الحرب الصليبية الجديدة وعودة الخلافة على منهاج النبوة (1-3) مجلة العصر.
http://152.160.23.131/alasr/content/...01D0C5A03.html
الحرب الصليبية الجديدة وعودة الخلافة على منهاج النبوة (1-3)
20/3/2002
د. محمد بن عبد الله الشباني -
www.alshabani.com
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله الذي أوجد السنن، وجعل لكل شيء قدرا وجعل من سنن التدافع بين الأمم سنة للتداول في حكم الأرض ليبتلى الناس فيحق القول على الكافرين ويزهق الباطل ويتخذ من أوليائه شهداء ليجازى كل نفس بما كسبت، والصلاة والسلام على النبي الخاتم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام الذي كشف الله له مكنونات الغيب بالقدر الذي ينفع الناس، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة عن مسيرة الأمة وعن أعدائها وما سوف تصاب به من المصائب حتى يزداد الذين أمنوا إيمانا، ويرتاب الذين في قلوبهم مرض وحتى يعلم الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين.
إن الإحداث الأخيرة التي عصفت بالأمة الإسلامية ولازالت وتحالف قوى الشر من النصارى واليهود والمنافقين الذين يشدون من أزر الكفار على المؤمنين متبعين سلفهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخبر عن ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى ( الم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم احد أبدا ولئن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون)، ومنافقو هذا الزمان لم يجدوا من يكبتهم ويظهر عوارهم فهم يتبجحون ليل نهار ويعلنون عداءهم فلا يخافون حيث بلغ الضعف بالمؤمنين مداه فتقاذفهم الأعداء من كل جانب والله غالب أمره ولكن المنافقين لا يعلمون، بل أن واقع تبعيتهم لدولة الكفر الأولى في العالم أمريكا وخوفهم من هذه الدولة التي تجبرت وطغت من أن تزيلهم عن عروشهم ومراكزهم جعلتهم يطأطئون روؤسهم وينفذون أوامرها حتى ولو كانت ضد عقيدة الأمة ومرتكزاتها، ولقد أوضح الله هذه الصورة التي يعيشها المنافقون المعاصرون كما مارسها من قبلهـم المنــافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن في قلوبهم مرض ممن اتخذ اليهود والنصارى أولياء، وممن تحالف معهم ضد القلة المسلمة المستضعفة المطاردة التي أظهرت عزتها والتي سعت إلى إخراج الأمة من دائرة الذل والمهانة يقول تعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في أنفسهم نادمين ). وان الفتح الذي وعد الله به في كتابه قريب بأذن الله وان هذه الحرب التي تشنها عاد الثانية ومن تحالف معها ستكون البداية في عودة الخلافة الإسلامية كما أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي ستكون على منهاج النبوة، فقد روى الإمام احمد في مسنده عن النعمان بن بشير قال كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بشيرا رجلا يكف حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشنى فقال يا بشر بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء فقال حذيفة أنا احفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها إذا شاء ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت ) وقد رواه مع الإمام احمد أبو داود الطيالسى والبزار والطبراني في الأوسط وقال الهيثمي عن رجاله بأنهم ثقات.
فهذا الحديث يحدد مسار تاريخ المسلمين، وإن الإحداث الأخيرة تستوجب دراسته ودراسة الأحاديث الأخرى التي تتحدث عن المجابهة مع الروم، وأحداث آخر الزمان لتحديد مسار الأحداث المعاصرة وماذا يجب على الأمة في مجموعها وأفراد المسلمين عمله في فتن كقطع الليل المظلم وأن المخرج منها هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ومعرفة ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أحاديث تصف الأحداث والسلوكيات المتعلقة بواقع الأمة وما ينتهي إليه أمرها.
هذه الدراسة القصيرة حول الجولة الجديدة من الصراع مع النصارى واليهود ومن حالفهم والتي نرجو أن تكون هي بداية الوعي ونهوض المسلمين وقيام دولة الإسلام التي تبني نظامها على شريعة الله كما اخبر عن ذلك الرسول الكريم إنما قصدت منها تحقيق عدة أمور هي:-
أولاً: أن ما يحدث من قتل وتشريد وظلم للمستضعفين من المسلمين إنما هو الفتح الذي سيكون البداية لزوال الوهن الذي اخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام والذي هو سبب ذل المسلمين فقد روى أبو داود السجستاني الازدى عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الآكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال لا بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت ).
ثانياً: إن الحكم الجبري الذي تعيشه الأمة قد آذان بالزوال وان زواله مؤذن بعودة الخلافة التي على منهاج النبوة وعلى الأمة الاستعداد أفراداً وجماعات بتحمل كثير من المصائب والشدائد التي سوف يقوم بها النصارى واليهود ضد المسلمين في تحالف يضم دول الكفر جميعها بجانب تحالفهم مع عملائهم من حكام فترة الحكم الجبري وهذه الشدائد التي ستصيب الأمة أمر لازم لخروجها من واقعها الذي تعيشه والعبور إلى مرحلة الخلافة التي على منهاج النبوة.
ثالثاً: تحديد التوقعات التي ستؤول إليها الأحداث المعاصرة ومسارها الذي سيؤدى إلى زوال القوة النصرانية على ضوء الحقائق الموجودة ووفق سنة الله في التغيير وعذابه المتوقع على الكافرين.
رابعاً: فهم حقيقة الحكم الجبري الذي اخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام وملامحه وطبيعته وان فترة الحكم الجبري وتسلطه على المسلمين قد بلغ مداه بحيث سهل على النصارى واليهود إظهار عدائهم والعمل جهارا في تحقيق أمانيهم بإخراج المسلمين عن دينهم والعمل على ردتهم أفراداً وجماعات بالخروج على أحكام الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة.
خامساً: تبيان حقيقة العداء الذي يكنه النصارى ضد المسلمين وأنهم هم الأعداء وان الصراع معهم سوف يدوم حتى يأتي الله بأمره بنزول عيسى عليه السلام وفتح روما معقل النصرانية وان عدائهم للمسلمين هو حقيقة أخبرت عنها أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام.
سادساً: تبيان أن الخلافة الإسلامية تمثل فترة زمنية قد تطول لفترة أكثر من فترة الخلافة الأولى والتي قد يتخللها ضعف بعد الانتصار وينتهي هذا الضعف بظهور المهدي الذي في عهده يخرج الدجال فينزل عيسى عليه السلام لقتله وتولى قيادة الأمة الإسلامية كما دلت على ذلك الأحاديث بقيامه بأمور المسلمين وتنفيذ شرع الله وكعلم لقرب قيام الساعة.
الملك الجبري:
المرحلة الثالثة التي حددها الرسول عليه الصلاة والسلام لمسيرة الأمة الإسلامية هي مرحلة الملك الجبري وهي الفترة التي نعيشها، والتي ستعقبها مرحلة الخلافة التي على منهاج النبوة حيث تنغلق دائرة الدورة التاريخية لِلأمة الإسلامية، ويبدأ العد التنازلي لنهاية العالم . الحكم على الفترة المعاصرة بأنها مرحلة الملك الجبري التي تتميز بتعطيل أحكام الشريعة الإسلامية، بجانب الظلم والاستبداد وقد اخبر النبي عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث عن سمات هذه المرحلة وذلك بالخروج على أحكام الإسلام وقيمه وتعاليمه، فقد روى الدارمى في سننه عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك أعفر ثم ملك وجبروت يستحل فيها الخمر والحرير ) قال ابن الأثير في النهاية عن الملك الأعفر هو ملك يساس بالمكر والدهاء ، وفي رواية أخرى عن أبي داود الطيالسي والطبراني عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي ثعلبة الخشنى رضي الله عنه عن أبي عبيد بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله عز وجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة وكائنا خلافه ورحمة وكائنا ملكا عضوضاً وكائنا جبرية وفساداً في الأرض يستحلون الفروج والخمور والحرير وينصرون على ذلك ويرزقون حتى يلقوا الله ). وقد أوضح هذا الحديث الصفة الملازمة للمرحلة الجبرية بأنها تلك المرحلة التي تتصف بالظلم والخروج على تعاليم الإسلام في الحكم وفي التشريع، أي إحلال التشريعات الكفرية محل التشريع الإسلامي، بجانب ما يتصف به هؤلاء الحكام من تعسف وظلم واستبداد مع تمكنهم من السيطرة واستمرار الحكم.
واقع الأنظمة والتشريعات التي يتم التحاكم لها هي أحكام مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ومعطلة لها وقد شملت تلك التغيرات أحكام الأحوال الشخصية بل وصل الأمر إلى إلزام الدول بالتوقيع على وثيقة ما يعرف بالتميز ضد المرأة والالتزام بتعديل الأحكام والأنظمة التي تتعارض مع هذه الوثيقة التي قامت على هدم بناء الأسرة بهدم الأحكام التي أوجبها الإسلام فيما يتعلق بنظام الأسرة وحقوقها.
تتميز هذه المرحلة من مراحل مسيرة الأمة الإسلامية كما اخبر عنها الرسول عليه الصلاة والسلام بصفات تميز طبيعة الحكم الجبري عن غيره من أنواع الحكم التي مرت بالأمة الإسلامية ويمكن إيجازها في الأمور التالية:-
1 - الكذب واستمراؤه والطلب من الناس تصديق الحكام فيما يدعونه من كذب فقد روى الإمام احمد والبزار وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة ( أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدى لا يهتدون بهدى ولا يستنون بسنني من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا منى ولست منهم ولا يردون على حوضي ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فاؤلئك منى وأنا منهم وسيردون على حوضي ) كما روى البخاري في الكني والطبراني عن أبي سلامة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سيكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم يحدثونكم فيكذبون ويعملون ويسئون العمل لا يرضون منكم حتى تحسنوا قبيحهم وتصدقوا كذبهم فأعطوهم الحق ما رضوا به فإذا تجاوزا فمن قتل على ذلك فهو شهيد ).
2 - التسلط المطلق وعدم الاعتراف بحقوق الآخرين والحق ما منحوه وليس لأحد حق إلا ما وافقوا عليه فقد روى الحاكم في مستدركه موقوفا عن حذيفة رضي الله عنه انه قال ( لا تزالون بخير ما لم يكن عليكم أمراء لا يرون لكم حقا إلا إذا شاءوا ).
3 - التشدق بالكلام والتحلي بالحكمة والمعرفة فكلامهم وخطبهم في غاية الإتقان والحكمة فتجد الحاكم إذا تحدث وتكلم وناقش أي أمر من الأمور تحسبه ملما بكل شيء عالم بكل شيء ومدركا لجميع الأمور لكن تعاملهم مع الناس والأحداث بخلاف ما يظهر على ألسنتهم.
فقد روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( سيكون بعدى أئمة يعطون الحكمة على منابرهم فإذا نزلوا نزعت عنهم وأجسادهم أشر من الجيف ).
4 - فساد البيئة الإدارية لأنظمة الحكم في هذه المرحلة حيث يتصف أعوان هؤلاء الحكام بصفات تساعد في إفساد البيئة الإدارية واستشراء الظلم فقد روى الطبراني في الصغير والأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزارء فسقه وقضاة خونة وفقهاء كذبة فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكون لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا ).
كما روى البزار عن معاذ ابن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبة ووزراء فجرة وأمناء خونة وفقهاء فسقة سمتهم سمة الرهبان وليس لهم رعية أو قال زغه وقال زعة فيلبسهم الله فتنة غبراء أو مظلمة يتهوكون فيها تهوك اليهود في الظلم ).
المتأمل لهذه الصفات التي تتصف بها المرحلة الجبرية يجدها في واقعنا المعاش فلا تلتفت حولك يمنا ولا شمالا إلا وتجد هذه الصفات التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام فهي الصفات الغالبة على أنظمة الحكم في العالم الإسلامي مما يؤكد أننا في نهاية المرحلة الجبرية وسيعقبها المرحلة التي على منهاج النبوة وهذه المرحلة لم يرد ما يوضح المدى الزمني لها، وهل هذه المرحلة تمر زمنيا كما مرت بها مرحلة الخلافة الأولى ولكن الأحاديث أشارت بشكل واضح إلى أن جزء من مرحلة الخلافة على منهاج النبوة في آخر الزمان سيتولى المهدي قيادتها وسوف يقوم بمحاربة الدجال وسيكون من إكرام الله له أن ينزل عيسى بن مريم عليه السلام وهو قائد للمسلمين في اشد فترات الخلافة الإسلامية وأصعبها حين يصل الأمر إلى حصاره وإتباعه في بيت المقدس والتي تمثل عاصمة الخلافة الإسلامية كما اخبر عن ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام حيث سيتسلم عيسى عليه السلام قيادة الأمة الإسلامية من المهدي. إن السؤال الذي يطرح دائما لدى كثير من الناس هل عودة الخلافة على منهاج النبوة مرتبط فقط بالمهدي أي أن بدء الخلافة تبدأ بالمهدي الذي تواترت الأحاديث بخروجه أخر الزمان وتنتهي بتسلم عيسى عليه السلام لها بحيث أنها الفترة الوحيدة وقــد وردت بعض الأحاديث التي حددت مدة المهدي بتسع سنوات، أم أن المهدي يأتي في أخر السلسلة في مرحلة الخلافة قبل نزول عيسى عليه السلام وبالتالي فان مرحلة الخلافة التي على منهاج النبوة ستدوم فترة زمنية قد لا تقل عن فترة الخلافة في عهدها الأول بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام والتي بقيت ثلاثين عاما، وهل ستعــود الخلافة متدرجة من الملك الجبري إلى كمال الخلافة في عهد المهدي؟ إن الأحاديث الواردة حول أخبار المهدي والذي سيكون هو أخر أمراء الدولة الإسلامية تشير إلى أن الخلافة على منهاج النبوة ستمتد فترة زمنية معينة قد تطول أو تقصر ويكون المهدي الذي يحارب الدجال هو المهدي الذي أشارت إليه الأحاديث وان مرحلة العودة إلى الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة قد تكون متدرجة ويحصل فيها هزات عنيفة تبدأ بالمسيرة بالعودة إلى شرع الله من خلال الحكم الشورى، وظهور حكام يعيدون لِلأمة الإسلامية موقعها ويتم تطبيق شرع الله خلال حكمهم وتنتهي هذه المرحلة أي مرحلة الخلافة على منهاج النبوة بالمهدي الذي سيكون آخر ولاة المسلمين فتنتهي عندئذ الخلافة بمثل ما انتهت إليه الخلافة الأولى بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ولكن الذي سيخلف المهدي في هذه المرحلة هو عيسى عليه السلام.
الحرب الصليبية الحالية التي تقودها دولة الكفر أمريكا والتي أطلقت عليها مسمى الإرهاب وجمعت لها جميع قوى الشر في العالم في تحالف مع المنافقين من حكام المرحلة الجبرية هي بداية الصراع لعودة الخلافة على منهاج النبوة ، ولكن كيف يمكن للخلافة الإسلامية أن تعود والواقع المعاصر لقوى الكفر لا يوحي لأي إنسان أن هناك أملا لظهور الإسلام حيث أن قوة المسلمين المعنوية والمادية محطمة ، بل إن المصيبة الكبرى هو تحالف قادة مرحلة الحكم الجبري مع أعداء المسلمين من النصارى واليهود بجانب ما تمتلكه قوة الكفر من قوى مادية لم يوجد في التاريخ الإنساني مثيل لها، ولهذا فان القول بأن هذه الحرب التي تشنها أمريكا على المسلمين في أفغانستان وفلسطين والمنظمات الإسلامية والتهديد المستمر للمجتمعات الإسلامية ستؤدى إلى عودة الخلافة على منهاج النبوة أمر قد لا يقبله العقل والمنطق ولكن عودة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة يرتبط في حقيقة الأمر بأحداث آخر الزمان وان الخلافة التي ستكون على منهاج النبوة سيستمر حكمها بصراعها مع قوى الباطل الذي ينتهي بها إلى الصراع النهائي مع الدجال، وبالتالي فإن المؤشرات المؤذنة بعودة الخلافة الراشدة مرتبطة بالمؤشرات المؤذنة بقرب خروج الدجال ، فالدجال وأتباعه من اليهود والنصارى سيكونون من القوى التي تؤلب الكفر على الإسلام وعلى دولة الخلافة بل العمل بكل جهد لوأدها ، ولهذا فان الحرب الحالية المعلنة من دولة الكفر أمريكا إنما قصد منها منع عودة الخلافة بتزعم الروم ممثلين في أمريكا والدول الأوربية لهذا الصراع مع المسلمين لمنعهم من العودة إلى قيادة العالم . لفهم هذا الأمر وان الحرب الحالية تمثل بداية الصراع مع المسلمين والأمل في زوال مرحلة الحكم الجبري وعودة الخلافة يستوجب دراسة بعض الأحاديث التي تؤكد حتمية الصراع مع الروم وان الروم هم الأعداء التاريخيين للمسلمين حسب ما اخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.
لقد بدأ الصراع مع الروم بعد تكون الدولة الإسلامية الأولى في المدينة بقيادة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وقد اخبر عليه الصلاة والسلام أمته عن طبيعة العداء مع الروم فوردت أحاديث كثيرة تبين أن الصراع مع الروم المتنصرة سيدوم حتى خروج الدجال وقد بدأ الصراع مع الروم بكتاب الرسول عليه الصلاة والسلام إلى قيصر ملك الروم بدعوته إلى الدخول في الإسلام وقد ورد في كتابه عليه الصلاة والسلام ما يشير إلى عدم قبول قيصر لِلإسلام ففي كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت العبارة التالية ( اسلم تسلم واسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم الإريسين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا لتعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ). إن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إعلان دائم ومستمر للدخول في الإسلام والخروج من النصرانية المحرفة، والدخول في الإسلام يستتبع التخلي عن الزعامة وما يترتب على ذلك من مصالح مادية وهو أمر لا يقبله الزعماء الذين يستفيدون بمتابعة أعوانهم وأتباعهم وطاعتهم لهم. والقران الكريم أوجب المجابهة مع النصارى وان على المسلمين إعلان الجهاد كما في قوله تعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) وقد ذكر الله سبب وجوب قتال أهل الكتاب فإنهم مشركون في قوله تعالى ( وقالت اليهود عزيز أبن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم أنى يؤفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا اله إلا هو سبحانه عما يشركون يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ). كما أوضح الله بعبارة صريحة في القـران النظام الذين يسـير عليــه أهل الكتاب وأسباب انحرافهم في قوله تعالى ( يا أيها الذين امنوا إن كثير من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ). في هذه الآيات تحديد لمنهج الكفر من إتباع الديانتين اليهودية والنصرانية وان هذا المنهج سيكون هو سبب استمرار الصراع وان على المسلمين وجوب قتال أهل الكتاب وأسباب الصراع معهم تتمثل في الأمور التالية:-
1 - فقدان الإيمان بالله وبالمعاد الذي هو أصل الاعتقاد .
2 - محاربة التشريع الذي أمر الله به واتخاذ الأهواء منهجا في التشريع وهذا هو عنصر الخلاف بين المسلمين وغيرهم حيث أن النصارى واليهود لا يحرمون على أنفسهم ما يحرمه الله ولكن ما يحرمه الرهبان والأحبار والذين يتبعون في ذلك أهواءهم يحاولون إجبار الدول الإسلامية بتبني الانحرافات الفكرية والعقائدية السلوكية التي وقعوا فيها.
3 - تحريف حقيقة الدين والاعتقاد بإدخال الوثنية والشرك في الاعتقاد فالنصارى اتخذوا عيسى عليه السلام إلهاً وابن اله كما اتخذ اليهود عزيز ابن الله فأشركوا مع الله غيره من خلقه.
4 - إن الهدف من هذا التحريف هو إطفاء نور الله وإبعاد الناس عن منهج الله وذلك من اجل أكل أموال الناس باسم الدين وصرفهم عن منهج الله.
إن صراع المسلمين مع النصارى هو عدائهم للإسلام وهو أمر قد أشار إليه القران الكريم في قوله تعالى ( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبهم الله بما كانوا يصنعون ). وكما أوضح الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديث عدة مسار الصراع مع الروم وانه صراع مستمر إلى نهاية العالم ونزول المسيح عليه السلام.
إن إخبار الرسول عليه الصلاة والسلام عن هذا الصراع مع الروم النصارى يعود لأمرين: الأول تنمية وتقوية الإحساس بالخطر من الروم ( النصارى ) حتى لا يستكين المسلمون لهم وبالتالي فان على المسلم تنمية شعور التمايز والتوجس من نوايا النصارى ولذا نجد أن الفترات التي يقوى فيها الدين ويتولى الزعامة فيها رجال مرتبطون بالقران والسنة نجد امة الإسلام تتبوأ مركز العزة والقوة، أما في فترات الضعف والابتعاد عن الدين فان واقع الأمة يصبح متميزاً بالمذلة والمهانة والتبعية كما هو مشاهد في فترة الحكم الجبري المعاصر.
الأمر الثاني: تثبيت الإيمان لدى المسلم ممن يفقه الإسلام فكثير من الآثار والأحاديث أشارت إلى انتصار النصارى وضعف المسلمين، ولكن يعقب حالة الضعف قوة المسلمين.
الأحاديث التي تحدثت عن العلاقة مع الروم تتسم بعدة سمات تتمثل في الأتي:-
أولاً: ديمومة الصراع مع الروم فقد روى الحاكم في مستدركه بسنده عن كثير بن عبد الله بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تذهب الدنيا يا على بن أبي طالب قال لبيك يا رسول الله قال اعلم أنكم ستقاتلون بني الأصفر ويقاتلهم من بعدكم من المؤمنين وتخرج إليه روقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله لا تأخذهم في الله لومة لائم حتى يفتح الله عز وجل عليهم قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير فينهدم حصنها فيصيبون نيلا عظيما لم يصيبوا مثله قط حتى أنهم يقتسمون بالترس ثم يصرخ صارخ يا أهل الإسلام قد خرج المسيح الدجال في بلادكم وذراريكم فينفض الناس... الحديث. فهذا الحديث يؤكد حقيقة أن الصراع مع الروم لن ينقطع بل انه صراع دائم أساسه البعد الثقافي المرتكز على البعد الديني.
كما روى الحاكم بسنده عن سهل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق فيخرج إليه جلب من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون لا والله لا نخلى بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب عليهم أبدا ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عن الله عز وجل ويصبح ثلث لا يفتنون أبدا فيبلغون القسطنطينة فيفتحون فبينما هم يقسمون غنائهم وقد علقوا سلاحهم بالزيتون إذ صاح الشيطان إن المسيح قد خلفكم في إهليكم.... الخ . وهذا الحديث يؤكد حقيقة انه سوف يسبق هذه المعركة معارك يغنم فيها المسلمون غنائم ومن بينها أسرى وهؤلاء الأسرى يسلمون ويكونون في صف المسلمين.
روى الإمام احمد عن نافع بن عيينة عن جابر بن سمره قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فأتاه قوم من قبل الغرب عليهم ثياب الصوف فوافوه عند أكمه وهم قيام وهو قاعد فأتيته فقمت بينهم وبينه فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي قال تغرون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم تغرون فارس فيفتحها الله ثم تغرون الروم فيفتحها الله ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال نافع يا جابر إن الدجال لا يخرج حتى تفتح الروم وقد رواه مسلم بلفظ قريب من لفظ الإمام احمد. ففي هذا الحديث إشارة إلى تدرج الفتوح وقد تحقق فتح جزيرة العرب وفارس، أما الروم فلا زال الصراع معهم ولا زال جزء من بلاد الروم لم يفتح وخاصة معقل الروم الديني وهو روما فالصراع معهم مستمر فتارة يدال للمسلمين عليهم وأخرى يدال للنصارى على المسلمين ولا زال مركز القيادة الروحية للروم لم يفتح وهي روما. وقد روى الحاكم في المستدرك وصححه الذهبي في مسنده عن المستورد بسنده عن عبد الرحمن بن جبير قال بينما أنا عند عمرو بن العاص فقلت له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اشد الناس عليكم الروم وإنما هلكتهم مع الساعة وفي رواية الحاكم وان هلكتهم قرب الساعة. فهذا الحديث يؤكد حقيقتين، الأولى أن اشد الأعداء للمسلمين هم الروم والواقع التاريخي للأمة الإسلامية يشهد بذلك ولا زال الروم حتى وقتنا الحاضر يحاربون المسلمين حرب لا هوادة فيها فقد تكالبوا على المسلمين وألبوا العالم ضدهم في كل مكان واستغلوا قوتهم وسيطرتهم على إضعاف المسلمين والعمل على منعهم من اكتساب القوة وتحالفهم مع اليهود وزرعهم لدولة اليهود في فلسطين وإمدادهم لها بالسلاح والمال والبشر.
وهذه الحرب الحالية التي تقودها أمريكا مع حلفائها من الأوربيين والوثنين لأكبر شاهد ودليل على ما أخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.
إن الحرب الحالية التي تشنها أمريكا الصليبية ( عاد الثانية ) هي بشرى لبداية المعارك والصراع معها والذي سوف يأذن الله من خلال ذلك بزوال قوة الروم المعاصرة كما أكد هذا الحديث وان المؤشرات الخاصة بالحرب المعلنة الآن تشير إلى انه بجانب الدافع الديني للصراع فهناك دوافع اقتصادية لامتلاك الموارد الطبيعية في أفغانستان وغيرها من الدول الإسلامية في أسيا ومن اجل إيهام العالم الذي تحكمه قوى الشر المحاربة للدين حيث أعلنت أمريكا إن حربها ضد الإرهاب وليس ضد المفاهيم الإسلامية والهيمنة الاقتصادية، كما أوهمت العالم الإسلامي باستخدامها لهذه الكلمة المبهمة أن جرت عملائها من حكام المرحلة الجبرية بالانصياع لأوامرها والتحالف معها وذلك بمحاربتها لشعوبها وقيمها ودينها، ومن الأهداف الخفية لهذه الحرب، الحرب على الثقافة الدينية والقيام بالدعوة إلى عولمة التعليم من خلال التدخل بتغيير المناهج التعليمية في الدول الإسلامية بقصد تغيير عقول الناشئة وتذويب هويتهم العقائدية ليسهل على وسائل الإعلام غرس القيم الأمريكية البديلة للقيم الإسلامية وقد استخدمت الولايات المتحدة هيئة الأمم المتحدة والتي تسيطر عليها بتمرير المخططات التي يقصد منها تحطيم المجتمعات الإسلامية فمن الوثائق التي تبنتها الأمم المتحدة وألزمت بها الدول الإسلامية وثيقة التمييز ضد المرأة التي تقوم على أساس تغيير البناء الأسرى القائم على الدين الإسلامي .
الجانب الاقتصادي لهذه الحرب والذي قد يكون السبب في إشعال حروب محلية قد تكون الولايات المتحدة طرف فيها بشكل مباشر أو غير مباشر مما يساعد على إضعاف الولايات المتحدة عسكريا واقتصاديا هو الرغبة العارمة لديها على السيطرة على منطقة آسيا الوسطى ومد النفوذ الأمريكي للاستفادة من الثروات النفطية في بحر قزوين حيث تضم المنطقة حسب التقديرات الغربية اكبر احتياطي للنفط في العالم، ولهذا فان الأطماع من قبل الدول المجاورة وعلى رأسها الصين ستدفع بها إلى إطالة أمد الحرب في أفغانستان بهدف إضعاف القوة الأمريكية وقد يكون الصراع على هذه الثروة سبب إشعال حرب عالمية في المنطقة تبدأ بحرب بين الهند وباكستان تنحاز أمريكا إلى احد طرفي النزاع والصين للطرف الأخر، ولكن ما هي علاقة قيام الحرب المحتملة في هذه المنطقة وظهور دولة الخلافة وزوال قوة أمريكا الصليبية في حالة قيام هذه الحرب وخاصة إن دعوى أمريكا في حربها لأفغانستان هو محاربتها للإرهاب الإسلامي وهناك إجماع بين جميع الدول الكفرية سواء النصرانية أو الوثنية في مجابهة الإسلام وضرب الصحوة الإسلامية في كل بقاع الأرض.
احتمال بروز دولة الخلافة كنتيجة لقيام أمريكا بإعلان الحرب ضد ما تسميه بالإرهاب يستوجب إلقاء الضوء لمعرفة حقيقة أهداف هذه الحرب المعلنة من قبل دولة النصارى الملحدة أمريكا، والدوافع العقائدية التي تدفع أمريكا على العالم الإسلامي النصرانية المتهودة إلى شن مثل هذه الحرب، وكذلك التوقعات المحتملة التي يمكن أن تجر إليه هذه الحرب المعلنة من زاوية أنها البداية لحدوث الآيات الكبرى لقرب
