عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 14-02-2002, 12:46 PM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي تأمل في القيمة الفنية

من أقوالي غير المأثورة:عجبت من جلاد يريد أن يقنع الناس أنه ضحية..وعجبت أكثر منه من ضحية يريد أن يقنع الناس أنه جلاد!

هل انهارت قيمة الشعر العربي العتيق كما تنهار قيمة عملة خرجت من التداول؟

أريد أن أتفق مع دعاة الحداثة على نقطة ومع نقادهم على نقطة ولأبدأ بهؤلاء الثانين:
يا سادة يعلمنا الإسلام أن نكون منصفين مع الخصوم فلا نسبهم يميناً وشمالاً بلا حجة ودليل وفهم فنبهتهم بما ليس فيهم.
لنكن دقيقين في النقد فالغزالي ما نقد الفلاسفة حتى فهم مراميهم وصار يعرف أصول الفلسفة أحسن من أهلها بحيث يستطيع أن ينتقد نقداً صحيحا ً وليس نقداً مفترياً مبنياً على سوء فهم إن لم يكن على اختلاق كلي.
تعالوا بنا إلى أدونيس ولنر ما كتب عنه في المقال المعاد نسخه هنا:
(وهذا شيوعي نصراني باتفاق وأدونيس اسمه أحمد سعيد ترك مذهبه واعتنق النصرانية ومنح درجة الدكتوراه في جامعة القديس يوسف في لبنان )
وفي الحقيقة عجبت لمرور هذا المقطع الجاهل على اثنين من أذكى من أعرفهم وهما سلاف وعمر بلا تعليق!

أما أن أدونيس شيوعي فهو ليس كذلك تماماً إذ لم يكن عضواً في حزب شيوعي بل كان في شبابه من الحزب القومي الاجتماعي السوري وهو حزب خصم للحركة الشيوعية.وهو لاحقاً تغيرت انتماءاته الفكرية ولكن سمتها العامة ظلت غربية الاتجاه وقد تقارب مع اليسار في بعض طروحاته لا كلها وعليه إن لم نتبع مبدأ "كل القطط في الظلام سوداء" فإننا نقول: أدونيس ليس شيوعياً..ولا يفيدك أن لا تعرف الفروق بين مخالفيك في الفكر والاعتقاد بل هذا يجعلك تخلط شعبان برمضان ولا تسير على هدى ولا يستوي العلم والجهل والذين يعلمون والذين لا يعلمون.
أما الأسوأ حقاً فهو الادعاء أن أدونيس صار نصرانياً باتفاق - من هؤلاء الذين "اتفقوا"؟-وهذا شيء مضحك مبك.لسببين:
أولاً أدونيس لا يؤمن بأي دين ولم يخرج أحد قبل أخينا بهذا الادعاء أن أدونيس أصبح نصرانياً..وشهادة الدكتوراة من جامعة القديس يوسف لا تدل على أنه أصبح نصرانياً!
السبب الثاني الأهم أن النصارى يا سادة ليسوا بالضرورة كلهم من أنصار الحداثة الشعرية!
اقرأ إن شئت شعر نصارى من نوع القروي والأخطل الصغير وزياد فرحات وهم كثر لترى شعراً عربياً قويماً لا علاقة له بالحداثة.وأعتقد أننا الآن يجب أن نعد هؤلاء الشعراء من شعراء العرب المجيدين كما عد أجدادنا الأخطل النصراني القديم ثالث ثلاثة هم أكبر شعراء عصرهم:جرير والفرزدق والأخطل.

أدونيس مخرب كبير في الثقافة العربية وزاد على هذا في السنوات الأخيرة تحوله باتجاه التطبيع وهو من حيث العقيدة الدينية لا علاقة له بالإسلام.ولكن كل هذا لا يعني أن من حقنا أن نقول عنه ما نشاء.قد يكون يا أخي عدوك كافراً ولكنك لا يحق لك أن تقول عنه مثلاً إنه لص وهو ليس كذلك:"ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" صدق الله العظيم.
ولأعد إلى مناقشة أهل الحداثة:
هل الادعاءات عن "الحساسية الجديدة" والمفهوم الجديد للشعر حصلت بفعل تطور داخلي ضمن التجربة الشعرية العربية أم حصلت لأننا استوردناها كما نستورد كل شيء؟
ألم يكن التحول الحداثي نتاجاً لموضة لا نتاجاً لتطور داخلي؟
هل تطورت الرواية العربية من الرومنسية إلى الواقعية إلى تيار الوعي كنتيجة لتطور التجربة العربية أم كنتيجة لاستيراد هذه المدارس واحدة وراء الأخرى تماماً كما أن "تطور" موديلات السيارات عندنا لم يجر لأننا نحن طورناها بتجربتنا بل لأن مستورداتنا هي التي "تتطور" بتطوير الموردين لا المستوردين! فنحن نستورد ما يطورونه هم؟
ادرسوا قانون تحول القيمة الفنية عندنا في الرسم والمسرح والرواية والشعر لتجدوا أن حجب القيمة عن شكل قديم وإعطاءها لشكل جديد ما تم كقاعدة عامة إلا بهذه الطريقة الاستيرادية فالرواية الحديثة كالشعر الحديث كالرسم الحديث كالمسرح الحديث ما تغيرت أشكالها طبقاً لحاجات داخلية وفي الغالب الأعم نحن لم نشارك في تجارب أدباء العالم الذين يطورون بل استوردنا التجارب بكل كسل وخمول وروح تحركها عقدة النقص ولا شيء آخر..
لو أن عربياً كتب مثل ماركيز "واقعية سحرية"..قبل أن "يأتينا الخبر" من الغرب أن ماركيز روائي عظيم..أكان أحد التفت إليه؟أما كان سيعامل باحتقار لأنه لم يتبع "الأشكال الشرعية للرواية" أي الأشكال التي وصلتنا أخبارها حتى تلك اللحظة؟
لا تتحول القيمة الفنية عندنا بقانون تداول داخلي ينم عن حاجاتنا بل بقانون تداول خارجي يعبر عن تحولات القيمة عند الآخرين.
ويبقى أن أشير إلى أن "الجناح الأدبي المحافظ" موجود عندنا وهو يعيش ولكن حياته غير معترف بها لأنها تنم عن واقع اجتماعي هو كله في نظر الشريحة الحداثية غير شرعي بل غير موجود تقريباً.
وكل التنظيرات الحداثية لم تأت حقاً سابقة للإنتاج الحداثي بل جاءت لاحقة لتبرره كالمرأة التي تزوجت من رجل إعجاباً بشكله فقط ثم بدأت بعد الزواج تبحث عن أسباب مضمونية في الرجل الذي اختارته ليبرر اختيارها ولكي لا يقول الناس عنها إنها سطحية حمقاء لا تهتم بغير الشكل والموضة.
الرد مع إقتباس