الرجوب - بقية
ومع اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2000 لم يحدث تغير في موقف الرجوب من حماس والجهاد ، وإن كانت مهمته قد تعقدت بدرجة كبيرة ، حيث انضم العديد من كوادر فتح " الشرفاء " لعمليات الانتفاضة ، وهو ما شكل حرجا كبيرا للرجوب ، فالتعامل مع رجال فتح يحتاج الى توازنات وحسابات معقدة ترتبط مباشرة بمواقع القوة والنفوذ داخل فتح ، وبرغم ذلك فان صحيفة " يديعوت احرونوت " ذكرت للرجوب ورجاله " انه بينما شرع الكثير من أعضاء الأجهزة الأمنية المختلفة في المشاركة في العمليات ، كان الحال مختلفا عند جبريل الرجوب ، فأتباعه انصاعوا لأوامر قادتهم ولم تحدث حادثة واحدة شارك فيها عناصر الأمن الوقائي في عمليات، وعلي هذه الخلفية أحجم الجيش الصهيوني عن مهاجمة منشآت الرجوب " .
وأدى ذلك الموقف من الرجوب ورجاله إلى حمل القادة الميدانيين لحركة فتح على توجيه انتقادات عنيفة له ، واتهم حسام خضر احد قادة فتح في نابلس - على خلفية عملية اغتيال صهيونية لأربعة من قادة حماس بنابلس - " أناسا في السلطة الفلسطينية بأنهم ما زالوا يصرون على لعب دور الشرطي ل"إسرائيل" والسهر على أمنها والغدر بالمواطنين والشرفاء من أبناء شعبهم والإغراق في التنسيق الأمني ، والاستمرار في اعتقال المناضلين والشرفاء وملاحقتهم " .
واتهمت " فتح " في بيان لها الرجوب وجهازه بان دوره " لم يقف عند عدم المشاركة فيما يجري بل تعداه إلى لعب دور موازٍ ومرادف لدور الاحتلال عندما تم تحويل اخوتنا في الجهاز إلى مجرد حراس على أمن الصهاينة وإلى مجرد مرددين إلى دعاية نفسية قاتلة حول عدم جدوى المواجهة والمقاومة " بحسب البيان ، واصفة مقر جهاز الأمن الوقائي في بيتونيا بأنه " وكر تتم فيه مؤامرات خطيرة حيث يتردد عليه ضباط المخابرات الصهيونية والأمريكية ".
وجاءت عملية تسليم الرجوب لأعضاء المقاومة المحتجزين في مقر الجهاز في بيتونيا لقوات الاحتلال لتكسر كل الخطوط الحمراء الفلسطينية ، فالرجوب كما تؤكد صحيفة " يديعوت احرونوت " الصهيونية " كان الشريك النشط في التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني وهو الذي منع أتباعه من المشاركة في العمليات وهو الذي واصل الاحتفاظ بأتباع حماس في السجن، إلا أن دولة الكيان خانته ذلك لأن احتلالها لقيادته وضبطها لسجناء حماس الموجودين فيه حوله إلى متعاون في نظر أبناء شعبه".
ويؤكد الشيخ أحمد ياسين زعيم حركة حماس أن الرجوب ارتكب خطأ فادحا بعدم الإفراج عن المعتقلين من حماس والجهاد والجبهة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى قبل اقتحام المقر من جانب قوات الاحتلال ، وأكد ياسين أنه اتصل بالرجوب عدة مرات قبل الاقتحام والتسليم وكذلك صدرت له ( الرجوب ) أوامر من السلطة بالإفراج عن رجال المقاومة وتركهم يقاومون ، لكنه رفض وقام بتسليمهم للعدو .
ولم تقتصر الاتهامات الموجهة للرجوب فقط على حماس والجهاد ، بل تعهدت حركة فتح أنها ستثأر لمعتقليها من الرجوب ، الذي اتهمته بالخروج عن الصف الوطني الفلسطيني ، مؤكدة أن " الرجوب في حالة اختفاء الآن ، لكنها ستصل إليه ، وتعرف كيف تثأر لمناضليها ولسائر المناضلين الوطنيين الشرفاء من الذين باعوهم لقوات الاحتلال " . كما أدانت السلطة تصرف الرجوب ، خاصة وان عرفات ( المحاصر ) أصدر أوامره لأفراد الأجهزة الأمنية بالصمود ومواجهة العدوان وعدم الاستسلام بأي شكل من الأشكال .
ومن جانبها ذكرت صحيفة " الجارديان " البريطانية أن عملية تسليم المقاومين جاءت بعد وساطة أمريكية، ولمحت إلى وجود علاقة وثيقة بين العقيد الرجوب والسلطات الأمريكية.
ولعل ما يزيد من شكوك البعض في نوايا الرجوب أنه تم الإفراج بسرعة عن رجال الرجوب الذين سلموا أنفسهم وأسلحتهم في مشهد مخزي بثته ومحطات التليفزيون ، في حين أبقت على 30 من رجال المقاومة منهم : 6 من كتائب القسام ، 6 من كتائب شهداء الأقصى ، وأحد عناصر الجهاد .
ويرى بعض المراقبين أن ما حدث في بتونيا حلقة من مسلسل الصراع على خلافة عرفات ، فالدوائر الأمنية الصهيونية طرحت اسمي الرجوب ودحلان كأحد البدائل المقترحة لخلافة عرفات ، ولكن اسم الرجوب برز أكثر من دحلان بوصفه أكثر ليونة وطواعية من الأخير ، ولعل تلك الليونة هي التي دفعت المبعوث الأمريكي انتوني زيني الى ان يطلب من عرفات تعيين الرجوب قائدا للأمن الوقائي في غزة إضافة للضفة.
ويبدو أن عرفات أدرك - متأخرا - مدى تغلغل الرجوب داخل الدوائر الصهيونية والأمريكية ، لذلك فإنه قرر استبعاده من طاقم التفاوض مع الصهاينة في حين أبقى على عضوية دحلان لفريق المفاوضات ، كما أن واقعة " الصفعة " الشهيرة التي وجهها عرفات للرجوب على خلفية مشادة حادة بين الرجلين ، اتهم خلالها عرفات الرجوب بـ " أنه يريد أن يحل مكاني" ، تدل على مدى تدهور العلاقة بين الرجلين ، خاصة وأن بعض المصادر اتهمت الرجوب بالوقوف وراء المنشور الذي نسب لحركة فتح وتضمن قرارا بحل كتائب شهداء الأقصى المحسوبة على الحركة ، وهو ما أثار غضب عرفات ، الذي يؤكد البعض انه دعم الكتائب بشكل غير مباشر في محاولة لرفع شعبيته المتدهورة في الشارع الفلسطيني.
وبغض النظر عن كون الرجوب متعاونا مع سلطات الاحتلال أم طامحا في خلافة عرفات ، فإن الرؤية الواضحة للموقف تؤكد أنه بدأ السير في طريق النهاية ، ولعل ذلك ما دفع أحد المحللين الصهاينة إلى القول بأن الرجوب دفع ثمنا باهظا بفعل الانتفاضة ، و إذا أردنا الدقة أكثر فلدينا المصطلح الذي أطلقه احد الصحفيين العرب على الأحداث الأخيرة في فلسطين مؤكدا أنها " الكاشفة " .. وحقا إنها الكاشفة !!!
أسماء المجاهدين الذين سلمهم الرجوب :
نشرت صحيفة " هآرتس " الصهيونية قائمة بأبرز المعتقلين الذين تم أسرهم خلال الاقتحام الصهيوني لمقر جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في رام الله ، والتى اتهمت فصائل المقاومة قائد الجهاز العقيد جبريل الرجوب بعقد صفقة مع سلطات الاحتلال لتسليمها هؤلاء المقاومين ، بعدما رفض كل النداءات بالإفراج عنهم أو منحهم أسلحة لمقاومة القوات الصهيونية.
وقد نشرت الصحيفة الأسماء مع نبذه بأهم الاتهامات - لائحة الشرف - التي توجهها دولة الكيان لهم وذلك كالآتي :
بلال البرغوثي (26 عاماً) من حماس من قرية بيت ريما قرب رام الله، وهو عضو في منظمة حماس وخبير بإعداد عبوات ناسفة، وكان البرغوثي سجيناً لدى جهاز الأمن الوقائي، لكنه كان يخرج في إجازات ويستمر خلالها بالعمل، وحسب الادعاءات الصهيونية زود البرغوثي حماس وتنظيم فتح بالعبوات التي استخدمت في عملية مطعم " سبارو " بالقدس وكان عضواً في خلية نفذت عملية الـ دولفنريوم بتل أبيب وعملية استشهادية أخرى بالتلة الفرنسية في القدس مؤخرا .
سليم حجة (30 عاماً) من قادة الذراع العسكرية لحركة حماس في شمال الضفة، ووفقاً لادعاءات الكيان أشرف حجة على مختبر المواد المتفجرة التابع لحركة حماس في مدينة نابلس ونسق بين شبكتي حماس في نابلس ورام الله، وهو المسئول عن نقل الاستشهادي الذي نفذ عملية مطعم سبارو وشارك بالعمليات في دولفنريوم وفي حي حليصة بحيفا.
إبراهيم أبو الرب (25 عاما) من بلدة بيتونيا خبير بالعبوات الناسفة وعضو في حماس. وحسب الادعاءات الصهيونية هو الذي اعد العبوة الناسفة التي انفجرت في شارع الأنبياء بالقدس في سبتمبر الماضي وساعد بإعداد سيارة مفخخة انفجرت في مستوطنة بسغات زئيف.
أشرف ناجي (26عاماً) عضو في حركة فتح من مخيم اللاجئين الأمهري قرب رام الله شارك حسب الادعاء الصهيوني بإطلاق النار على مستوطنة النبي يعقوب، في شباط الماضي وفي العملية التي وقعت في مطعم سيفود ماركت بتل أبيب.
ويليام خطيب (26 عاماً) من بيت ريما عضو في حركة فتح ووفقاً للادعاءات الصهيونية ترأس خلايا قامت بإطلاق النار ووضع عبوات ناسفة في شارع نفيه تسوف ـ عطروت شمال القدس.
هيثم حمدان 23 عاماً عضو في منظمة فتح ، ووفقاً لادعاءات الكيان كان عضواً في خلية نفذت عمليات إطلاق نار في القدس وفي شارع 443.
أحمد العاصي 27عاماً من كبار أعضاء فتح ، الذين نفذوا عملية في سيفود ماركت بتل أبيب وكان المسئول عن شراء المتفجرات التي استخدمت لإعداد أحزمة ناسفة قدمت لأعضاء تنظيم فتح الاستشهاديين.
أحمد علي أبو طه (22 عاماً) عضو في خلية البرغوثي وأبو الرب، وهو الذي أدخل سيارة مفخخة إلى بــسغات زئيف والاستشهادي الذي قام بعملية في شارع الأنبياء بالقدس
|