عرض مشاركة مفردة
  #26  
قديم 16-04-2002, 10:38 AM
بوحسن بوحسن غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 85
إفتراضي

(1) نفس المصدر: 53.
(2) ابن جرير الطبري: جامع البيان ط2: 5/9.
قال: قلت بلى، قال: فما تقرأ فيها، فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى، قلت لا لو قرأتها هكذا ما سألتك، قال: فإنها كذا» (1) .
وفي رواية شعبة عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية، والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، الى هذا الموضع، فما استمتعتم به منهن أمنسوخة هي، قال: لا، قال الحكم، وقال علي رضي الله عنه لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زني إلا شقي» (2) . وعن عمرو بن مرة أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ: «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن» (3) . وهذه القراءة التي كان يقرأ بها سعيد بن جبير وهو من التابعين لدليل واضح على عدم تحريمها.
وأما قول الطبري: «وأما ما روي عن أبي بن كعب وابن عباس من قراءتهما: فما استمتعتم به منهن

____________
(1) نفس المصدر: 9.
(2) نفس المصدر: 9 ـ 10.
(3) نفس المصدر: 9 ـ 10.
إلى أجل مسمى، فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين، وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئاً لم يأت به الخبر القاطع..» (1) . فهو قول باطل لأمرين:
الأول: إن وجود الزيادة ـ وهي إلى أجل مسمى ـ في آية المتعة ليس من أجزاء الآية، بل هي من قبيل الشرح والبيان والتفسير لمعنى الآية، وهذا يدل دلالة قاطعة على إباحة زواج المتعة، وأنها غير منسوخة ولا محرمة.
الثاني: أما قراءة أبيّ بن كعب وابن عباس، وكذلك عبدالله بن مسعود، كما تقدم، فهي المنظور لها دون غيرها من القراءات، وذلك بمقتضى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأخذ عن هؤلاء، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخص أبي بن كعب بالقراءة، كما جاء في الصحاح، وعلى هذا يقال: إما أن تكون هذه الزيادة من جملة الآية، أو أنها من قبيل الشرح والبيان، فإن قيل بالأول، يلزمه أن يكون أبيّ بن كعب وابن عباس حبر الأمة،

____________
(1) نفس المصدر: 10.
وعبدالله بن مسعود، قد حرفوا القرآن الموجب لخروجهم عن الإسلام، وهذا القول باطل بإجماع المسلمين، فيتعين القول الثاني، وهو أن هذه الزيادة ـ إلى أجل مسمى ـ من قبيل البيان والتفسير لمعنى الآية الكريمة، فتثبت إباحة المتعة وأنها غير منسوخة ولا محرمة.
6 ـ روايات النيسابوري في تفسيره في إباحة المتعة:
يقول النيسابوري في تفسيره غرائب القرآن بهامش جامع البيان: «اتفقوا على أنها ـ أي المتعة ـ كانت مباحة في أول الإسلام، ثم السواد الأعظم من الأمة على أنها صارت منسوخة، وذهب الباقون ومنهم الشيعة الى أنها ثابتة كما كانت، ويروى هذا عن ابن عباس وعمران بن الحصين، قال عمارة: سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح، قال: لا سفاح ولا نكاح، قلت فما هي، قال: هي متعة كما يقال..» (1) .
أقول: لا أدري، أيوجد في الشريعة المقدسة،

____________
(1) النيسابوري: تفسير غرائب القرآن: 5/16، 17.
أو العرف، وسط بين السفاح ـ أي الزنا ـ وبين النكاح الصحيح، فالنكاح إما أن يكون صحيحاً أو غير صحيح، فيدخل في السفاح ولا وسط بينهما، فزواج المتعة، لا يخلو، إما أن يكون نكاحاً صحيحاً، فتثبت مشروعيته وعدم نسخه لصحة هذا النكاح، وإن كان زنا فكيف يبيح الإسلام الزنا؟ فما لكم كيف تحكمون، نعوذ بالله من شطحات العقول.
ولا يجوز إدخاله في وطىء الشبهة، لأن هذا النوع من الوطىء لا يكون إلا إذا اعتقد الزوج بأن هذه المرأة زوجته، ثم وطأها، فتبين أنها أجنبية، وهذا بخلاف زواج المتعة المتوقف على الإيجاب والقبول ورضا الطرفين.
ومن أغرب ما يروى عن ابن عباس في المتعة، قال: «إن الناس لما ذكروا الأشعار في فتيا ابن عباس في المتعة، قال: قاتلهم الله إني ما أفتيت بإباحتها على الإطلاق، لكني قلت إنها تحل للمضطر كما تحل الميتة والدم ولحم الخنزير» (1) .

____________
(1) نفس المصدر: 17.

أقول: إن من ينظر الى هذه الرواية وإسنادها إلى ابن عباس حبر الأمة، يأخذه العجب من هذه الفتيا، أيجوز لابن عباس أن يفتي بجواز الزنا في حال الضرورة، كما يجوز أكل الميتة ولحم الخنزير للمضطر؟ أو أن فتوى ابن عباس بإباحتها، لأنها مباحة في أصل الشريعة كالزواج الدائم وملك اليمين، فبماذا يجيب الحاكم العادل، أيباح الزنا للمضطر؟ مع أن الزاني لا يزني إلا وهو مضطر إليه، فينتفي حينئذ الزنا من الشريعة الإسلامية.
ومما يدل على إباحة المتعة وعدم نسخها كما يروي النيسابوري أيضاً، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التناقض الحاصل في أقوال هؤلاء، وعدم تحرزهم من مخالفة الشريعة، فهو يروي عن «عمران ابن الحصين فإنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله ولم ينزل بعدها آية تنسخها وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتمتعنا معه، ومات ولم ينهنا، ثم قال رجل برأيه ما شاء يريد أن عمر نهى عنها» (1) . ولهذا كان أبي بن

____________
(1) نفس المصدر: 17.
كعب يقرأ: «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى... وبه قرأ ابن عباس أيضاً، والصحابة ما أنكروا عليهما فكان إجماعاً... وما يدل على ثبوت المتعة ما جاء في الروايات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وأكثر الروايات أنه صلى الله عليه وآله وسلم أباح المتعة في حجة الوداع وفي يوم الفتح، وذلك أن أصحابه شكوا إليه..» (1) . ومن هنا يعلم أن إباحة المتعة كانت في حجة الوداع وفي يوم الفتح، وكل ذلك كان متأخراً عن يوم خيبر الذي يدعي فيه النهي.
7 ـ الدر المنثور للسيوطي وروايات الإباحة:
وفي الدر المنثور في التفسير بالمأثور عن ابن عباس قال: «كانت المتعة في أول الإسلام، وكانوا يقرأون هذه الآية: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، الآية، فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته لتحفظ

____________
(1) نفس المصدر: 18.
متاعه وتصلح له شأنه...» (1) .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال: قرأت على ابن عباس: فما استمتعتم به منهن... قال ابن عباس: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، فقلت: ما نقرؤها كذلك، فقال ابن عباس: والله لأنزلها الله كذلك. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير قال في قراءة أبيّ بن كعب: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى. أخرج عبدالرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها فما استمتعتم به منهن إلى أجل... وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد... قال يعني نكاح المتعة» (2) .
«وأخرج عبدالرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ... ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبدالله ـ بن مسعود ـ يأيها الذين آمنوا لا

____________
(1) السيوطي: الدر المنثور: 8/140.
(2) نفس المصدر: 140.
تحرموا طيبات ما أحل الله لكم» (1) .
أقول: إذا كانت المتعة من الطيبات التي أحلها الله سبحانه للمؤمنين بنص القرآن، ولا شيء من الطيبات بحرام، فتثبت استمرارية إباحتها بالقياس المنطقي التالي:
زواج المتعة من الطيبات
ولا شيء من الطيبات بحرام
فالنتيجة: لا شيء من زواج المتعة بحرام.
فدليل الصغرى والكبرى قوله تعالى: «يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم» والمتعة حلال بنص الآية: «فما استمتعتم به منهن...» فتثبت حلية زواج المتعة، وعدم تحريمها، وهذا القياس من الشكل الأول الذي تكون الصغرى فيه موجبة مع كلية الكبرى، ولهذا تكون النتيجة صحيحة.
والغريب من السيوطي أن ينسب التحريم الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد إباحتها بآية الميراث تارة، وبآية الطلاق

____________
(1) نفس المصدر: 140.
تارة أخرى في تفسيره (1) . وهو نفسه ينسب التحريم في كتابه تاريخ الخلفاء إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أولياته حيث يقول: «... وأول من سن قيام شهر رمضان، وأول من عسىَ بالليل... وأول من حرم المتعة» (2) . ويؤيد ذلك، أن التحريم لم يكن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله في تفسيره: «وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: نهى عمر عن متعتين متعة النساء ومتعة الحج» (3) .
ومما يدل على تناقض السيوطي قوله: «وأخرج عبدالرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن الحكم، أنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة، قال: لا، قال علي: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنا إلا شقي» (4) وأنت ترى أن الإمام علياً لم يقل لولا نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المتعة، ولهذا يحاول بعض الرواة أن يسند القول بالتحريم الى الإمام عليه السلام، مع

____________
(1) المصدر السابق: 140.
(2) السيوطي: تاريخ الخلفاء: 136 ـ 137.
(3) السيوطي: الدر المنثور: 8/141.
(4) المصدر نفسه: 141.
أن المشهور من مذهب الإمام علي عليه السلام إباحتها إلى يوم القيامة.
والذي يدل على نهي عمر بن الخطاب عن المتعة ما أخرجه السيوطي أيضاً في تفسيره عن نافع أن ابن عمر سئل عن المتعة، فقال: حرام، فقيل له، إن ابن عباس يفتي بها، قال: فهلا ترمرم بها في زمان عمر» (1) .
وأخرج عبدالرزاق وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال: يرحم الله عمر، ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد، ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي، قال : وهي التي في سورة النساء، فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا... وأخبره أنه سمع ابن عباس يراها أنها حلال» (2) .
أقول: يظهر من هذه الرواية وغيرها، أن المتعة كانت رحمة من الله لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وليس من المعقول أن ينهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الرحمة، ورحمة

____________
(1) المصدر السابق: 141.
(2) المصدر نفسه: 141.
الله وسعت كل شيء، كما أن صريح الروايات المتقدمة تسند التحريم الى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
8 ـ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي وإباحة المتعة:
يقول القرطبي في تفسيره: «وقال الجمهور: المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام. وقرأ ابن عباس وأبي وابن جبير «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن»، ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال سعيد بن المسيب: «نسختها آية الميراث، إذ كانت المتعة لاميراث فيها... (1) ». «وروى عطاء عن ابن عباس قال: ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم بها عباده، ولولا نهي عمر عنها ما زنا إلا شقي» (2) . والملتفت إلى هاتين الروايتين يرى التناقض واضحاً لا يحتاج الى دليل، فكيف يقال بأنها رحمة من الله، ولولا تحريم عمر لها لما زنى إلا

____________
__________________
ولاخير في طول الحياةوعيشها
اذا انت منها بالتقى لم ترحل