرة للنظم عليه إما بشكله الكامل:
يا غصن نقا مكللاً بالذهب..أفديك من الردى بأمي وأبي
إن كنت أسأت في هواكم أدبي..فالعصمة لا تكون إلا لنبي !
أو شكله المجزوء الموسيقي الجميل:
يا من لعبت به شمول..ما ألطف هذه الشمائل
نشوان يهزه دلال..كالغصن مع النسيم مايل
ما ألطف وقتنا وأحلى..والعاذل غائب وغافل
لا يمكنه الكلام لكن..قد حمل طرفه رسايل !
ومع بزوغ شمس التفعيلة جاء شعراء قديرون كنازك ثم درويش وعبد الصبور وحجازي فأصبحوا مرجعاً عملياً للتفعيلة..
وإذا جاء سلاف وأجاز الآن الدمج بين الكامل والرجز ولم أر هذا استعمل لا في التفعيلة ولا في العمودي وإن ذكرته الكتب ..فأخشى مع التردي العام في العربية أن يقتدي به الجهلة ولم يؤتوا علمه ولا ذوقه فيذهبون به مذهب التخريب..
ولعل عميد شعراء الخيمة السلاف يذكر حوارنا حول إشباع الحركة وعكسه تحويل حرف المد إلى حركة ورأيي أن هذا لا يجوز في غير الهاء إينما جاءت وفي غير آخر الشطر الأول في بيت مصرع وفي آخر الشطر الأول في بحري المتقارب والهزج ومستندي ليس كتاباً بل هو استعمال الشعراء وقواعد اللفظ العربي الفصيح..
مع تحياتي لك وشكري لفتحك باب الحوار الشيق..
وإنني لمن قوم لا أعد من ملذات الحياة شيئاً غير محادثة ذوي العقول الرواجح مثلك ومثل إخواني من أهل الخيمة..
|