عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 16-04-2002, 08:48 PM
عساس العساس عساس العساس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 245
Lightbulb كيف ننظم المجتمع مدنيا استعداداً لِلكوارث؟

الحركة الإسلامية لِلإصلاح، النشرة رقم: [310]:
http://www.islah.info:6600/vboard/sh...threadid=28464

كان هذا العنوان موضوعا لجلسة البال توك الأخيرة للحركة، وقد تبين من المشاركات والمراسلات مع الحركة بعد ذلك أن الموضوع حساس وأن التعاطي معه فيه شيء من التعقيد. ورأينا تسهيلا للأمر أن نلخص القضية في النشرة ونبث ثقافة التنظيم والترتيب المدني حتى يستعد الناس للكوارث.

الفوضى قادمة:

إن تماسك الدولة الحالي وظهورها بمظهر المستقر يجب أن لا يغطي حقيقة أن الفوضى يمكن أن تحصل بسهولة بل إن مبررات حصولها كثيرة. وقد ذكرنا في نشراتنا وأحاديثنا عدة مرات بأن تطورات ثلاث قد تدخل البلد في فوضى عارمة. التطور الأول هو انفجار الخلاف في العائلة الحاكمة ودخول الإخوان في صراع فيما بينهم ومن ثم انهيار القيادة الموحدة للدولة. التطور الثاني سريان موجة من الاغتيالات لرموز كبيرة في الدولة مما ينتج عنه انهيار هيبة الدولة خاصة وأن كل واحد من هؤلاء الرموز قد تربع على الجهة التي يديرها لأكثر من ربع قرن. التطور الثالث انهيار اقتصادي لسبب أو لآخر يؤدي إلى نموذج شبيه بحالة الأرجنتين وخروج الناس في الشوارع بسبب داعي الجيب أو المعدة. هذه التطورات أو غيرها ليست بعيدة الاحتمال عن بلدنا، فخلاف العائلة لم يعد يجادل فيه أحد، والاغتيالات أصبحت الآن أكثر احتمالا مع صدور بيان بن لادن الأخير، والانهيار الاقتصادي لا يستبعد أن يتبع أول انهيار في أسعار النفط مثل ما يمكن أن يحصل بعد رفع الحظر عن العراق. ولذلك لا يجب أن ننظر لهذه الاحتمالات وكأنها خيالات أو أنها أمر لا يخصنا بل هي واردة جدا وتخصنا بالتأكيد.

المجتمع خالي من المؤسسات المدنية:

لقد حرص آل سعود منذ أن تمكن الملك عبد العزيز في الحكم ولحد الآن أن يخلو المجتمع تماما من أي مؤسسة مدنية مستقلة عن الدولة، حتى لو كانت مجرد مجلس عامر كبير لأحد أعيان القبائل أو العوائل. واستمر هذا العرف مطبقا بشكل شامل حتى في عصر العولمة والانترنت، حيث لا يمكن لأي مجموعة من الناس أن يرتبوا أي عمل خارج عن سلطة الدولة حتى لو كان عملا أكاديميا صرفا مثل الجمعيات العلمية. هذه الجمعيات مثلا تلزم بالتسجيل لدى الجامعات ويمنع أن تأخذ طابعا مستقلا. هذه النزعة لدى الأسرة الحاكمة تفسر لماذا قمعت الدولة لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية رغم أن برنامجها المعلن لم يكن فيه افتئات على الدولة ولا ممارسة أي سلطة. دوام هذه السياسة من قبل الدولة كل هذه السنين أدى إلى ما هو أكبر من مجرد منع المؤسسات المدنية وهو منع كل أشكال ثقافة التعاون المستقل عن الدولة وثقافة العمل المدني المنظم. ولذلك تربى المجتمع على طريقة الاتكال على الدولة والسلبية الكاملة وانعدام المبادرة وتجنب التصدي لترتيب التعامل مع الكوارث. هذا الواقع يجعل المجتمع مكشوفا تماما أمام احتمال الكوارث والفوضى ويتركه عرضة لأن يحكم من قبل المجرمين وقطاع الطرق.

من هو المستعد الآن لِلفوضى؟

إن غياب المؤسسات المدنية التي كان يفترض لو وجدت أن تؤهل المؤتمنين على استلام المسؤولية عند حدوث الفوضى لا يعني أن البدائل غائبة. يجب أن نضع في أذهاننا أن بلدنا لما فيها من خيرات ولما لها من ثقل روحي ومادي فهي نصب أعين القوى العالمية المتربصة والتي لها مصالح هائلة في المنطقة يستحيل أن تفرط فيها. إذا كان الحكام قد حرمونا من التفكير في مستقبل بلادنا وحرمونا من التخطيط والاستعداد للمخاطر فإنهم لا يستطيعون منع القوى العظمى وخاصة أمريكا من ذلك. وغني عن القول أن أمريكا قد وضعت خيارات يلجأ إليها عند حدوث تطورات في المملكة. مما قد يلجأ إليه الأمريكان تنصيب شخص من عائلة آل سعود من المقربين لهم، أو توجيه انقلاب عسكري مدعوم من قبلهم، أو في أسوأ الأحوال عزل المنطقة الشرقية عسكريا بتدخل مباشر لضمان السيطرة على النفط. صحيح إن الأحداث الأخيرة بينت أن الأمريكان ليسوا بالصورة التي يتصورها الناس في المعرفة والمتابعة والقدرة لكنهم على الاقل متابعون وحريصون وقد أعدوا خططا حقيقية للتعامل مع هذه التحديات.

ماذا نعمل؟
التوعية بأن الفوضى قادمة:

لا بد ابتداء من أن نحذر الأمة بأن هناك احتمالا كبيرا لأن تفاجئنا الفوضى ونحن غير مستعدين لها. ولا بد من أن يشعر كل واحد من الناس أنه مسئول بنفسه وأن القضية قضيته هو بذاته وليست قضية الآخرين ولا مجال لتجنب الكوارث إلا بالاستعداد الكامل لكيفية التعامل مع هذه القضية. وعلى كل من يتصدى للدعوة أو للعمل الإصلاحي أن يبين لِلأمة أن ربط مصيرها بالأسرة بالشكل الحالي وغياب المؤسسات المدنية وتشرذم المجتمع ثقافيا جعلها عرضة لأن تدخل في الفوضى بسهولة بالغة وتصبح أسيرة المجرمين وقطاع الطريق أو الانتهازيين المدعومين من القوى العظمى.

ماذا نعمل؟
نشر ثقافة التنظيم:

في نشاط مواز لتوعية الأمة بأن الخطر قادم وأن سياسة الدولة تدفع له دفعا لا بد من أن نسعى لتوعية الأمة بضرورة التنظيم وحيويته. ويجب على المتصدين لهذه المهمة أن يبينوا أن الترتيب والتننظيم ليس قضية سهلة تحسم في يوم الفوضى بل من الضروري أن يتعلم الناس هذه الثقافة من الآن ويتدربوا على أجزائها حتى لو كان في ذلك مواجهة مع النظام وخطر أمني فالمصلحة المستقاة أكبر من تبعات المجازفة.

ماذا نعمل؟
قناعة وتعاون الصفوة أولاً:

رغم القمع الذي تعيشه بلادنا فإن الأمة فيها أعداد هائلة من طلبة العلم والمثقفين والأعيان بل وحتى الحركيين المؤثرين والذين يمكن أن يستثمر نشاطهم الحالي بطريقة جيدة لأن يتحول لضبط المجتمع مستقبلا. لكن مشكلة هذه الكوادر الكبيرة أن غالب تكوينها أفقي مبعثر وليس عموديا هيكليا مرتبا. ولزام على هذه الصفوة ولو لم تظهر للسطح أن تبدأ صلاتها مع بعضها سرا أو علنا لتتهيأ قبل تهيئة المجتمع للفوضى المحتملة، أو ربما التدخل قبل حصول الفوضى لمنعها. والحقيقة فإن وجود هذه الصفوة بشكل كثيف أفقيا يجعل الواجب المتحتم عليها كبيرا وكبيرا جدا، بل يجعله من أول الأوليات شرعا ومنطقا في حماية البلد والأمة. وإذا لم تتهيأ هذه الكوادر للمبادرة فإن كثرتها لن تكون ذات قيمة وستستطيع قوى الشر أن تزيحها بسهولة مستفيدة من تشرذم هذه القوى الأفقية وتشتتها وغياب تركيبتها العمودية.

ماذا نعمل؟
القيادات والطليعة:

لا بد لنجاح أي عمل جماهيري منظم وخاصة في حالات الفوضى أن يكون في قيادته رموز تثق الأمة بهم وتصدر عن رأيهم. ولا يستغني العمل الجماهري كذلك عن طليعة تبادر في بذل نفسها من أجل حماية الأمة وتتقدم أمام الأمة وخلف الرموز حتى تتبعها بقية الأمة. وإذا أريد للفوضى أن تمنع أو لمن يتصدى لها أن يعالجها فلا بد من تأمين الرموز والطليعة. ونحسب أن التجربة الإصلاحية منذ أزمة الخليج قدمت عددا من الرموز الذين تطمئن لهم الأمة كما ربت طليعة تستطيع لو اجتمعت مع بعضها أن تؤدي واجبا كبيرا.

ماذا نعمل؟
أداة اتصال وإعلام:

في لحظة الفوضى والكوارث يحتاج المجتمع من يوجهه للتصرف المناسب خاصة في فترة الصدمة الأولى. وكلما تأخر الرواد المؤتمنون من ترتيب شأن المجتمع كلما ازدادت فرصة المخربين والانتهازيين والمجرمين من الإمساك بزمام الأمور. ولا يمكن تحقيق توجيه للمجتمع إلا بأداة إعلامية فعالة مثل الإذاعة والتلفاز. والحاجة لهذه الأداة ماسة حتى قبل حصول الفوضى وذلك من أجل أن يتعود الناس عليها وعلى مصداقيتها ويعتبروا ما جاء عن طريقها مؤتمنا ومقبولا. ولذلك فإن دعم أو ترتيب أي أداة من هذا القبيل يصبح أمرا أساسيا في الاستعداد للتعامل مع هذا الخطر.

ماذا نعمل؟
سعة الصدر وقبول الآخر:

في لحظة الفوضى والكوارث ينبغي على القيادات الاجتماعية أن تتجنب مواطن الخلاف في قضايا فرعية أو تقديرية ويتسع صدرها لما لا يتسع له الصدر في أوقات الهدوء والانضباط. والحقيقة فإنه ما دامت الفوضى ليست بعيدة بالمقاييس السياسية فإنه ينبغي على هذه القيادات أن تنهج نهج الاجتماع ونبذ الخلاف من الآن وتتعامل مع القوى الفاعلة في البلد تعامل الائتلاف والتعاون والتكامل. وفيما عدا القوى المعادية للدين والقوى المتهمة بالخيانة التي يستحيل أن تؤتمن فإن كل من يقبل بالمسلمات والثوابت الكبرى ينبغي أن يُستوعَب ولا يُلح عليه في التفاصيل والفرعيات.

ماذا نعمل؟
التنفيذ النهائي:

إن ما نتمناه أن يهييء الله لبلادنا أمر رشد تصلح فيه الأمور بهدوء وتروي وانضباط، لكن هذه أمنية، والحقيقة أن فرصة حدوث الفوضى ولو لفترة قصيرة أمر وارد جدا. إن المطلب الفوري عمليا -لو دبت الفوضى- أن تقفز القيادات والرموز المأمونة وترمي الخوف والتردد جانبا وتتصدى للمسألة بحزم وعزيمة حتى يلتف حولها الناس وتتوحد الأمة في طريق آمن نظيف. إذا حصلت هذه المبادرة تبعها القوى الأخرى بما فيها القوى العسكرية في البلد التي لا يسعها أن تواجه الشعب وهي أصلا تعاني من الفوضى. وهذا يصعب أن يتحقق إلا بالآلة الإعلامية الفعالة. ولذلك تبقى القيادات والإعلام عنصران حيويان في ضبط الوضع عند حدوث الفوضى.

###############

التتمة في الرد التالي، وجزاكم الله خيراً على متابعتكم واهتمامكم، .....آمين.
__________________
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. " ؛ " يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيه. "