عرض مشاركة مفردة
  #41  
قديم 27-04-2002, 01:03 PM
shaltiail shaltiail غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 342
إفتراضي

ثالثاً :
سأنقل هنا نموذجين من العرض والتحليل لنرى كيف يصبان في صميم القضية بالإعتماد على الأساس السليم (ليس كما فعلت أنت أخي الكريم ) ...
النموذج الأول : من كتاب ((( نظرة عابرة إلى الصحاح الستة ))) تأليف ( عبد الصمد شاكر ) وهو كما يظر لي من أهل السنة والجماعة ، وإختياري له من باب وشهد شاهد من أهلها... سأورد لك بعض كلامه مع إختلافنا معه في بعض ماجاء فيه:
((

منع النبي صلى الله عليه وسلم عن الكتابة

(16) عن ابن عباس قال: لمّا اشتدّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال: «ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده» قال عمر: انّ النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط.
قال: «قوموا عنّي، ولا ينبغي عندي التنازع».
فخرج ابن عباس يقول: انّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه(صحيح البخاري رقم 114 كتاب العلم).

(17) وعنه: لمّا حُضِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هلمّوا اكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده» فقال بعضهم: ان رسول الله قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم كتاباً لا تضلّون بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلمّا اكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « قوموا(*)... ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم، ولغطهم(صحيح البخاري رقم 4169 كتاب المغازي).

(*) اخرج البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة عن ابن مليكة: كاد الخيران ان يهلكا أبو بكر وعمر لمّا قدم على النبي (ص) وفد بني تميم اشار الى احدهما بالاقرع بن حابس التميمي الحنظلي اخي بني مجاشع، واشار الآخر بغيره، فقال: ابو بكر لعمر: انّما اردت خلافي، فقال عمر: ما اردت خلافك، فارتفعت اصواتهما عند النبي (ص)، فنزلت: (يا ايّها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة واجر عظيم).
ونقله في كتاب المغازي عن عبدالله بن الزبير بلفظ آخر وفيه: حتى ارتفعت اصواتهما فنزلت في ذلك: (يا ايّها الذين آمنوا لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله) حتى انقضت.
أقول: مع الاَسف انّ عمر لم يتأدّب بتأديب الله حتى آخر ايام حياة النبي (ص)، فرفع صوته فوق صوت النبي (ص)، وقدّم بين يدي الله ورسوله، ومنع من امتثال امره، وقال: حسبنا كتاب الله.

(18) وعنه ما يقرب من سابقه بتفاوت ما، وفيه: وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب... «لا تضلوا بعده».
فقال عمر: انّ النبي قد غلب عليه الوجع... ومنهم من يقول ما قال عمر..( صحيح البخاري رقم 5345 كتاب المرضى).

(19) وعنه أيضاً مثل ما مرّ آنفاً(صحيح البخاري رقم 6932 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة).

(20) وعنه: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتّى خضّب
دمعه الحصباء، فقال: اشتدّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال: «ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً» فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم!
قال: «دعوني، فالذي انا فيه خير مما تدعونني اليه» وأوصى عند موته بثلاث: «اخرجوا المشركين من جزيرة العرب، واجيزوا الوفد بنحو ما كنت اجيزهم، ونسيت الثالثة»( صحيح البخاري رقم 2888 كتاب الجهاد).

(21) وعنه مثل سابقه بتفاوت، ففيه: «ائتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً»... فقالوا: أهجر استفهموه؟ فقال: «ذروني...» فأمرهم بثلاث... والثالثة خير، إمّا ان سكت عنها، وإمّا ان قالها فنسيتها(صحيح البخاري رقم 2997 كتاب الجزية).

(22) وعنه: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ اشتدّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: «ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً» فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر استفهموه، فذهبوا يردون عليه، فقال: «دعوني...» واوصاهم بثلاث... وسكت عن الثالثة أو قال: فنسيتها(صحيح البخاري رقم 4168 كتاب المغازي).

أقول: فهذه سبعة موارد كرّر البخاري الحديث في كتابه بالفاظ مختلفة، ولا يفهم من هو الذي غير الاَلفاظ فانّ ابن عباس حكى واقعة واحدة لسعيد بن جبير (4168 و2888 و2997)، ولعبيد الله بن عبدالله بن عتبة (114 و4169 و5345 و6932)، ولا يبعد انّ عبيد الله ـ لمكان فقهه
وعلمه ـ اصلح الرواية بما يخرجها عن الغلظة والشدة، فيخفف السؤال والايراد عليها، ويحتمل انّ التغيير والتعبير عن «الهجر» بغلبة الوجع من صنع البخاري كما اشرنا اليه في المقدمة، والله العالم(واما البكاء، فلا اختلاف فيه، لامكان ان ابن عباس بكى عند سعيد ولم يبك عند عبيد الله، وهذا واضح) (انظر صحيح مسلم 11: 90 كتاب الوصية).

وخلاصة الواقعة: انّ النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته طلب من جماعة من أصحابه الحاضرين في بيته شيئاً يكتب فيه كتاباً لا يضلّ الاَُمّة بعده أبداً، فقال: عمر وغيره (رض): انّه يهجر ويهذي، وعندنا كتاب الله وحسبنا (فلا نحتاج الى كتابه صلى الله عليه وسلم فلا تقرّبوا اليه شيئاً يكتب فيه الكتاب) فاختلف الحاضرون بين مؤيّد لقول صلى الله عليه وسلم وبين مؤيّد لقول عمر ( رضي الله عنه )، فتنازعوا بينهم حتّى كثر اللغط بينهم، فتأثّر النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم من الحال فطردهم من بيته بقوله: «قوموا عني أو دعوني» ثم أمرهم بثلاث لم يذكر ابن عباس أو غيره ثالثها.

(يتبع)