الأستاذ يتيم الشعر حفظ الله و لا يتم الله الشعر بغيايه
===
الأستاذ يتيم الشعر
إن الصورة الكاريكاتيرية التي ابتدأ بها الشاعر هي التي أوحت إلي بذلك ثم إن الاخوانيات بطبعها شاملة جامعة. فهي قد تحيل إلى الموافقة كما تحيل إلى المعارضة فقد أحيل أنا موضوعا إلى جد و أنت تحيله إلى هزل و العكس بالعكس و لا ضير أو غضاضة في ذلك فأرجو ألا تعيقك مداعبتي عن تغيير دفة وجهة الحوار إلى وجهة أخرى تراها أنت انسب و أجدى. و حقيقة الأمر يا أخي أن ما يبدو لك هزلا هو هزل فيه شئ من الجد فقد أقحمت موضوع ( التعدد ) الذي تم التوسع فيه – دون ضوابط - مما نجم عنه في نظري مشاكل اجتماعية سوف تظهر مستقبلا.
تأكد أستاذي أنني حتى عندما أضحِككُ فانه سيكون من قبيل " شر البلية ما يضحك" أي أنني أحاول طرح موضوعات جادة في صورة هزلية على طريقة ( المجلس البلدي ) لبيرم التونسي! ثم إنني أدعو هذه الخيمة الرحبة بحمد الله بان تستمر في تعدد صور الحوار و أشكاله فالشعر إذا كان يريد الاستمرار في تمثيل الحياة فلا بد أن يتعرض لكل أشكالها و إشكالياتها دون الوقوف على أنماط و قوالب ذات أطر محددة على أهواء شخص بعينه. و لا بد أن يتطور كما فعل في الماضي ليواكب الحياة و تطور أنماط الحياة.
و لقد كانت و لا تزال الفكاهة شكل من أشكال التعبير الإنساني و يجب ألا ننظر إليها بفوقية و على أنها شئ يجب الترفع عنه. يقول العالم الشاعر الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديَّ الأبياري الشنقيطي و هو من شعراء القرن الثالث عشر الهجري
و عندي جانبٌ في الهزْل لـَـيْـنٌ * و آخرُ عندَ جدي غيرُ لـَـيْـن ِ
و يقول الشاعر ( الذيب ) البوحسني الشنقيطي و هو معاصر لسابقه أو بعده بفترة ليست كبيرة:
نزيلكِ فأمني أبدا أذاهُ نزيل ٌ غيرُ مَخشيَّ المصال ِ
ضعيفٌ لا يخافُ البطشُ منه ُ عفيفٌ لا يسب ُّ على النوال ِ
قراهُ إذا ألمَّ بأرض قوم ٍ مفاكهة ُ اللبيب ِ من الرجال ِ
فأنت ترى أنه حتى الشاعر ( الذيب ) على صرامته و خوف الناس منه كان ( يفاكهُ ) أحيانا!
هذه دعوة مني لتوسيع الحوار و قبول توسيعه و معارضة من يشاء لمن يشاء في إطار من الحكمة و الأخلاق الرفيعة و خصوصا أن هنا كوكبة من المبدعين قادرة على تغطية كافة ألوان الطيف الفكري.
|