فهؤلاء الشباب الذين تقول عنهم إنهم جبناء، يقولون لك: "لا يُقَعْقَعُ لنا بالشِّنان ولا يُلَوَّحُ لنا بالسِّنان، والجواب ما ترى لا ما تسمع" فهم يتنافسون على قتلكم وقتالكم، كتنافس الأوس والخزرج في قتال المشركين، وقد قال أحدهم:
جيـش الصليب غدا هبـاءً يـوم فجــرنا الخُـبَر
بشــبـابِ إسلامٍ كُمَاة لا يهـابون الخـطـر
إن قِيلَ يقتــلكَ الطُغـاةُ يقــول في قتلي ظَفَرْ
أنـا ما غدرت بذا المليـكِ إذ بقبلـتـنا غَــدَرْ
وأبـاحَ ذا البـلدَ الحـرامَ لــشرِ أنجاسِ البـشر
أقسـمت بالله العـظـيم بـأن أقاتــلَ من كَفَر
وهم قد حملوا السلاح على أكتافهم عشر سنوات في أفغانستان، وهم قد عاهدوا الله على أن يستمروا في حمله ضدكم حتى تخرجوا خائبين مهزومين مدحورين - بإذن الله - ما دام فيهم عرقٌ ينبضٌ أو عينٌ تطرف، ولسان حالهم يقول:
غداً ستعلم يا وليـــام أي فتىً يلقى أخاك الذي قد غرَّه العصبُ
فتىً يخوض غمـار الحرب مبتسماً وينثني وسنـان الرمح مُختضبُ
لا أبعد الله عن عيني غـطــارفةً إنسا إذا نزلوا جناً إذا ركــبوا
ليوثُ غـابٍ لـكن نيوبَ لـهم إلا الأسـنة والـهندية القـضبُ
والخيل تشهد لي أني أكفكفـــها والطعن مثل شـرار النار يلتـهبُ
والنقع يوم طراد الخيل يشهــد لي والطعن والضرب والأقلام والكتبُ
إن شَتْمَك أحفادد الصحابة رضي الله عنهم بوصفهم بالجبن، وتحديك لهم بعدم الخروج من بلاد الحرمين، فيه عدم اتزان، وتظاهر بالجنون دواؤه عند شباب الإسلام، حيث يُقال فيهم:
فدت نفسي وما ملكت يميني فوارس صدَّقوا فيهم ظنــوني
فوارس لا يملون المنـايــا وإن دارت رحى الحرب الزَبُونِ
وإن حمي الوطيس فلا يبالـوا وداوَوْا بالجنــونِ من الجنونِ
وإن إرهابنا لكم وأنتم تحملون السلاح على أرضنا هو أمرٌ واجبٌ شرعاً ومطلوبٌ عقلاً، وهو حقٌ مشروعٌ في أعراف جميع البشر، بل والكائنات الحية، ومثلكم ومثلنا كمثل أفعى دخلت دار رجلٍ فقتلها، وإن الجبان من يترككم تمشون على أرضه بسلاحكم آمنين مطمئنين.
وهؤلاء الشباب يختلفون عن جنودكم، فمشكلتكم هي كيفية إقناع جنودكم بالإقدامِ إلى الحرب، أما مشكلتنا فهي كيفية إقناع شبابنا بانتظار دورهم في العمليات والقتال.
فلله درُ هؤلاء الشباب، فهم أهلٌ للمدح والثناء، حيث وقفوا لنصرة الدين يوم أضلت الدولة كبار الناس، واستزلتهم لإصدار فتاوى ليس لها سندٌ في كتاب الله، ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بتسليم اليهود المسجد الأقصى وإباحة بلاد الحرمين لجيوش النصارى، وإن ليَّ أعناق النصوص لن يغير من هذه الحقيقة شيئاً، ففيهم - أي في ذم القاعدين- وفي مدح المجاهدين يقول الشاعر:
كفرت بكل من عذلـوا وعن درب الهدى عـدلوا
ومـن بِنَديِّهِمْ والنــار تزحف يكثـر الجــدلُ
ومن بالوهـم رغـم التِيه ظنوا أنهم وصــلــوا
وأكبرتُ الذين مضــوا وعما شـقَّ ما سألــوا
وعن غاياتـهم رغـم اع تساف الدرب ما نكـلوا
ومن دمهـم أُضيــئت في دياجي الحَيْـرَةِ الشُّعَلُ
أنا ما زال جرح القـدس في جَنْبَيَّ يعتـــمـلُ
وَوَقْدَ مُصَابِهَا كالنــار في الأحشــاء يشتعـلُ
أنا ما خنـتُ عهـد اللهِ لمّا خـانت الـــدولُ
وقد قال جدهم عاصم بن ثابت رضي الله عنه عندما طلب منه الكفار المفاوضة وعدم القتال :
ما علَّتِي وأنا جَلْدٌ نابلُ والقوس فيها وَتَرٌ عنابلُ
الموت حقٌ والحياةُ باطلُ إن لم أقاتلكم فأمي هابلُ
إنن الشباب يعتبرونكم مسؤولين عن كل ما يقوم به إخوانكم اليهود في فلسطين ولبنان من قتلٍ وتشريدٍ وانتهاكٍ لحرمات المسلمين، حيث إنكم تمدونهم بالمال والسلاح جهاراً نهاراً، وإن أطفال العراق والذين قد مات منهم أكثر من ستمائة ألف بسبب نقص الغذاء والدواء نتيجة حصاركم الظالم على العراق وشعبه هم أطفالنا، فأنتم تتحملون بذلك مع النظام السعودي دماء هؤلاء الأبرياء، كل ذلك يجعل كل عهد لكم معنا منقوضاً، فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام اعتبر صلح الحديبية لاغياً بعد أن ساعدت قريشٌ بني بكرٍ على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقاتل قريشاً وفتح مكة، وقد اعتُبِرَ العهدُ مع بني قينقاع منقوضاً؛ لأن يهودياً منهم آذى امرأة في السوق، فكيف بقتلكم مئات الألوف من المسلمين، واستباحتكم لمقدساتهم، وبذلك يظهر أن الذين يزعمون أن دماء جنود هذا العدو الأمريكي المحتل لبلاد المسلمين معصومة، إنما يرددون مُكرهين ما يمليه النظام عليهم خوفاً من بطشه وطمعاً في السلامة، والواجب على كل قبيلة في جزيرة العرب أن تجاهد في سبيل الله وتطهر أرضها من هؤلاء المحتلين، وعَلِمَ اللهُ أن دماءهم مهدورة وأموالهم غنيمة، ومن قتل قتيلاً فله سَلَبُه . وقد قال تعالى في آية السيف: {فإذا انسلخ الأشهر الحُرُم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد… } الآية[التوبة: 5]. والشباب يعلمون أن هذه المهانة التي لحقت بالمسلمين باحتلال مقدساتهم لا تزول ولا تدك بغير الجهاد والمتفجرات، وهم يرددون قول الشاعر:
جُدُرُ المذلة لا تُـــدَك بغير زخات الرصـــاصِ
والحر لا يُلْقِى القيــادَ لكل كَفَّارٍ وعــــاصي
وبغير نَضْحِ الــــدم لا يُمْحَى الهوانُ من النواصي
وأقول لشباب العالم الإسلامي الذين جاهدوا في أفغانستان, والبوسنة والهرسك بأموالهم وأنفسهم وألسنتهم وأقلامهم، بأن المعركة لم تنتهِ بعد، وأذكرهم بحديث جبريل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب (فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يكن إلا أن وضع سلاحه، فجاءه جبريل، فقال: أوضعت السلاح؟ والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها بعد، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائرٌ أمامك أُزلزلُ بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فسار جبريل في موكبه من الملائكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار…} [رواه البخاري]. وهؤلاء الشباب يعلمون أن من لم يُقتلَ يموت، وإن أشرف ميتة عندنا هي القتل في سبيل الله، ويرددون قول جدهم الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وخاصة بعد قُتْلِ الأبطال الأربعة الذين فجروا الأمريكيين في الرياض، أولئك الشباب الذين رفعوا رأس الأمة شامخاً، وأذلوا أعداءها من الأمريكيين المحتلين بعمليتهم الشجاعة تلك:
يا نفسُ إلا تُقْتَلي تــموتي هَذي حِيَاضُ الموتِ قد صُلِيْتِ
وما تمنيت فقد أُعطِيــتِ إن تفعلي فعلهما هُديِـــتِ
وقول جعفر رضي الله عنه:-
يا حبذا الجنة واقتــرابها طيِّبةٌ وباردٌ شــرابها
والرومُ رومٌ قد دنا عذابها عليّ إن لاقيتها ضِرَابُهَا
وأما عن أمهاتنا وأخواتنا ونسائنا وبناتنا فهن يتخذنّ من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهنّ قدوة لهنّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتبسن من سيرتهنّ الجرأة والتضحية والإنفاق لنصرة دين الله عز وجل، ويتذكرنّ جرأة وصلابة فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها في الحق أمام أخيها عمر بن الخطاب قبل أن يسلم، وتحديها له بعدما علم بإسلامها بقولها له: "أرأيت إن كان الحق في غير دينك يا عمر" ويتذكرن موقف أسماء بنت أبي بكر يوم الهجرة، حيث شقّت طاقها نصفين وعلقت بأحدهما السفرة التي أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معهما في رحلتهما إلى المدينة، وسُميت بذلك ذات النطاقين، ويتذكرنّ موقف نسيبة بنت كعب وهي تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد حتى أصابها اثنا عشر جرحاً بينها جرحٌ أجوفٌ في عاتقها، ويتذكرنّ بذل الصحابيات وإنفاقهنّ لحليهنّ لتجهيز جيوش المسلمين الغازية في سبيل الله، وقد ضربت نساؤنا في هذا العصر مثلاً رائعاً في الانفاق في سبيل الله، وفي تحريض أبنائهنّ وإخوانهنّ وأزواجهنّ على الجهاد في سبيل الله، وذلك في أفغانستان، وفي البوسنة والهرسك، والشيشان… وغيرها. فنسأل الله أن يتقبل منهنّ ويفرج عن أبنائهنّ وآبائهنّ وأزواجهنّ وإخوانهنّ، وأن يزيدهنّ إيماناً ويثبتهنّ على هذا الطريق، طريق التضحية والفداء لتكون كلمة الله هي العليا. وإن نساءنا لا يرثين إلا الرجال المقاتلين في سبيل الله، كما قيل:
ولا تَرْثِيْنَ إلا لَيـثَ غَـــاب شجـاعاً في الحروب الثائراتِ
دعوني في الحروبِ أمــت عزيزاً فمـوت العـز خيرٌ من حياتي
وهنّ يحرضن إخوانهنّ على الجهاد في سبيل الله متمثلاتٍ قول الشاعر:
تَأَهَّبْ مثل أُهْبةَ ذي كفـاح فإن الأمر جَلَّ عن التَــلاحي
أتتركنا وقد كَثرت عليــنا ذئاب الكفر تأكل من جنـاحي
ذئاب الكفر ما فتئَت تُؤَلِّـبْ بـني الأشرار مـن شتَّى البِطاح
فأين الحر من أبنـاء ديــني يذود عن الحَرائر بالســـلاح
وخير من حياة الذل مــوتٌ وبعـض العار لا يمحـــوه ماحِ
إخواننا المسلمين في العالم أجمع:
إن إخوانكم في بلاد الحرمين وفلسطين يستنصرونكم، ويطلبون منكم مشاركتهم في جهادهم ضد أعدائهم وأعدائكم من الإسرائيليين والأمريكيين بالنكاية فيهم بكل ما من شأنه أن يخرجهم مهزومين مدحورين من المقدسات الإسلامية، كلٌ بحسب استطاعته، قال تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر…} الآية [الأنفال: 72].
فيا خيل الله اركبي.. وهذا أوان الشّدِّ فاشتدُّوا، اعلموا أن اجتماعكم وتعاونكم من أجل تحرير مقدسات الإسلام هو خطوة صحيحة نحو توحيد كلمة الأمة تحت راية كلمة التوحيد .
ولا يسعنا ونحن في هذا المقام إلا أن نرفع أكف الضراعة، سائلين المولى عز وجل أن يرزقنا السداد والتوفيق في الأمر كله.
اللهم إن علماء الإسلام الصادقين، وشباب الأمة الصالحين قد وقعوا في الأسر، اللهم فرج عنهم، اللهم ثبتهم، اللهم اخلفهم في أهلهم بخير.
اللهم إن أهل الصليب قد جاءوا بخيلهم ورجلهم، واستباحوا بلاد الحرمين، وإن اليهود يعيثون فساداً في المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، وامنحنا اللهم أكتافهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم إنّا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم أرنا فيهم يوماً أسوداً، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم .
|