عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 09-04-2002, 01:36 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

أخي سلاف
قرأت ما كتبت في"خلفية yes sir " وما كتبته هنا:
بداية يبدو لي أن "التحليل السياسي" للتاريخ المشرقي بأنه تعبير عن التعارض بين إنكلترا وأمريكا هو تحليل نتج في الأصل عند شريحة أعرفها من "ختايرة" فلسطين وهؤلاء ذاقوا خبث بريطانيا وتلاعبها بالمنطقة آنذاك واستمر لديهم الاعتقاد بالدور الخفي لبريطانيا.
وفي الحقيقة أنا لست محللاً سياسياً ولكنني كمواطن عادي يبدو لي هذا التحليل مبالغة فاقعة بل قد تصل أحياناً إلى درجة اللامعقول كما قرأت مرة في لبنان في مجلة يصدرها أنصار هذا الرأي يزعمون فيها أن أمريكا ضد إسرائيل!
والمشكلة العملية في هذا الاتجاه هي أن يأخذ كما قد نقول موقفاً عدمياً من الوقائع القائمة فمنهم من حلل ظاهرة الثورة الفلسطينية على أساس أنها أيضاً صناعة بريطانية ولا أعرف إن كان الجميع على هذا الرأي ولكنه تبسيط خارق لقضايا سياسية اجتماعية اقتصادية معقدة وأنت بالذات أذكى بكثير من هذه الآراء لذلك توقعت حدساً أنها آراء تبنيتها أنت في عهد الطفولة ثم ارتبطت عاطفياً بها إلى درجة قد تمنع الذكي من أن ينقدها وهذا مشاهد.
هذا رأيي ولا يمنعني ذلك من الاعتقاد بإخلاص حملة هذا الرأي ووقوفهم مع غيرهم على صعيد واحد هو إرادة الخير والنهوض لمجتمعنا ولكنني أختلف مع طريقة التحليل.
لديك في بعض الحالات معارك مفروضة كالتي فرضتها الصهيونية تاريخياً على الشعب الفلسطيني وهنا لا ينفع انتظار قيام الدولة التي تنشدها يا أخي إن كان الجيش الصهيوني على أبواب المخيم يستعد لتنفيذ مجزرة فماذا ستفعل؟هل ستنتظر قيام الدولة التي تحلم بها؟
ولكنني بالتأكيد أتفق معك في أن المقاومة على أرضية مرتجلة قد تضر ولا تنفع. ومع الأسف ابتليت المقاومة الفلسطينية بأسوأ قيادة لمقاومة في العالم من حيث قصر النظر السياسي ومن حيث الفساد الشخصي وفساد الجهاز أيضاً. وفي اعتقادي أن الشعب الفلسطيني كان على درجة من التضحية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الشعوب ولكن عيوب البنية الاجتماعية هي التي جعلته لا يستطيع أن يخلق قيادة على مستوى تضحياته، قيادة تكون من نوع مانديلا أو هو شي مينه، وهي القيادات التي امتازت باستراتيجية مقاومة ثابتة لا تذبذب فيها ولا تراجع ولا تنازل عن مبدأ المقاومة.
ولا شك أن المقاومة كان يمكن لها هي بالذات أن تكون مساعداً على النهضة الاجتماعية وقد حصل ذلك بالفعل في المجتمع الفلسطيني في الداخل ولكن هذه النهضة ستظل مهددة بالإبادة ما دام المحيط على خموله وانحطاطه وهذا التهديد يطال أيضاً مثال المقاومة اللبنانية التي تميزت بأجهزة بعيدة عن الفساد والتشبيح المألوف في تجربة المقاومة الفلسطينية في لبنان وبعيدة عن عقلية المكاتب والبيروقراطية السفيهة السخيفة ولكنها أيضاً محاطة بهذه البنية المتفسخة التي يسميها مالك بن نبي "بنية القابلية للاستعمار" أو "إنسان ما بعد الحضارة" وهذا المحيط إن لم يتغير يهدد أي نهوض قطري كما جرى في تجربة الأمير عبد الكريم الخطابي في الريف المغربي التي أنزل مقالاً عنها في الخيمة اليوم إن شاء الله.
ونصل أخيراً إلى تصوراتك للدولة الحل:
يا سيدي إن كنت فهمت عليك جيداً فأنا أعتقد أن هذه الدولة التي تريدها ستكون أيضاً دولة قطرية فما الذي يضمن لك أن لا تعيد سيرة تجارب كانت تحتوي الكثير من المزايا ولكنها حاربها الجيران بدفع من غير الجيران وحاصروها حتى أخفقت وصار مواطنوها يتمنون الخلاص منها لأنهم ببساطة جاعوا!
ومن هنا أرى أن الحل السياسي إن لم يحم بنهضة حضارية شاملة سيسقط.
وبالعكس: انظر وتأمل: لماذا نجحت الوحدة الأوروبية وسقطت وحدة مصر وسوريا؟
بالمناسبة لم تسقط هذه الوحدة السورية المصرية فقط للتآمر الخارجي عليها بل سقطت من الداخل بسبب هذا الانحطاط في البنية الاجتماعية النفسية، مثلاً بنية الجهاز المصري والأجهزة السورية التي كونها وعملت معه.
هل لو نشأت دولة وانتخبت قيادتها خليفة ستطيعها الناس تلقائياً؟ ادرس تجارب السودان وإيران! بل هل رأيت أمثلة انشقاقات الجماعات التي لم تصل بعد إلى السلطة على بعضها!
أنا لا أقول بأن البعد السياسي لا دور له ولكنني أقدم في الأولوية مسألة النهضة.
الرد مع إقتباس