عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 06-05-2002, 10:53 AM
shaltiail shaltiail غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 342
إفتراضي

كشف
الحقيقة الثانية


--------------------------------------------------------------------------------

( 50 )



--------------------------------------------------------------------------------

( 51 )
قال الجزائري :


الحقيقة الثانية
اعتقاد أن القرآن الكريم لم يجمعه ولم يحفظه أحد من أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله إلا علي والأئمة من آل البيت

هذا الاعتقاد أثبتَه صاحب كتاب « الكافي » جازماً به مستدلاً عليه بقوله : عن جابر قال : سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول : ما ادّعى أحد من الناس أنه جَمَع القرآن كله إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نُزِّل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده.

وأقول :
أخرج الكليني رحمه الله طائفة من الأحاديث في باب « أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام ، وأنهم يعلمون علمه كله » (1) ، ومنها الحديث الذي ذكره الجزائري في حقيقته هذه ، وفي سنده عمرو بن أبي المقدام ، وهو مختلف في وثاقته.
قال المولى المجلسي قدس سره : الحديث الأول [ في سنده ] مختلف فيه (2).
____________
(1) أصول الكافي 1|228.
(2) مرآة العقول 3|30.
--------------------------------------------------------------------------------

( 52 )

والذي يظهر من كلمات الأعلام أن الأكثر ذهب إلى تضعيفه (1).
وكيف كان فالرجل لم تثبت وثاقته بدليل معتمد ، ولا سيما مع اضطراب كلام العلماء فيه ، فإن ابن الغضائري وثَّقه في أحد قوليه ، وضعَّفه في قوله الآخر ، وذكره العلاّمة قدس سـره مرة في القسم الأول من خلاصته في الثقات ، وذكره مرة ثانية في القسم الثاني منها في الضعفاء (2) ، وكذلك صنع ابن داود في رجاله (3). وعليه فالرجل لا يُعتمد حديثه لجهالته.
وأما الحديث الثاني فقد رواه الكليني عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بـن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن المنخَّل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ما يستطيع أحد أن يدّعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأصياء.
وهذا الحديث ضعيف السند أيضاً ، وحسبك أن من جملة رواته محمد بن سنان والمنخَّل.
أما محمد بن سنان فقد مرَّ بيان حاله ، وأما المنخَّل فهو المنخل بن جميل الأسدي ، وهو ضعيف جداً.
قال فيه النجاشي : ضعيف فاسد الرواية (4).
وقال ابن الغضائري : ضعيف ، في مذهبه غلو (5).
وقال العلاّمة : كان كوفياً ضعيفاً ، وفي مذهبه غلو وارتفاع. قال محمد بن مسعود : سألت علي بن الحسين عن المنخل بن جميل ، فقال : هو
____________
(1) راجع تنقيح المقال 2|324 ، رجال العلامة ، ص241.
(2) رجال العلامة ، ص120 ، 241.
(3) راجع تنقيح المقال 2|324.
(4) رجال النجاشي 2|372.
(5) راجع تنقيح المقال 3|247.
--------------------------------------------------------------------------------

( 53 )

لا شيء ، متَّهم (1).
وقال المامقاني : كأن الكل متفقون على ضعفه (2).
وأما باقي أحاديث الباب فكلها تدل على أن الأئمة عليهم السلام عندهم علم الكتاب كله.
ومنها : رواية سلمة بن محرز ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن مِن علْم ما أُوتينا تفسير القرآن وأحكامه ، وعلم تغيير الزمان وحدثانه... ثم قال : ولو وجدنا أوعية أو مستراحاً لقلنا (3) ، والله المستعان.
ومنها : رواية عبد الأعلى مولى آل سام ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفّي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، قال الله عز وجل ( فيه تبيان كل شيء ).
ومنها : رواية عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : وعندنا والله علم الكتاب كله.
ومنها : حسنة أو صحيحة بريد بن معاوية ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ( قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) قال : إيانا عنى ، وعليٌّ أوَّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله.
ومعرفة الأئمة عليهم السلام بعلم الكتاب لا كلام لنا فيه الآن ، فإن الجزائري لم يذكره ، فلنكتفِ بمناقشته فيما عَنْوَن به حقيقته ، ومناقشته في دلالة
____________
(1) رجال العلامة ، ص261.
(2) تنقيح المقال 3|247.
(3) قال المجلسي في مرآة العقول 3|32 ـ 33 : « الأوعية » جمع وعاء ... أي قلوبا كاتمة للأسرار حافظة لها ، « أو مستراحاً » أي من لم يكن قابلاً لفهم الأسرار وحفظها كما ينبغي ، لكن لا يفشيها ولا يذيعها ، ولا يترتب ضرر على اطلاعه عليها فتستريح النفس بذلك.
--------------------------------------------------------------------------------

( 54 )

الحديثين الأولين اللذين استخلص منهما حقيقته هذه ، فنقول :

مناقشة الجزائري في دلالة الحديثين
قال : إن اعتقاداً كهذا ـ وهو عدم وجود مَن جمع القرآن وحفظه من المسلمين إلا الأئمة من آل البيت ـ اعتقاد فاسد وباطل ، القصد منه عند واضعه هو تكفير المسلمين من غير آل البيت وشيعتهم ، وكفى بذلك فساداً وباطلاً [ كذا ] وشراً.

أقول :
ليس المراد بجمع القرآن وحفظه من الحديثين هو جمع سوره وآياته في مصحف كما ظن الجزائري ، بل المراد بجمعه أحد معنيين :
المعنى الاول : هو العلم بتفسيره ومعرفة ما فيه من أحكام ومعارف.
ويدل على ذلك قوله عليه السلام في الحديث الثاني : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء ».
فإنه ظاهر فيما قلناه ، وإلا لو كان المراد بجمع القرآن في الحديث جمع ألفاظه في مصحف لكان أكثر هذه الأمّة يدّعون أن عندهم جميع القرآن كلّه . أما ادّعاء العلم بالقرآن وفهم آياته ومعانيه الظاهرة والباطنة كما أنزلها الله سبحانه فهذا لم يقع من أحد من هذه الأمة إلا من أهل بيت النبوة عليهم السلام.
وقوله : « ظاهره وباطنه » يرشد إلى ذلك ، فإن ظاهر القرآن وباطنه مرتبطان بمعانيه لا بألفاظه (1) ، وجمع الظاهر والباطن يعني الإحاطة بمعاني آيات الكتاب العزيز كلها ، أو أن الظاهر هو لفظه ، والباطن معناه ، فيكون المعنى أنه لا يستطيع أحد أن يدَّعي أن عنده علماً بألفاظ القرآن
____________
(1) الظاهر : ما ظهر معناه ، والباطن : ما خفي تأويله.
--------------------------------------------------------------------------------

( 55 )

ومعانيه كاملة إلا الأوصياء عليهم السلام.
ولو كان المراد بجمع القرآن جمع ألفاظه كاملة في مصحف لما صحَّ لنا أن نقول : « إن غير علي عليه السلام من أئمة أهل البيت عليهم السلام قد جَمَعه » ، لأنه إذا كان علي علي السلام قد جمعه قبلهم ، فكيف يتأتى لهم أن يجمعوا ما كان مجموعاً ؟!
هذا مضافاً إلى أن الظاهر من أحاديث الباب أنها جاءت تؤكد حقيقة واحدة ، هي أن أئمة أهل البيت عليهم السلام علموا تفسير القرآن وفهموا معانيه كلها ، وعرفوا أحكامه كما أرادها الله سبحانه ، وأن أحداً من هذه الأمة لا يستطيع أن يدّعي أنه يعلم ذلك إلا هُم. وأما مسألة جمع القرآن بالمعنى الذي ذكره الجزائري فلم يكن مراداً بالحديثين الأولين ، ولم تحـمْ حوله باقي الأحـاديث الأُخـر المذكورة في هذا الباب.

( يتبع )