عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 06-05-2002, 10:59 AM
shaltiail shaltiail غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 342
إفتراضي

هذا غيض من فيض ، ولو شئنا أن نذكر كل ما وقفنا عليه من هذه
____________
(1) سنن ابن ماجة 1|49. مسند أحمد 1|7 ، 26 ، 38 ، 445 ، 454. المستدرك 3|227 ، 318 وصححه الحاكم على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي. مجمع الزوائد 9|287 أخرجه بطرق رجاله بعضها ثقات. وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1|29 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 5|379.
(2) مجمع الزوائد 9|288 قال الهيثمي : رواه أحمد والبزار ، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(3) صحيح البخاري 5|45 باب مناقب أبي بن كعب ، ص34 باب مناقب بن مسعود. صحيح مسلم 4|1913 كتاب فضائل الصحابة ، باب 22. سنن الترمذي 5|674. المستدرك 3|225 ، 527.
(4) فتح الباري 8|604.
--------------------------------------------------------------------------------

( 67 )

الأحاديث لطال بنا المقام ، وخرجنا عن موضوع الكتاب.
وهنا نسأل الجزائري : ألا تدل هذه الأحاديث الصحيحة على تكذيب قول الله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ؟
فإن أجاب : بأن هذه الأحاديث وأمثالها تدل على أن من آيات القرآن الكريم ما نُسخت تلاوته ، بمعنى أن آية الرجم وغيرها كانت مما أُنزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله ، إلا أنها نُسخت ، فأمر النبي صلى الله عليه وآله بإزالتها من المصاحف ونهى عن التعبد بتلاوتها.
قلنا له : إن ظاهر كثير من الأحاديث يدفع هذا التخريج ، فإن قول عمر : « لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتُها » دال ـ كما تقدّم عن الزركشي ـ على أن هذه الآية كانت ثابتة في كتاب الله ، إلا أن خوف عمر من الناس منعه عن كتابتها في المصحف .
كما أن جواب أُبيّ بن كعب بـ « نعم » ، لما سأله عمر عن إثبات « لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب » في المصحف ، دال بوضوح على أنها من القرآن ، ولم تُنسخ تلاوتها ، وإلا لما جاز إثباتها في المصحف.
وقول أبي الدرداء : « ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستزلّوني عن شيء سمعته من رسول الله » ظاهر في أن ( وما خلق الذكر والأنثى ) ليست من القرآن المنزل على النبي ، وإنما هو شيء أثبته القوم من عند أنفسهم.
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الدالة على ما قلناه.
هذا مضافاً إلى أن هناك أحاديث أُخر تصرِّح بأن التحريف وقع بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله :
منها : ما أخرجه مسلم ومالك والترمذي وأبوداود والنسائي وغيرهم عن عائشة ، أنها قالت : كان فيما أُنزل من القرآن « عَشر رضعات معلومات


--------------------------------------------------------------------------------

( 68 )

يُحرِّمن » ثم نُسخن بـ « خمس معلومات » ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وهن فيما يُقرأ من القرآن (1).
ومنها : ما أخرجه ابن ماجة وأحمد والدارقطني وغيرهم عن عائشة ، قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً. ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وتشاغلنا بموته دخَل داجن (2) فأكلها (3).
ومنها : ما أخرجه السيوطي عن عائشة ، قالت : كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائتي آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم يُقْدَر منها إلا على ما هو الآن (4).
وأخرج عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت : قرأ عليَّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة « إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلموا تسليماً وعلى الذين يصَلّون في الصفوف الأُوَل ». قالت : قبل أن يغير عثمان المصاحف (5).
وعن ابن عمر ، قال : لَيقولنَّ أحدكم : « قد أخذتُ القرآن
____________
(1) صحيح مسلم 2|1075 كتاب الرضاع ، باب 6. الموطأ ، ص324 كتاب الرضاعة ، باب 3. سنن الترمذي 3|456. سنن أبي داود 2|223 ـ 224. سنن النسائي 6|100. صحيح سنن أبي داود 2|389. صحيح سنن النسائي 2|696. إرواء الغليل 7|218. سنن الدارمي 2|157. السنن الكبرى 7|454. كتاب الأم 5|26.
(2) الداجن : هي الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم ، وقد يطلق على غير الشاة مما يألف البيوت كالطير وغيرها.
(3) سنن ابن ماجة 1|625 ـ 626. مسند أحمد 6|269. سنن الدارقطني 4|179. الدر المنثور 2|471 في تفسيره الآية 23 من سورة النساء. صحيح سنن ابن ماجة 1|328.
(4) الدر المنثور 6|560. الإتقان في علوم القرآن 2|52 ـ 53.
(5) الإتقان في علوك القرآن 2|53.
--------------------------------------------------------------------------------

( 69 )

كلّه » ، وما يدريه ما كلّه ، قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقُل : قد أخذتُ منه ما ظهر (1).
وثانياً : أن ما ذكروه من آية الرجم وغيرها لا يشبه أُسلوبها الأُسلوب القرآني ولا يدانيه ، بل هو كلام ألفاظه ركيكة ، ومعانيه ضعيفة ، لا يصح نسبة مثله إلى الله جل شأنه.
والحاصل أن دلالة هذه الأحاديث على التحريف ثابتة ، لا تندفع بما قالوه من نسخ التلاوة وغيره من الوجوه التي لا يخفى ضعفها.


* * * * *

قال الجزائري : هل يجوز لأهل البيت أن يستأثروا بكتاب الله تعالى وحدهم دون المسلمين إلا من شاؤوا من شيعتهم ؟!

أقول :
أما كتاب الله العزيز فهو بين أيدي المسلمين ، لم يرفعه الله تعالى منذ أن أنزله على نبيه الكريم صلى الله عليه وآله. وأما فهم معانيه الظاهرة والباطنه ومعرفة أحكامه فهو مما اختص الله به أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وأهل البيت عليهم السلام لم يألوا جهداً في هداية الناس وإرشادهم والنصح لهم ، إلا أن كثيراً من الناس أعرضوا عنهم ورغبوا عما عندهم ، وقدموا غيرهم عليهم.
وقوله : « أليس هذا احتكاراً لرحمة الله واغتصاباً لها ، يُنَزَّه أهل البيت عنه » كلام ركيك المعنى ، إذ كيف يتحقق احتكار الرحمة واغتصابها حتى يُنزَّه أهل البيت عليهم السلام عنها ؟!
إن رحمة الله سبحانه واسعة كما قال الله في كتابه العزيز
____________
(1) المصدر السابق 2|52.
--------------------------------------------------------------------------------

( 70 )

( ورحمتي وسعت كل شيء ) (1) ، إلا أنه تعالى قد يختص بعض عباده برحمة منه كما قال ( والله يختص برحمته من يشـاء والله ذو الفضل العظيم ) (2) ، وقال ( نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ) (3).
وفهْم أهل البيت عليهم السلام معاني القرآن ومعرفة أحكامه رحمة اختصهم الله سبحانه وتعالى بها فيما اختصّهم به ، وهذا لا محذور فيه.


* * * * *

قال : اللهم إنا لنعلم أن آل بيت رسولك بُرَآء من هذا الكذب ، فالعن اللهم من كذب عليهم وافترى.

أقول :
لقد أوضحنا فيما تقدم أنا لم نقُل إن كل إمام من أئمة العترة النبوية الطاهرة جمع ألفاظ القرآن الكريم في مصحف ، فإنا قد بيَّنا فساده.
بل الذي ذهب إليه مَن وقفنا على قوله من علماء الشيعة الأبرار أن القرآن كان مجموعاً في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله غير متفرق.
فقد ذكر أمين الإسلام الطبرسي رضوان الله عليه ( ت 548هـ ) ما أفاده السيد المرتضى رحمه الله في هذه المسألة إذ قال :
وذكر [ في أجوبة المسائل الطرابلسيات ] أيضاً أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعاً مؤلَّفاً على ما هو عليه الآن ، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يُدرَس ويُحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنه كان يُعرَض على النبي صلى الله عليه وآله ويُتلَى عليه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأُبَي بن كعب
____________
(1) سورة الاعراف ، الآية 156.
(2) سورة البقرة ، الآية 105.
(3) سورة يوسف ، الآية 56.
--------------------------------------------------------------------------------

( 71 )

وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتَّباً غير مبتور ولا مبثوث. وذكَر أن مَن خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يُعتَد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحَّتها ، لا يُرجَع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته (1).
وقال السيد شرف الدين قدس سره : إن القرآن عندنا كان مجموعاً على عهد الوحي والنبوة ، مؤلَّفاً على ما هو عليه الآن ، وقد عرَضه الصحابة على النبي صلى الله عليه وآله وتَلَوه عليه من أوله إلى آخره ، وكان جبرئيل عليه السلام يعارضه صلى الله عليه وآله بالقرآن في كل عام مرة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتين ، وهذا كله من الأمور الضرورية لدى المحقّقين من علماء الإمامية ، ولا عبرة ببعض الجامدين منهم ، كما لا عبرة بالحشوية من أهل السنة القائلين بتحريف القرآن والعياذ بالله ، فإنهم لا يفقهون (2).
وهذا ما دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة ، فقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي وأحمد والطيالسي وغيرهم ، عن أنس رضي الله عنه أنه قال : جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وآله أربعة كلهم من الأنصار : أُبَيّ ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد بن ثابت (3).

* * * * *

( يتبع )