عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 12-04-2002, 02:22 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

المشكلة أيها الشاعر أننا مختلفان في المواهب فأنا ليس عندي موهبة التحليل السياسي التي هي لدى الأستاذ سلاف.
وبسذاجتي أعتقد أن بريطانيا تلعب دوراً ثانوياً داعماً لما تريده أمريكا وهو الظاهر الذي يعرفه الجميع. أما أخي سلاف فهو يكاد يرى أن كل صراع في المنطقة سببه الصراع بين بريطانيا وأمريكا أو هذا على الأقل ما فهمته منه.
في الحقيقة يا ابن الحلال ظللت فترة طويلة لا أجرؤ على إبداء آراء واضحة في تحليل الأحداث السياسية وظللت كما أنا الآن أرى رأي الشعب البسيط الذي يقول إن التسوية والتطبيع مع الكيان الصهيوني لن ينتج عنه إلا الاستعباد علاوة على التنازل الخياني عن الحقوق التاريخية لشعبنا. ثم حين كتبت شيئاً له علاقة بالأحداث المباشرة لم أتنازل عن رأيي البديهي الغريزي القائل إن فلسطين عربية وإن الكيان الصهيوني لا حق له في ذرة فيها.
فأنا لم آخذ على الختايرة الأعزاء اعتقادهم أن صفداً وبئر السبع وحيفا من فلسطين.
وبالمناسبة الذي حفظ هذا الاعتقاد حقاً جيلاً وراء جيل هو الفتيان لا الختايرة وكل طفل تراه الآن ينشأ على هذا الإيمان وبعزيمة تفوق كثيراً عزيمة الختايرة الذين كان كثير منهم لا يرى فائدة ولا أملاً في محاولة استعادة فلسطين بعد الإحباطات التي عانوا منها.
الختايرة كان مفهومهم عن العالم هو مفهوم مبسط يعطي بريطانيا أهمية أكثر من حقها بكثير ولا ينتبه للتغيرات الجذرية في موازين القوى التي جرت بعد الحرب العالمية الثانية.
وإن كان لا بد لي أن أرى في كل خناقة تجري في حارة عندنا صراعاً بين بريطانيا وأمريكا فهات لنصنف المشاركين في هذا النقاش: أعتقد والله العليم أن الصمصام بريطاني جاء من قصر بكنغهام "ديركت" إلى الخيمة وأما أنا وأنت فأمريكان متخفون نتظاهر باختلاف الرأي وأما ابن مطر فهو محايد لأنه يمثل المصالح الألمانية التي لم ترس على بر بعد.
يا أخي هذه طريقة في التفكير لا تنتج نتيجة فهي تحرمنا من كل فاعلية وتجعلنا لا نناقش البرامج المطروحة بمفعولها على الواقع بل نناقشها على مبدأ :من وراء هذا ومن وراء ذاك؟ وهي طريقة كفيلة فعلاً بشل كل نشاط.
ورأيي في "الزعيم الرمز" وفي مفهومه عن السياسة وفي شلته الفاسدة قلته سابقاً وبالنسبة لي رمز الشعب الفلسطيني حقاً هو أي طفل يقذف الدبابة بالحجر وهو الذي أنتخبه للرئاسة إن كنت منتخباً! ولكنك تتسرع حين تنسب التنازل عن يافا وصفد وحيفا إلى العصر الثوري خطأ فجماعة التنازل لا ينتسبون إلى العصر الثوري، عصر الخمسينات والستينات، بل ينتسبون إلى عصر الثورة المضادة عصر السبعينات والثمانينات، ومن حقك طبعاً أن تعترض على عيوب ونواقص الأيديولوجيا العربية الثورية في الخمسينات والستينات ولعلك تعلم بعض رأيي في هذه الأيديولوجيا.
والذين ألغوا الميثاق على رأيك كانوا من المثقفين..حتى لو كانوا كذلك فهل سمعتني ذات يوم أدافع عن المثقفين يا ابن الحلال؟ وإن كان لا بد لي من الكلام عن نفسي فإنني أكاد أعد كلمة "مثقف عربي حديث" شتيمة وراجع إن شئت مقالات كتابي العتيد المفروض أن أصدره في وقت قريب"من التأصيل إلى ما بعد التأصيل" ولا سيما القسم الأول.
وفي هذا القسم الأول تجد دفاعاً عنيداً عن مزايا شعبنا التي ذكرتها ولكنني في هذه المرحلة الجديدة التي تواجه فيها الحضارة الإسلامية عربدة عدوانية منفلتة من كل عقال وخطراً حقيقياً على وجودها صرت(في مقالات قسم "ما بعد التأصيل") أطالب بالتغيير الحضاري والثقافي ولا أعني به تحول أهلنا إلى "مثقفين" من النوع التافه الذي تشير أنت إليه.ولا أعني بالحضارة مفهوم نساء المجتمع المخملي المزعوم لهذه الكلمة بل أعني المعاني التي كان يعنيها مالك بن نبي وأمثاله: إنها المجتمع الواحد النشيط المترابط الفعال الذي يشد بعضه بعضاً كالبنيان المرصوص، مجتمع كالذي بنى نموذجاً مصغراً منه عبد الكريم الخطابي ولو عشت في عصره لتوجب علي دعمه بالتأكيد بغض النظر عن أن تجربته كان محكوماً عليها بالإخفاق لأن المجتمع المحيط كان كمجتمعنا الحالي: مليئاً بالعيوب والثغرات. وقد حاولت في موضوعي الذي نعلق الآن على هامشه وفي مقالات أخرى أن أنبه إلى أن هناك في الأحداث ما قد يساعد على الدفع بهذا الجهد الحضاري المطلوب إلى الأمام :هناك تحدي الخصوم المتربصين المضمرين شراً وهناك صحوة الغضب الشارعي وأردت هنا أن أحاول تلمس الإجابة على السؤال: كيف لا يتبدد هذا الغضب هباء وكيف يترك أثراً باقياً ويكون خطوة في طريق البناء؟
ومشروعك ببناء ولو دولة قطرية يعيدني إلى سؤالي القديم: ألن يتكرر الفشل والإحباط إن لم يكن الوضع العام كله وبما يتجاوز الوضع القطري ناهضاً؟ وهل ستكون هذه الدولة القطرية أقدر من إيران مثلاً على المواجهة والتحدي؟ كيف سقطت حكومة الساندينيين في نيكاراغوا في انتخابات حرة؟ كيف تحولت جماهير الثورة الإيرانية إلى شبيبة "مودرن" تتمنى الحصول على الوضع التافه الذي لشباب بلاد أخرى؟(هذه كانت الصفة الغالبة لجماهير خاتمي وعندي أمل أن الوضع الآن أفضل قليلاً مع أنني غير متأكد)؟أتمنى أن تتأمل في هذه التجارب على طريقة ابن خلدون الذي كان يستنتج العبر من التاريخ! وليس على طريقة الأيديولوجيين السطحيين الذين يرون أن كل شيء يمكن أن يتم إن وجدت "قيادة صحيحة". القيادة مهمة ولكن المسألة أعقد من أن تكون مجرد مسألة قيادة فالقيادة تأتي في سياق التحول النهضوي وتتبادل التفاعل معه ولكن القيادة ذاتها ليست هي النقطة الوحيدة في برنامج النهضة.
الرد مع إقتباس