عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 08-05-2002, 04:47 PM
khatm khatm غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2002
المشاركات: 148
إفتراضي

كما أن هذا الحزام ساعد أبناء الحركة على مد أيديهم لإخوانهم من الشيعة بإحلالهم محل منازل غيرهم. وهنا سنرى كيف استفادت الحركة الشيعية من هذا الحزام، وكيف تم استغلاله بصورة تصب في الأهداف العامة للحركة، واستعراض هذا الجزء من التجربة فيه بلا شك إفادة وإشارة. أما المصليّات فكانت أربعة: «المصلى الأول: (الإمام الباقر) ناحية الروشة، غـير بعيد من الصخرة ـ المعروفة ـ ، أقيم مكان مقصف وعلبة ليل رخيصة كانت تحفهما فنادق ومطاعم ومقاهٍ، بعد أن اتخذها الفلسطينيون المسلحون موئلاً ومعقلاً وملجأ، ولم يكد الفلسطينيون يخلونها حتى حل في أبنيتها التي لم تكتمل بعض أهالي الجنوب، وتبعهم أهالي كيفون، والقماطية، والبلدتان سكانهما من الشيعة وتقعان بدائرة «عاليه» الانتخابية التي يقتسمها الدروز والموارنة والأرثوذكس، ووقعت عشرات الأبنية ومنها ثلاثة فنادق سابقة في قبضة المسلحين، فأسكن المسلحون الشيعة المهاجرين والمهجّرين من الضاحية، وأنشؤوا مصلى الإمام الباقر في وسط المهجرين الشيعة، ونصبوا مذياعاً للصلوات والأدعية، وأقاموا من أنفسهم «شرطة أخلاق»، فمدوا طرفهم إلى المطعم القريب، وحرّموا تناول المشروبات الكحولية في شهر رمضان، وفي الأيام العشرة الأولى من محرم، وزينوا المصلى بالأعلام والصور، واتخذوه قاعدة للدعوة بالصورة والصوت.

أما المصلى الثاني (الإمام الصادق) فكان في بناء من أبنية الحمراء يقع خلف سينما ستراند، في شارع احتُلت بعضُ أبنيته الجديدة التي لم يتم إنشاؤها، وبعضُ أبنيتها القديمة التي كانت شققها مكاتب تجارية أو مكاتب مهن حرة، وأُنزل فيها الأهالي الشيعة الذين نزحوا من حي فرحان ومن حي ماضي، وأُخليت إحدى الشقق في بناء يقع بالطرف الغربي من بناء صالة ستراند، وأُخرج مكبر صوت إلى الشوارع التجارية الكبيرة وإلى الأبنية التي يقيم في معظم شققها من بقي من مسيحيي رأس بيروت، ومن الأرمن والسُّنَّة. وحاول أنصار الحركة الإسلامية الخمينية إتباع إنشاء المصلى بإنشاء لجان له، فصدر بيان باسم لجنة اجتماعية في المصلى يدعو إلى علاج الغلاء، وإلى ضبط العملات الأجنبية، ثم اقتصر نشاط القائمين عليه على لصق صور علماء الشيعة وقادتهم في المناسبات.

وأقيم المصلى الثالث (الإمام الحسين) في ناحية القنطاري غير بعيد من برج المر.

وأقيم المصلى الرابع (المصطفى) بعين المريسة، في وسط ناحية يتنازعها السنة الذين سبقوا إليها، والدورز، والشيعة الذين وجدوا بها ملاذاً شعبياً رخيصاً في العقد الخامس، ثم طرأ على الناحية تغير عميق من جراء انتشار الفنادق الفخمة والشقق المفروشة والمقاهي والمقاصف وعلب الليل. وهذه الفنادق والشقق أخلتها الأعمال الحربية ودمرتها وأسكنت في بقاياها وبين أنقاضها الذين قسروا على النزوح من برج حمود والنبعة... الخ. وإذا كان للمساجد مشايخ يأمون مصليها، فالمصليات لم يكن لها مثل هؤلاء إلا لماماً، إلا أن بعضها كان يعلن في الصحف عن زيارة أحد العلماء للمصلى، وعن الحديث الذي تحدث به في أثناء زيارته. ومع خلـوّ المصلى من عالم دين مقيم فإن ذلك لا يعني أن المصلى لا يذيع الأدعية الشيعية، وبعضها باللغة الفارسية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولا يدعو إلى خير العمل، ولا يخلو جدار من الجدران التي تحف المصلى وبناءه من صور الشهداء، والملصقات الخمينية المختلفة. ويرفع المصلى في ذكرى الأيام الكبيرة: عاشوراء، مولد المهدي، يوم الغدير، 17 رمضان، ويوم القدس اللافتات والأعلام فوق الطرق القريبة، وتذاع الأدعية المناسبة، ويدعو المذياع إلى الاجتماع أو إلى التوجه إلى مكان احتفال هام. ولا تقتصر شبكة الحركة الإسلامية الخمينية على المساجد والنوادي الحسينية والمصليات البيروتية هذه، فانضمت إليها حسينيات وادي أبو جميل ومدينة الكرامـة (حي السُّلَّم) ، وبرج البراجنة، ومسجد الطيونـة؛ إلا أن هذه الأماكن لا يرد ذكرها ولا يشار إلى استعمال الحركة الإسلامية الخمينية لها إلا في معرض خطبة أو تأبين، وقلما يتجاوز الخبر هذا المعرض إلى غيره. أما خارج بيروت، فيدور نشاط الخمينيين على عدد من المساجد والحسينيات التي يتولى الصلاة فيها أو يرعى شؤونها دعاة الحركة من علماء الدين، وغالباً ما يتفق الاحتفال في البلدة مع سقوط أحد أفراد الحركة من أهل البلدة فتكون إحياء ذكراه جسراً إلى أقربائه وإلى أهالي بلدته. وتتصدر بلدات الجنوب اللبناني بمساجدها وحسينياتها نشاط الدعاة الخمينيين؛ ففي صور؛ حيث مدرسة من المدارس الدينية الإيرانية «حسينية» تستقبل على الدوام تظاهرات الإسلاميين، وكذلك نادي الإمام الصادق الذي يقوم مقام حسينية ثانية. وتعد صور من بين الأرياف اللبنانية الفقيرة التي تأخرت هجرة أهلها إلى بيروت، لكن هجرتهم كانت مبكرة جداً إلى فلسطين وإلى المهاجر الإفريقية والأمريكية، وإلى ذلك؛ فقد أدت هجرة أهل الريف الصوري إلى صور إلى طبع المدينة البحرية بطابع سكاني وطائفي جديد؛ فبعد أن كانت الغلبة للسنة والمسيحيين على المدينة، انتقلت الغلبة إلى الشيعة المهاجرين من الأرياف العاملية القريبة على نحو حاد، من غير أن تملي المدينة الصغيرة على المهاجرين إليها التطبع بطباع مدنية أو التأدب بآداب جديدة. أما في البقاع فتتصدر بعلبك نشاط الشيعة قبل مقدم الحرس الثوري في صيف 1982م وبعده. وكان يخطب السيد عباس الموسوي من بلدة النبي شيت في جامع الإمام علي في المدينة ويؤم في صلاة الجمعة مصليها. وخطب المصلين وأمّهم كذلك الشيخ صبحي الطفيلي. وفي جوار بعلبك في عين بورضاي أنشأ الإيرانيون حوزة الإمام المهدي وأوكلوا إدارتها إلى الشيخ محمد يزبك. وإلى أعباء إدارة الحوزة والتعليم بها ينهض محمد يزبك بإمامة مسجد بوادي غرب بعلبك، وبين اليمُّونة وإلى شمال اللبوة، وغير بعيد من عرسال، تقوم بلدة النبي عثمان، وإمام جمعتها الشيخ محمد حسن.

وإلى الجنوب من زحلة تقوم مشغرة في وسط ناحية مختلطة ومتنازعة إلى أن تم الاستيلاء على البلدة وحمل الشطر المسيحي الكاثوليكي من أهلها على تركها. هذه الخريطة لأبرز المساجد والحسينيات والمصليات التي يتخذ منها الإسلاميون الخمينيون «خلايا» دعوة وتعبئة»(2).

--------------
(1)جريدة النهار اللنبانية، 27/4/1987م.
(2)دولة حزب الله، 235 ـ 239 بتصرف.

الانقلاب على «أمل»!!

يقول ميثاق حركة أمل: «إن حركة أمل ليست حركة دينية، وميثاق الحركة الذي تمت صياغته في عام 1975م، من قِبَل 180 مثقفاً لبنانياً معظمهم من المسيحيين!! يدعو إلى إلغاء النظام الطائفي في البلاد وإلى المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز.

ومؤسس الحركة الإمام موسى الصدر لم يكفَّ عن تكرار أنه تم تأسيس حركته للدفاع عن الطبقات المحرومة(1). وعندما نجحت الثورة الإيرانية كانت نقطة تحول كبيرة في الحركة الشيعية في لبنان؛ فقد تحقق جزء كبير من حلم الدولة الثلاثية، وأصبحت هناك دولة دينية شيعية آلت على نفسها منذ اليوم الأول لها تصدير ثورتها، وكان من شعاراتها المعلنة: نصرة المستضعفين في كل مكان. وكان على هذه الدولة الجديدة أن ترد الجميل لأهلها في لبنان؛ فقد احتضنوهم بالمأوى والتدريب، وكان رد الجميل سريعاً، فأمدوهم ـ بعد الدفعة المعنوية الكبيرة بنجاح الثورة ـ بالمال والسلاح والرجال والتخطيط. وهكذا ـ وبسرعة أيضاً ـ تم الإسفار عن الوجه المطلوب إظهاره في لبنان، وهو ذلك الوجه الكامن المختبئ إلى حين، وجاء موعد خروجه من كمونه، ولكن ما زالت «أمل» هي الصورة الواضحة في لبنان كممثل رسمي لشيعته، ولكن «أمل» بهذه الوجهة «العلمانية» أصبحت مرحلة مضت يجب تجاوزها؛ لأنها ستمثل عائقاً في طريق إكمال السعي للأهداف الجديدة، وبما أن الهدف من إيجاد «أمل» كان إخراج الفلسطينيين وحماية الشيعة منهم، فها هو الاحتلال الإسرائيلي لبيروت قد أخرج الفصائل المسلحة منها، كما أنه قد تمت تصفية عدد كبير منهم في مذابح مروِّعة قام بها اليهود والموارنة والشيعة.

وهكذا لم يعد لأمل دور تستطيع الدفاع عنه أو تنازع حوله، وعلى هذا فقد تم اتخاذ إجراءات عدة لزحزحة أمل من قلب الصورة إلى هامشها، وكان من ذلك:

1 ـ الضلوع في إخفاء الصدر أو قتله ـ كما مر ـ لإضعاف الحركة في أحد مراحلها.

2 ـ بروز خلافات «علنية» بين نبيه بري، ومهدي شمس الدين الذي كان نائباً لرئاسة المجلس الشيعي الأعلى؛ حيث كان الصدر ـ الغائب ـ لا يزال الرئيس، وسبب ذلك: عدم القبول بتصرفات بري ومنهجه «العلماني» !! وقد نقل راديو «صوت لبنان الكتائبي» أن المكتب الخاص لنائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى أعلن أنه لم تعد للقيادة الحالية لحركة أمل أي علاقة مع سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وقد أُبلغت القيادة الحالية لحركة أمل بهذا القرار في حينه(2).

3 ـ تصفية بعض الرموز المهمة في حركة أمل، أمثال: مصطفى شمران الذي كان له دور بارز في الحركة، وكان المسؤول التنظيمي فيها، كما تسلم إدارة المدرسة المهنية في جبل عامل التي أشرفت على تخريج كوادر أمل العسكرية بعدما حضر إلى لبنان يحمل خطاب تزكية من الخميني(3).

وبعد أن قامت الثورة استدعي لشغل منصب وزير الدفاع في إيران، وتم قتله أثناء زيارة للجبهة في الحرب مع العراق في ظروف غامضة(4).

4 ـ كان الخط الذي اتبعته «أمل» منذ بداياتها مع الصدر هو مد حبال الصلة مع الحكومة اللبنانية، وتمسكها «الظاهري» بشرعية الدولة، والسعي من خلال هذا الطريق لاستنقاذ حقوق الشيعة. وكان الاستمرار على هذه الطريقة هو مما يتعارض والهدف الجديد للحركة الشيعية في لبنان.

وجاء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، ودعا الرئيس اللبناني ـ وقتها ـ إلياس سركيس إلى اجتماع «هيئة الإنقاذ الوطني» وكان نبيه بري عضواً فيها، وقبلت القيادة الدينية حضور بري(5) باعتبار أن هذه الهيئة ستتحول إلى حكومة وطنية، وهو أحد أهداف بري وحركته في أن يكون لهم وجود حكومي قوي. وهنا أعلن أحد أبناء الحركة الخمينية الكامنة والمتدثرة بـ «أمل» انشقاقه عن «أمل» ورفضه لهذه المشاركة وأعلن «أمل الإسلامية» وكان هذا الرجل هو: حسين الموسوي، نائب رئيس حركة «أمل» وبهذا الانشقاق تم تفريغ «أمل» من كوادرها الخمينيين الذين انضموا إلى «أمل الإسلامية» وكان ذلك الإعلان الرسمي الذي تحول فيما بعد إلى «حزب الله» .

------------------------
(1) راجع نص الميثاق في: أمل والشيعة لـ «نورثون»، ص 229 ـ 264، وأمل والمخيمات الفلسطينية، ص 155.
(2)انـظر: أ.ر. نورثون، أمل والشيعة: نضال من أجل كيان لبنان، ص 155، وانظر: حركة أمل، مرحلة ما بعد الصدر، مجلة المجتمع، العدد: 958، ص 51، وانظر: أمل والمخيمات، ص 178.
(3)انظر: الإسلام الشيعي، ص 211، وانظر حوار نبيه بري مع مجلة الوسط، العدد: 278/26/5/1997م، وراجع بعض «بطولاته» في الحرس الثوري، ص 46 ـ 47.
(4)انظر: حركة أمل، مرحلة ما بعد الصدر، المجتمع، العدد/958، ص 50.
(5)انظر ذلك في حوار بري مع الوسط، العدد: 274، ص 18، والعدد، 277، ص 33.


تابع انشاء الله في موقع جديد يوم غد
__________________
khatm