عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 27-05-2002, 07:52 AM
عساس العساس عساس العساس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 245
Lightbulb بيانٌ ونصحٌ لِلمسلمين بعامة ـ بقلم: د.عدنان النحوي.

بيــــانٌ ونصــــحٌ لِلمسـلمــــين بـعـامـــة ـ بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي.
http://152.160.23.131/alasr/content/...FDFD0E509.html

19/5/2002م.
بسم الله الرحمن الرحيم

1ـ لمحة عن واقع المسلمين اليوم:

مع هذه الأحداث الجسام المروِّعة في أرض فلسطين وغيرها من أرض الإسلام، يقف المؤمن ليتأمل ويتدبّر، ويبحث عن العبرة والعظة، والمنفذ والمخرج، من هذه الظُلمة والحيرة التي طال مداها. لقد قدّمت الأمة دماءً كثيرة ومالاً كثيراً وبطولات رائعة، فلماذا الهزائم؟!

وحين نحييِّ المؤمنين الصادقين المجاهدين، وحين ندعو لكل من قُتِل في سبيل الله أن يتقبله الله شهيداً عنده، فإننا في الوقت نفسه نبحثُ في أعماق واقعنا وأعماق أنفسنا عن أسبابِ الوهن ومظاهر الخللِ، لِيكون هذا هو أول الطريق إلى النجاة، ولِيكون العـلاجُ هو الخطوة المُمتدة على الدرب، خُطوة لا تُعطِّـل خطوةً أُخرى، ولكن تدعمُها وتقوِّمُها. فلا يُعقَـل أن ندخل المعركة ونحن نحملُ الوهنَ واضطرابَ الصورة وفقدان النهجِ واختلاف الرؤية والهدف.

لا يختلفُ اثنان في أن المسلمين اليوم يمرّون بِهزائم متتالية، وفواجع صاعقة ومجازر تتدفّق فيها الدماء، وتتطاير فيها الأشلاء ! ويصوّر الإعلام العالميّ الأحداث على النحو الذي يريده ويناسب أطماعه وعدوانه وجرائمه. ولكننا نحن نردّ ذلك إلى منهاج الله ردّاً أميناً لنخرج بنتائج حقيقية، بعبرٍ ومواعظ تشق لنا الطريق بإذن الله.

إن الأحداث الجارية في هذه اللحظات على أرض فلسطين مروّعة مفجعة، يزحف شارون، ومِنْ ورائه اليهود وأحلافهم، بدباباته ومروحياته وطائراته، وجنوده المدجَّجين، على مدن الضفّة الغربيّة تدميراً وتقتيلا ومحاصرة، ومنعاً لوسائل إسعاف الجرحى، واغتصاباً للنساء ودفناً لبعض الجثث في مقابر جماعية. والعالم كلـه يتطلّع، ومليـار مسلـم في الأرض مشلولون، وأمريكا تظل تعطي " شارون " الضوء الأخضر ليمضي في جرائمه، ويخرج تصريح من هنا وتصريـح من هنـاك، ومندوب يحضر ومندوب يعود، كل ذلك لإعطـاء شارون أطول فرصة ليمعن في جرائمه. وتظل دولة اليهود تتحدّى مجلس الأمن وقراراته وهيئة الأمم المتحدة وقراراتها، ويتحدّون " بوش " وقراراته ظاهرياً.

والأحداث لا تقتصرُ على فلسطين وحدها، وإنما هي مُمتدة بمجازرها وفواجعها إلى أرضِ الإسلام كلها، عدوانـاً وإجرامـاً.

إن ما حدثَ في مدينة جنين ومخيَّمها، ومدينة نابلس، ومدينة بيت لحم، وسائر مدن فلسطين، أعظم من كل ما يمكن أن يتصوره الإنسان. تقتيل بالرجال والنساء والأطفال والشيوخ تقتيل بالرصاص والمدافع والصواريخ وكل وسائل الفتك.

حصار رام الله حصاراً عنيفاً، حصـار كنيسة المهـد، وصمت من العالم, وكأنه يعطي شارون الضوء الأخضر لليهود ليمضوا في جرائمهم، حتى يستأصلوا ما يسمونه " الإرهاب "، وهم الإرهاب والعدوان والظلم والإجرام.

فلسطين الآن كلها مباحة لليهود: أرضاً وبشراً وأعراضاً وأموالاً. كلها مباحة لهم، فمنها ما استباحوه استباحة مروّعة، ومنه ما هو مُعرّضٌ لِذلك اليوم أو غداً إِلا أَن يشاء الله.

2- المسؤولية عن هذا الواقع المُمتد:

لا يختلفُ مُؤمنان في أنّ كلَّ ما يجري في الكون والحياة، من أمرٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، هو بقضاء الله وقـدره على حكمة بالغةٍ وقدرٍ غالب وحقٍّ لا ظلم معه أبداً. ومن هنا وجبَ علينا شرعاً أن ننظرَ في أنفسنا، في واقعنا، فالخلل فينا، والأخطاء منا، والتقصير جليٌّ كبير!

إنّ الله لا يَظلمُ، وقد حرّم الظلمَ على نفسه، وجعله بين الناسِ محرّماً ولكننا نظلمُ أنفسنـا:
(( إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ))[ يونس: 44] ؛ (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ))[الشورى: 30]، وآيات وأحاديث كثيرة تؤكد هذه الحقيقة الهامة, حتى ندرك أننا نحن المسئولون, وأن الوهن والخلل فينا نحن.

فجميعنا مسئولون, وكلنا مُحاسبون بين يديِّ الله يوم القيامة, ونبتلى بفتنة أو بعذاب من الله في الحياة الدنيا.

وتختلف المسؤولية من مستوى إلى مستوى, ونهيب بكلِ مسلمٍ, وبالدعاة والعلماء, أن يصدقوا الله فيوفوا بالأمانة التي وضعها اللهُ في أعناقهم, وبالعهد الذي أخذَهُ اللهُ منهم, نصحاً خالصاً لله, وبياناً بالحجةِ والدليلِ, وبذلاً على صراط مستقيم.

إن الخللَ في واقعِ المسلمين، خللٌ ممتدٌّ منذ زمنٍ بعيدٍ حتى يومنا هذا، مما يفرض علينا دراسة واقعنا دراسة أمينة نَرُدُهُ فيها إلى منهاجِ اللهِ – قرآناً وسنةً ولغةً عربيةً.

إن ما يجري اليوم لا يكونُ مفاجئاً إلا لِلغافلين النائمين، يُوقظهم هولُ الصواعق والفواجع والطوارق. إن ما يجـري اليوم هو نتيجة حتميّة لِمرحلة سابقة، والمرحلة السابقة نتيجة حتميّة لِما قبلها. ذلك لأن سننَ الله ثابتة ماضية في الكون والحياة، على حكمة لله بالغة وقدر غالب.

3- أهم مظاهر الخلل في واقعنا اليوم:

أ‌- إن أبرز مظاهر الخلل هجر الملايين من المسلمين للكتاب والسنّة، وجهل اللغة العربية، هجراً وجهلاً أورثا خللاً بعد خلل، ومرضاً بعد مرض، حتى استبدل الكثيرون من المنتسبين إِلى الإسلام لغات أُخـرى بلغـة الوحي والنبوة والذكر ـ اللغــة العربيــّة اختارها الله للإسلام.

ب‌- وطغى الجهل بين المسلمـين حتـى جهلوا الواقع وما يجري فيه، جهلوه ولم يردّوه إلى منهاج الله الذي جهلوه قبل ذلك.

ج‌- فاضطربت الرؤية وتضاربت التصوّرات.

ح‌- وتسلّل الأعداء من خلال ذلك كله أفكاراً ومذاهب، انحلالاً وتفلّتاً، وشركات وأجهزة خفيّة وعلنيّة، وجيوشاً زاحفة بعددها وعدّتها وعديدها، تحمل كلها أشكالاً متعدّدة من الفتن تفرضها حيناً بالقوة والإكراه، وحيناً بالزينة الفاتنة والزخرف الكاذب، فأَلفها الكثيرون حتى اتبعوها، ثمّ صاروا من دعاتها.

خ‌- وهاجت العصبيات الجاهليّة التي حرّمها الله ورسوله وامتدت.

د‌- حتى تمزَّقت الأُمة أقطاراً وشيعاً، ودار الصراع والشقاق، وفرح كلٌّ بما لديه، فوهنت القوّة وسقطت الديار، وتدفّقت الدِّماء في المجازر المتلاحقة، وتـوالت الهزائم والفواجع، ووقف الكثيـرون أمام ذلك حيارى يتساءلون: أنّى هذا؟! قلْ هو من عند أنفسكم!

ذ‌- غياب النهج والتخطيط وغلبة الارتجال وردود الفعل الآنيـة, وكثرة الشعارات التي لا تجد لها رصيدا في الواقع, وتبديل الشعارات مع تبدل الواقع لِتسويغ الهزائم أو لتغطيتها.

ر‌- كثرة الجدل والمراء في المجالس التي يقتل فيها الوقت, دون تنظيم للوقت ولا تدبـيـر لـه, حتى أصبح الوقت من أهم ما ضيعـه المسلمون.

ز‌- الخلل في منهج التفكير: فلا اتُّـبِعَ النهج الإيماني للتفكير الذي يدعو إليه الكتاب والسنة وقواعد الإيمان والتوحيد, ولا النهج المادي المحض, فاضطربت التصورات, وزادت الخلافات, وكأن التفكير فقد ضوابطه وتفلَّت في متاهات واسعة.

س‌- اجتمعت هذه العوامل كلها, فهبط الإنتاج في ميادين كثيرة, وضعفت القوى, وفاجأتنا الأحداث, وليس لدينا النهج ولا الخطة, ولا العدَّة التي أمر الله بإعدادها.

4- أهم وسائل العلاج:

أ- الوقفة الإيمانية: فإذا كنا نريد حقّاً النجاة من فتنة الدنيا وعذاب الآخرة على طاعة لله، وإذا كنا نريد النصر حقا, و نؤمـن أن النصر من عند الله، فلا بدّ من الوقفة الإِيمانية الصادقة، لنبحث عن سـبيل النجاة في منهاج الله، إن كنـا نؤمن بالله واليوم الآخر، لا في سُبُـل شتى لأعداء الله، الوقفة التي نطرح عنا فيها الكبر والغرور والإعجاب بالنفس، وتنافس الدنيا. ومن خلال هذه الوقفة ندرس واقعنا ونرده إلى منهـاج الله, كما ذكرنا, ونحدد أخطاءنا, ونرسم الخطة والنهج.

ب- التوبـة النصوح إلى الله: أما وقـد وقفنا الوقفة الإيمانية, ودرسنـا واقعنا, وحددنا أخطاءنا, فلا بد من التوبـة النصوح إلى الله, لتكون نفوسنـا ميداننـا الأول, ومعركتنا الأولى, في مجاهدة ممتـدة للنفس ماضية لا تتوقف. ((... وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) [ النور : 31 ].

ج- صدق الإيمان والتوحيد وصفاؤهما: فإذا صدقـت التوبـة ومجاهدة النفس مجاهدة ممتدة, فعسـى أن يهـدي الله القلـوب فيصدق إيمانها ويصفو التوحيد.

ح- طلب العلم من الكتاب والسنة واللغة العربية, ومعـرفة التكـاليف الربانية التي سنُحاسب عنها يوم القيامة: فمَـن أهـم وسائـل العلاج وأولها بعد صدق الإيمان وصفائه أن يعرف المسلم التكاليف الربّانيَّة التي وضعها الله في عنقه، والتي سيحاسَبُ عليها يوم القيامة. فـإذا كانـت التكاليف تبدأ بالشهادتين ثم الشعائر، فإن الله الـذي فرض ذلك هو الذي فرض طلب العلم على كل مسلم. فآيات وأحاديث كثيرة تحض على ذلك وتأمر به . ففي قوله سبحانه وتعالى: (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون... ))[ الزمر: 9 ] وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرويه عـدد من الصحابة: ( طلـب العلـم فريضـة على كـل مسلـم صحيح الجامع الصغير وزيادته /3913 ولقد أهمل الكثيـرون من المسلمين هذا التكليـف الربّاني وأهملوا تكاليف ربّانيّة أُخرى، فزاد هذا الإهمال من مظاهر الخلل، والفرقة، والصراع بين المسلميـن أنفسـهم، وتَسلُّلِ الأعـداء إلى أرض الإسـلام وحيـاة المسلمين. وطلب العلم أوله منهاج الله دراسة وتدبراً وممارسة. فمنهاج الله فيه النجـاة, وهو الحبل المتين. فتصبح القضية أن نحقق هذا ف الواقع, فلا يبقى شعارا لا رصيد له في ميادين الأمة وعزتها. ومن أجل ذلك لابد من وضع النهج المفصل الذي يعين على تحقيق ذلك.

د- النهج والخطة: حتى يتحقق هدف ما, لابد من وضع خطة تعين على ذلك. وأول ما يمكن أن تعين به الخطـة, هو إزالـة الفرقة وبناء الصف المؤمن الواحد.

هـ- بناء الصف المؤمن كما أمر الله : فقد كانت الفرقة أخطر ما يواجهه المسلمون اليوم، مخالفين بذلك أمر الله سبحانه وتعالى إِليهم: (( ولا تكونوا كالذين تفرَّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم ))[ آل عمران: 105 ] ؛ (( إنّ الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً لستَ منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم يُنبئهم بما كانوا يفعلون ))[ سورة الأنعام: 159 ] ؛ (( ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكّرون ))[ الأعراف : 3 ] ؛ (( واعتصموا بحبل الله جميعاُ ... ))[ آل عمران: 103 ] ؛ (( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص ))[ الصف : 4 ]، كيف رضي المسلمون أن ينزلوا الميدان ممزقين شيعا وأحزابا ! ثم يتساءلون لم الهزائم والهـوان.


######################

التتمة في الرد التالي، وجزاكم اللهُ خيراً جزيلاً على متابعتكم واهتمامكم، ...آمين.
__________________
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. " ؛ " يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيه. "