عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 15-05-2002, 12:20 PM
shaltiail shaltiail غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 342
إفتراضي


ثانيا : إن قراءة هؤلاء للآية بهذه الطريقة ليس لأن عبارة – إلى أجل مسمى – هي من أبعاض الآية بل هو تفسير لها تأكيداً على أن الآية خاصة بزواج المتعة وربما تأكيدهم المستمر على القراءة بهذا الشكل وتسجيل البعض من هؤلاء لهذا التفسير في مصحفه إنما هو لإيمانهم بحلية هذا النوع من الزواج وأنه لم يرد ما يحرمه في قبال التيار الّذي يدّعي الحرمة .

قال : والإجماع منعقد على عدم جواز المتعة وتحريمها ولا خلاف في ذلك في علماء الأمصار إلا من طائفة الشيعة .

أقول : كما أسلفنا سابقاً أن الشيعة تقول بجواز المتعة وأنها حلال إلى يوم القيامة لعدم ثبوت الحرمة عندهم بدليل يعتمد عليه لا من كتاب الله سبحانه وتعالى ولا من سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ولا مما ورد من أحاديث عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأن الإجماع الّذي ادّعاه غير معتمد عند الشيعة . كما أن أقوال علماء أهل السّنة متضاربة حول الدّليل الدّال على الحرمة فالبعض يستدل بآيات من القرآن الكريم بينما البعض الآخر يلجأ إلى اثبات ذلك لا من الكتاب بل من خلال بعض الروايات التي تقول وتدّعي بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو التي حرّمها ونهى عنها وكل واحد من الأدلة التي استدلوا بها على ذلك – سواء من القرآن الكريم ومن الروايات – لا يصمد أمام النقد والأدلة المتضافرة التي يقدمها الشيعة على جوازها فهي واهية أمام دليل الجواز القطعي ، والحق أن الّذي نهى عن المتعة هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ( رض ) فقد ثبت عنه قوله وبأسنانيد مختلفة نقلها علماء أهل السنة في مصنفاتهم من تفاسير وكتب حديث وهو : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أنهى عنهما ، متعة النساء ومتعة الحج ) يراجع قوله هذا في المصادر التالية : التمهيد لإبن عبد البر ج 10 ص 113 و ج 23 ص 365 ، تذكرة الحفاظ ج 1 ص 366 ، ميزان الإعتدال في نقد الرجال ج 3 ص 153 ، علل الدارقطني ج 2 ص 155 ، المحلى لإبن حزم ج 7 ص 107 ، المغني لإبن قدامة ج 7 ص 136 ، سنن البيهقي الكبرى ج 7 ص 206 ، السنن لسعيد بن منصور الخراساني ج 1 ص 252 ، شرح معاني الآثار للطحاوي ج 2 ص 146 ، مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 52 ، تفسير الرازي ج 2 ص 167 ، بداية المجتهد ج 1 ص 346 ، أحكام القرآن للجصاص ج 1 ص 279 ، زاد المعاد في هدي خير العباد ج 2 ص 205 ، الدّر المنثور ج 2 ص 141 ، كنز العمال ج 8 ص 293 ، وفيات الأعيان ج 5 ص 197 ، البيان والتبيين للجاحظ ج 2 ص 123 .

وفي شرح التجريد للقوشجي متكلّم الأشاعرة ص 484 أن عمر قال : ( أيها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهنّ وأحرمهنّ وأعاقب عليهنّ ، متعة النساء ومتعة الحج ، وحي على خير العمل ) ( انظر أيضاً مفاتيح الغيب ج 10 ص 52 – 53 ) .

وقال الراغب الأصفهاني في المحاضرات ج 2 ص 94 : ( قال يحيى بن أكثم لشيخ البصرة : بمن اقتديت في جواز المتعة ؟ قال : بعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : كيف وعمر من أشد الناس فيها ؟ فقال : لأنّ الخبر الصحيح أنه صعد المنبر فقال : إن الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وإني محرمهما وأعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه ) .

وفي تفسير القرطبي ج 2 ص 392 قال : ( والوجه الثالث من التمتع هو الذي توعد عليه عمر بن الخطاب وقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج ) .

وفي كتاب المسند المستخرج على صحيح مسلم ج 3 ص 346 قال : ( حدثنا عبد الله بن محمد أنبأنا أحمد بن علي حدثنا أبو الربيع حدثنا حماد بن زيد عن عاصم الأحول عن أبي نضرة عن خالد قال : ( متعتان فعلمناهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عمر عنهما فلم نعد لهما ) ثم قال صاحب المسند المستخرج على صحيح مسلم : ( رواه مسلم عن خامد بن عمر البكراوي عن عبد الواحد عن عاصم .

وفي شرح معاني الآثار للطحاوي ج 2 ص 195 قال : ( حدثنا بن أبي داود قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد عن عاصم عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه قال : متعتان فعلناهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما عمر رضي الله عنه فلن نعود إليهما ) .

وفي مسند إمام الحنابلة أحمد بن حنبل ج 1 ص 52 قال : ( حدثنا بهز قال حدثنا عفان قالا : حدثنا همام ، حدثنا قتادة عن أبي نضرة قال : قلت لجابر بن عبد الله أن ابن الزبير – رضي الله عنه – ينهى عن المتعة ، وأن ابن عباس يأمر بها ، قال : فقال لي : على يدي جرى الحديث ، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال عفان : ومع أبي بكر فلما ولي عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال : إن القرآن هو القرآن وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الرسول ، وأنهما كانتا متعاتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء ) .

وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 136 يقول وهو بصدد التحدث عن أولويات عمر بن الخطاب : ( وأول من حرّم المتعة ...) .

ويقول القلقشندي في مآثر الأناقة في معالم الخلافة ج 3 ص 338 عند ذكر أوليات الخليفة عمر : ( وهو أول من حرّم المتعة بالنساء ) .

وعن ابن عباس أنّه كان يقول : ( ماكانت المتعة إلاّ رحمة رحم الله بها عباده ولو لا نهي عمر لما احتيج إلى الزنا ) ( انظر إلى قول ابن عباس هذا في كل من المصادر التالية : نيل الأوطار للشوكاني ج 6 ص 271 ، ناسخ الحديث ومنسوخه لإبن شاهين ج 1 ص 365 ، تفسير القرطبي ج 5 ص 130 ، شرح معاني الآثار ج 3 ص 26 ، مصنف عبد الرزاق ج 1 ص 475 .

وروى الطبري في تفسيره ج 5 ص 13 بسند صحيح قال : ( حدثنا محمد بن المثنى قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن الحكم قال سألته عن هذه الآية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم إلى هذا الموضع فما استمتعتم به منهن أمنسوخة هي قال لا قال الحكم قال علي رضي الله عنه لولا أن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى لا شقى ) .

وفي تاريخ الطبري ج 2 ص 579 عن عمران بن سوادة أنه جاء إلى عمر ناصحاً ثم ذكر له الأمور التي عابت الأمة عليه فكان مما قال له : ( ... وذكروا أنّك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث ، قال – أي عمر – إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى سعة .. ) .

ففي كل ما أوردناه دليلٌ واضح وصريح أن عمر هو الذي نهى عن المتعة ونسب ذلك إلى نفسه وليس إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ، ولو كان قد نهى عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحرّمها – كما يدّعى – لما تردد عمر عن نسبة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بدل أن ينسبه إلى نفسه لأنه أبلغ حجة في تحقيق مراده وردع الناس عنها .

قال : ( والحجة على تحريم المتعة قوله تعالى : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فثبت من هذه الآية أنه لا يحل للرجل إلاّ الزوجة أو ما ملكت يمينه وأن من ابتغى وسلك غير هذا فهو من العادين ، ولا يخفى أن الرجل إذا تولى امرأة بالمتعة فإنها ليست بمنكوحة له لأنه لا يشترط في المتعة شهود وليس لها نفقة ولا إرث ولا طلاق كما لا يشترط فيها التحديد بالأربعة ولا يجوز بيعها ولا هبتها ولا إعتاقها كما هي الحال في المملوكة فكيف صارت المتعة حلالا ؟ وكذلك قوله تعالى : " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " فمن خاف عدم العدل فليكتف بواحدة أو بما ملكت يمينه فأين المتعة ؟ فلو كانت حلالاً لذكرها لأن تأخر البيان عن وقت الحاجة لا يجوز . وكذلك قوله تعالى : " ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المؤمنات المحصنات فمما ملكت أيمانكم .... إلى قوله تعالى : " ذلك لمن خشي العنت منكم " فلو كانت المتعة حلالاً لذكرها ، وخاصة وقد ذكر ( من خشي العنت ) ولك يذكرها فدل على أنها حرام . وقال تعالى : " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله " فلم يأمر من لا يجد النكاح أن يتولى امرأة بالمتعة ويتمتع بها حتى يغنيه الله من فضله ( محصنين غير مسافحين ) . وتدل الآية على أن النكاح فيه إحصان وطهر وليس من ذلك في المتعة شيء . فكل هذا ظاهر في حرمتها ) .

أقول : أولا : لقد ثبت أن هناك جمع من الصحابة ممن يرى حلية وجواز المتعة وأنها حلال وأنها لم تحرم ففي كتاب نيل الأوطار للشوكاني ج 6 ص 270 قال : ( وقد روى ابن حزم في المحلى عن جماعة من الصحابة غير ابن عباس فقال : وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جماعة من السلف منهم من الصحابة أسماء بنت أبي بكر وجابر بن عبد الله وابن مسعود وابن عباس ومعاوية وعمرو بن حريث وأبو سعيد وسلمة ابنا أمية بن خلف ، ورواه جابر عن الصحابة مدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومدة أبي بكر ومدة عمر إلى قرب آخر خلافته ... وقال بها من التابعين طاوس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكة ) ثم قال الشوكاني في نفس المصدر : ( ثم ذكر الحافظ في التلخيص بعد أن نقل هذا الكلام عن ابن حزم من روى من المحدثين حلّ المتعة عن المذكورين ثم قال ومن المشهورين بإباحتها ابن جريح فقيه مكة ) وقال الشوكاني أيضا في نفس المصدر : ( ومن حكى القول بجواز المتعة عن ابن جريح الإمام المهدي في البحر وحكاه عن الباقر والصادق والإمامية ) .

وفي نيل الأوطار للشوكاني ج 6 ص 270 قال : ( قال ابن بطال روى أهل مكة واليمن عن ابن عباس إباحة المتعة وروي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة وإجازة المتعة عنه أصح وهو مذهب الشيعة )

وفي مسند الروياني ج 2 ص 260 قال : ( حدثنا عمرو بن علي حدثنا عبد الله بن هارون حدثني أبي عن محمد بن إسحاق حدثنا عبادة بن الوليد بن عبادة الصامت وكان من خيار الأنصار وفي بيوتهم الصالحة أن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب قال : إن أهل بيتي قد أبوا علي إلاّ هذه المتعة حلال وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن فيها وقد خالفتهم في ذلك فاذهب بنا إلى سلمة بن الأكوع فلنسأله عنها فإنه من صالح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم القدم ، قال فخرجنا نريده فلقيناه بالبلاط عند دار مروان يقوده قائده وكان قد كف بصره ، فقال الحسن : قف حتى أسألك أنا وصاحبي هذا عن بعض الحديث . قال له سلمة من أنت ؟ قال : أنا ابن محمد بن علي بن أبي طالب ..... قال : فما الذي تسألاني عنه ؟ قال له الحسن : متعة النساء ، قال : نعم ، قال : أي ابن أخي اكتما عني حديثي ما عشت فإذا مت فحدثا فإن شاؤوا بعد ذلك أن يرجموا قبري فليرجموه ، أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملنا بها حتى قبضه الله ما أنزل الله فيها من تحريم ولا كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا فيها من نهي ) .

وأنت كما ترى أن من المجوزين والقائلين بإباحة المتعة – حسب ما ذكر أعلاه - جماعة ممن هم على فهم دقيق بكتاب الله سبحانه وتعالى مثل الإمام علي والإمام الباقر والصادق وابن عباس ترجمان القرآن وحبر الأمة وابن مسعود فلو كانت هذه الآيات التي ساقها هذا الرجل مما هو يدل على حرمة نكاح المتعة لما كانت لهم مندوحة في القول بالجواز والحلية ، ولما أفتوا بإباحتها ، ومن ذلك علمنا أنه ليس في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم دليل يمكن الإستناد إليه في الحرمة وعدم الجواز ، وتشبث هذا الكاتب بهذه الآيات وتفسيره وتحليله المنكوس لها ثم لجوءه إلى الروايات بعد ذلك – كما سيأتي – ما هو إلا دليل على أنه يعوزه الدليل الذي يريد أن يثبت به مراده من القول بحرمة زواج المتعة ثم لإيهام القاريء أنه يوجد الكثير من الأدلة على حرمة المتعة وليس هو دليل واحد .

(يتبع)