عرض مشاركة مفردة
  #27  
قديم 16-04-2002, 10:39 AM
بوحسن بوحسن غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 85
إفتراضي

(1) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 5/130.
(2) نفس المصدر: 130.
شقي، وبين أن ينسب التحريم الى نبي الرحمة والهدى صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول القرطبي: «واختلف العلماء كم مرة أبيحت ونسخت، ففي صحيح مسلم عن عبدالله قال: كنا نغزو... فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، قال أبو حاتم البستي في صحيحه، قولهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم «ألا نستخصي» دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الاستمتاع، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا المعنى، ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل ثم نهى عنها عام خيبر، ثم أذن فيها عام الفتح، ثم حرمها بعد ثلاث، فهي محرمة الى يوم القيامة. وقال ابن العربي: واما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة، لأنها أبيحت في صدر الإسلام، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت في غزوة أوطاس، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القبلة، لأن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك، وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها: إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات... يقول القرطبي: وهذه الطرق
كلها في صحيح مسلم...» (1) .
أقول: يستفاد من هذا الكلام أمور:
الأول: إباحة زواج المتعة بنصوص لا تقبل التأويل، كتاباً وسنّة بإجماع المسلمين، وأن المتعة لم تكن معروفة قبل ذلك وإنما شرعت في الإسلام، وأنها كانت رحمة من الله رحم بها عباده، وأما قول أبي حاتم: «إن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الاستمتاع، ولو لم تكن محظورة لم يكن لسؤالهم عن هذا معنى» فهو قول باطل وبلا دليل، فإن مجرد السؤال في قولهم «ألا نستخصي» ليس فيه دليل على أن المتعة كانت موجودة، ولكنها محظورة، ولو سلمنا وجودها قبل الإسلام، فهل هي من جملة الأنكحة المتعارفة عندهم؟ أم أنها كانت سفاحاً، فعلى الأول، فهي نكاح صحيح أقره الإسلام وأباحه للمسلمين، ولهذا قال أبو عمر: «لم يختلف العلماء من السلف والخلف ان المتعة نكاح إلى أجل...» وقال ابن عطية: «وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين

____________
(1) المصدر نفسه: 130 ـ 131.
وإذن الولي إلى أجل مسمى» (1) . وعلى الثاني، أي كون المتعة سفاحاً، فكيف يرخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين السفاح، مع أنها كانت رحمة رحم الله بها أمة محمد.
الثاني: إباحة المتعة، ثم تحريمها، ثم إباحتها، ثم تحريمها مرات متعددة، فتارة أباحها لهم صلى الله عليه وآله وسلم في الغزو، ثم نهى عنها عام خيبر، ثم أباحها عام الفتح، ثم حرمت، كل هذا الاختلاف يدل على عدم تحريمها، لأن إباحتها لهم لا تخلو، إما أن تكون المتعة من الطيبات التي أحلها الله سبحانه ورحم بها عباده، فلا يصح النهي عنها. وإن كانت من الخبائث والفواحش، فكيف يبيح النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمنين الفواحش، والله يقول في محكم كتابه: «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم» (2) . ولهذا روي عن الإمام مالك فيما لو فعلها أحد: «لا يرجم، لأن نكاح المتعة ليس بحرام، ولكن لأصل آخر لعلمائنا غريب انفردوا به دون سائر العلماء وهو أن ما

____________
(1) المصدر السابق: 132.
(2) سورة الأعراف: آية 33.
حرّم بالسنّة هل هو مثل ما حرم بالقرآن أم لا» (1) وهذا دليل على عدم تحريم المتعة.
الثالث: تكرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إباحة المتعة وتحريمها، يوجب العبث في الشريعة الإسلامية وعدم استقرار الأحكام الشرعية، مع أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة فإذا كانت المتعة حلالاً وقد أباحها النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلزمه استمرار هذه الإباحة، وذلك للشك في تحريمها فيرجع إلى أصل إباحتها.
الرابع: وأما دعوى الإجماع وانعقاده على تحريمها فدعوى باطلة، لمخالفة جمع من الصحابة لهذا الاجماع، يقول أبوبكر الطرسوسي: «ولم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن الحصين وابن عباس، وبعض الصحابة وطائفة من آل البيت».. وقال أبو عمر: «أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالاً وعلى مذهب ابن عباس» (2) . ولأجل ذلك بطل الاجماع المدعى على الحرمة، خصوصاً وأنه لا إجماع في مقابل النص، وقد ورد

____________
(1) القرطبي: نفس المصدر: ص133.
(2) نفس المصدر: ص133.
النص في إباحتها.
9 ـ تفسير البغوي وإباحة المتعة:
يقول البغوي في تفسير قوله تعالى: «فما استمتعتم به منهن ...» وقال آخرون: هو نكاح المتعة، وهو أن تنكح امرأة الى مدة.. وكان ذلك مباحاً في ابتداء الإسلام». ويقول ايضاً: «وكان ابن عباس رضي الله عنه يذهب الى أن الآية محكمة، وترخص في نكاح المتعة. روي عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن المتعة فقال: أما تقرأ في سورة النساء «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى» ؟ قلت: لا أقرأها هكذا، قال ابن عباس: هكذا أنزل الله، ثلاث مرات..». قال الربيع ابن سليمان: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: لا أعلم في الإسلام شيئاً حرم ثم أحل ثم حرم غير المتعة» (1) .
10 ـ تفسير الخازن:
وأما الخازن فيقول في تفسيره: «وقال قوم المراد
(1) تفسير البغوي: 1/414.
من حكم الآية هو نكاح المتعة، وهو أن ينكح امرأة الى مدة معلومة بشيء معلوم، فإذا انقضت المدة بانت منه بغير طلاق... وكان هذا في ابتداء الإسلام ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المتعة فحرمها» (1) ثم ذكر الروايات الواردة عن ابن عباس في قوله: واختلفت الروايات عن ابن عباس في المتعة، فروي عنه أن الآية محكمة، وكان يرخص في المتعة..» (2) وهذا يخالف ما يراه من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المتعة، وبهذا يحكم على ابن عباس بتحليل وإباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهو كما ترى لا يصح الركون إليه.
11 ـ تفسير ابن كثير:
يقول ابن كثير في تفسير آية المتعة: «وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولا شك أنه كان مشروعاً فى ابتداء الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك" وقد ذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى أنه أبيح ثم نسخ، ثم أبيح ثم نسخ مرتين، وقال آخرون: أكثر من

____________
(1) تفسير الخازن: 1/266.
(2) المصدر نفسه: 366.
ذلك، وقال آخرون: إنما أبيح مرة ثم نسخ... وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وكان ابن عباس وأبيّ بن كعب وسعيد بن جبير والسدي يقرأون: «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة» وقال مجاهد، نزلت في نكاح المتعة». (1)
أقول: إما قوله: «وقد روي عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة» يبطله استمرارية إباحتها بنص قراءة ابن عباس وأبيّ بن كعب وسعيد بن جبير والسدي من ذكرهم للأجل في قولهم «إلى أجل مسمى».
وأما قول ابن كثير: «والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر» (2) ، فهو تشبث بالطحلب،

____________
(1) تفسير ابن كثير: 2/44.
(2) المصدر السابق: 245.
يبطله أيضاً ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من أن آية المتعة نزلت في كتاب الله، وعمل بها الصحابة ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات، وعُمل بها في زمن أبي بكر وشطر من حياة عمر، فإن كانت هذه الرواية صحيحة، فقد بطل القول بتحريمها من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها نص صريح بعدم التحريم، وإن لم تكن صحيحة، يلزمه عدم صحة ما في الصحيحين، وهذا مالا يرتضيه ابن كثير. أما إذا قلنا بصحة الروايتين، الرواية القائلة بتحريمها يوم خيبر ـ مع أن إباحة المتعة متأخرة عن خيبر ـ فمقتضى الجمع بين الروايتين المتعارضتين السقوط، والرجوع الى الأصل، ولما كان الأصل فيها هو الإباحة بإجماع المسلمين، فيتعين القول بالاباحة، إضافة الى ذلك، فإن رواية التحريم مضطربة، فهي لا تقف في وجه روايات الإباحة لتضاربها وعدم استقرارها مما يوهن تلك الرواية، ويقوي روايات الإباحة لوجود العاضد من القرآن الكريم، وإجماع المسلمين، ومن هنا تثبت استمراية المتعة.
إلى هنا انتهينا من عرض الروايات المروية في
كتب أهل السنَّة، على إباحة المتعة، وهناك الكثير من المصادر تركنا التعرض لها وذلك للاختصار، فما ذكرناه ففيه الكفاية لطالب الحق، وحفظ الشريعة من التغيير والتبديل استقينا ذلك من أصح الكتب والتفاسير عند أهل السنَّة. ومن أراد المزيد فعليه أن يرجع الى المصادر التالية:
1 ـ جامع الأصول لابن الأثير.
2 ـ تيسير الوصول لابن الديبع: 4/262.
3 ـ زاد المعاد لابن القيم: 1/219، 444.
4 ـ فتح الباري لابن حجر: 9/141.
5 ـ كنز العمال للمتقي الهندي: 8/292، 293، 294.
6 ـ مالك في الموطأ: 2/30.
7 ـ الشافعي في كتاب الأم: 7/219.
8 ـ البيهقي في السنن الكبرى: 5/21، 7/206.
9 ـ تفسير الثعلبي.
10 ـ تفسير أبي حيان: 3/218.
11 ـ أحكام القرآن للجصاص: 1/342 ـ 345،
2/178 ـ 179.
12 ـ النهاية لابن الأثير: 2/249.
13 ـ الفائق للزمخشري: 1/331.
14 ـ لسان العرب لابن منظور: 19/166.
15 ـ تاج العروس: 10/200.

موقف الخليفة الثاني من زواج المتعة

إن المتتبع للروايات التي وردت في كتب أهل السنّة المشار إليها يقطع بأن موقف الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب كان موقفاً معاكساً لمشروعية المتعة، فجميع تلك الروايات تنص على أن المحرم لها هو الخليفة نفسه وذلك في قوله المشهور: «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما». وهذه شهادة صريحة منه رضي الله عنه على إباحتها وأن الناهي عنها باعترافه هو نفسه، مع شهادة كثير من الصحابة والتابعين بذلك، ومن هنا كان موقف الشيعة من زواج المتعة مخالفاً أهل السنَّة، فالشيعة ـ إستناداً على آية المتعة وما ورد من نصوص على إباحتها ـ تمسكوا بالآية والأخبار الناصة على حليتها وإباحتها.
__________________
ولاخير في طول الحياةوعيشها
اذا انت منها بالتقى لم ترحل