[~~ ظايم الضد ~~]

لئن كان هذا الرد ( حامض أو قلوي ) ومكتنزا في دلالته فإني لأخشى تحجيم هذه الدلالات لما أن أبين لكم المعنى حســـــــب رؤيتي وحسب الأمر الذي يسعني معه أن أبقي النص مفتوحا في ابتغاء أن يمارس كل أحد منكم قراءته للنص وفق رؤيته هو وليس ثمة آخر يقـرأ عنه النص بالإنابة يجئ ذلك من لدني رغبة في أن نتجرد من الوصايــــــة على العقول كما هو شأننا عادة وهو الذي انتهى بنا إلى أحادية فـــــي القراءة والافتقار إلى إثراء النصوص بالقراءات المتباينة والتي يتفجر بهــــــا النص ذاته ليتمخض عن نصوص أخرى خرجت من عطف النص المقــــــروء نفسه وما كان لهذا الأمر أن يكون لو لا هذه القراءات المتغايرة.

لقد خشي البعض أن ينخدع بعض الناس ببريق الذهب فيأخذون في جمعه وتكديسه , فقرروا أن تصاغ من الذهب قيود المجرمين وأغلال المساجين , فعقاب الجريمة الفلانية قرط من الذهب يعلق بـالأذن وعقاب الجريمة الأخرى حلقة من ذهب يخرم بها الأنف أو عقد يطوق به العنق أو سوار يدور حول المعصم .

وبهذا حاولوا الإنزال من قدر الذهب حتى جعلوه من علامة التحقيـر وموضع السخرية والازدراء .. ولقد حدث ذات مرة أن بعثت بعض الشلل المتحالفة بمندوبيها إلى موقع يتميز بكثرة الذهب فيه .. فرأيت كيف استقبلهم الناس هناك ..
جاء المندوبين مثقلين بأحمال من الذهب في أعناقهم وعلى صدورهم , ظنا منهم أن ذلك يرفع منزلتهم في أعين الناس ، فلشد ما دهشوا حين رأوا أن الذهب هناك سمة المجرمين أو لعبة الأطفال , وقد سمعت طفلا وقف إلى جانب أمه أثناء مرور المندوبين يصيح قائلا : أنظري يا أماه كم بلغ هذا الرجل من السن وما زال يتعلق بلعب الأطفال فأجابته الأم قائلة : صه يا بني فلعله تابع من أتباع المندوبين جاءوا به ليكون منهم موضع الضحك .

لهذا أدهش أهل المكان أن يعلموا عن أهل المواقع الأخرى أنهم يقيسون منزلة الرجل وثقافته بنسج ردائه فإن كان الرداء رقيق الغزل كان الرجل شريفا نبيلا وإن كان غليظ الخيوط كان صاحبه من عامة الناس .
وتساءل أهل المكان قائلين في عجب : أما يدري هؤلاء أن الصوف الذي صنعت منه الثياب - رق غزلها أم غلظ - كان غطاء لجلود الخراف وكانت الخراف بصوف جلودها ذاك في منزلة سواء؟
وإنا أهل ذاك المكان نتندر فيما بيننا بما سمعناه عن أناس وقــوم الأماكن الأخرى , من أن الغبي الأبله فيهم يمكنه أن يستذل من هم أحكم منه وأعقل إذا كان في حوزته كومة من ذهب فإن تحولت كومـة الذهب إلى خادمة أصبح الخادم من فوره سيدا والسيد خادما..!!


لي عودة لتكملة هذا الرد ...